انضمت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال" إلى موجة الترويج لما يسمى "اقتصاد المعرفة" عبر قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. أعدّت المؤسسة دراسة بعنوان "فرص الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"، بهدف تشجيع المستثمرين على الاستثمار في هذا القطاع "الواعد"، وتقديم سلة من الحوافز والإعفاءات المالية العامة لهم، مثل الإعفاءات من ضريبة الدخل على الشركات، التي يمكن أن تصل إلى إعفاء بنسبة 100% لمدة 10 سنوات، خفض على رسوم تسجيل الأراضي، تسهيل منح الموظفين تصاريح عمل. كذلك تحل "إيدال" مكان جميع الإدارات العامة والهيئات والبلديات في منح التصاريح والتراخيص الإدارية باستثناء تلك الممنوحة من قبل مجلس الوزراء. سبق للمؤسسة أن ساعدت 3 شركات في هذا القطاع، هي:Navigate Lebanon، و Waves وMobile Broadband Wireless Access، وآخرها كان منذ 6 سنوات، وبناءً عليه عادت "إيدال" لتؤكد انخراطها في هذا القطاع بعدما تحوّل اهتمام الجميع، من مؤسسات ومصارف وشركات ومستثمرين، نحو هذا الاقتصاد في تسويق مركّز ومتواصل لتصويره على أنه "مستقبل البلد"، لتنجح أخيراً محاولات هذا "اللوبي" في الضغط من أجل إلغاء جزء كبير من الضرائب التي كانت ستشكل فرصة لإدخال المزيد من العائدات إلى خزينة الدولة، عبر سلة حوافز "إيدال". لكن لماذا كل هذا التركيز على هذا القطاع؟تكشف "إيدال" أن حجم سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان عام 2016، بلغ 436 مليون دولار، وتتوقع أن يصل نموّها إلى 9.7% بحلول عام 2019 ليبلغ حجم هذه السوق في لبنان 543.3 مليون دولار. فقد ازدهر قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المحلي بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 7% بين عامي 2014 و2016، وأسهم بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013. تتوقع "إيدال"، أن يتجاوز تأثير هذا القطاع على الناتج المحلي الإجمالي الـ 6 مليارات دولار عام 2017، وتقدر تأثيره في سوق العمالة بخلق 6000 وظيفة جديدة!

واقع سوق تكنولوجيا المعلومات

يعمل سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان عبر 3 مجالات فرعية تتصدرها الأجهزة (hardware) التي سجّلت أعلى نشاط في هذا القطاع، إذ بلغت مبيعاتها 262.2 مليون دولار عام 2016، وهي تشكل 60% من إجمالي حجم سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن المتوقع أن ينمو هذا الفرع بمعدل سنوي مركب نسبته 8.3% بين عامي 2016 - 2019. أما الفرع الثاني لهذا القطاع، فهو خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي شكلت 134.2 مليون دولار من حجم السوق عام 2014، أي 31% من إجمالي الإنفاق على هذا القطاع. يتوقع أن ينمو هذا المجال بمعدل سنوي مركب نسبته 12.3% بين عامي 2016-2019. والفرع الأخير هو تطوير البرمجيات الذي شكّل 40 مليون دولار من حجم السوق عام 2014، أي ما يعادل 9% من حجم سوق هذا القطاع، ويتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب نسبته 10.1% بين عامي 2016-2019.
تضم هذه السوق وفق إحصاءات "إيدال"، نحو 800 شركة غالبيتها شركات صغيرة ومتوسطة، ومعظمها شركات توزيع وبيع. ترى الدراسة أن هذا القطاع يتجه تدريجاً من أنشطة تجارة الجملة والتجزئة إلى الإبداع وابتكار المحتوى، خاصةً أن حصة الشركات التي تعنى بتقديم الخدمات وتطوير البرمجيات تبلغ 40% من إجمالي الشركات في هذا القطاع، مع العلم أن فرعي الخدمات وتطوير البرمجيات يوظفان نحو 5000 فرد، ويضمان نحو 202 شركة صغيرة ومتوسطة في الغالب. تعمل هذه الشركات في 3 أنشطة رئيسية هي: تطوير البرمجيات وتحديداً في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المصرفية، تطوير المواقع الإلكترونية وبشكل أساسي استضافة المواقع والتصميم والخدمات الإلكترونية، وأخيراً تقديم الخدمات الهاتفية وبناء التطبيقات وبشكل أساسي الألعاب والمصارف والدفع الإلكتروني.
تفيد الدراسة بأن 58.2% من شركات تطوير البرمجيات والخدمات موجودة في بيروت، مقابل 36.3% في جبل لبنان و5% في الشمال و0.5% في الجنوب.
في الواقع، يلعب لبنان دوراً رائداً كمصدّر أساسي للخدمات التكنولوجية وتطوير البرمجيات في المنطقة بعدما بلغت نسبة الصادرات المرتبطة بالخدمات التكنولوجية 23.2% من إجمالي حجم الصادرات عام 2015. كذلك، إن أكثر من 60٪ من شركات البرمجيات موجهة نحو التصدير، بحيث بلغت نسبة تصدير شركات تطوير البرمجيات 76%، شركات تطوير المواقع الإلكترونية 67% و شركات تطوير التطبيقات الهاتفية 66%.
ترى "إيدال" أن انخفاض كلفة العمالة في هذا المجال في لبنان مقارنة بكلفة العمالة في الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي هو ميزة تنافسية، إذ إن متوسط أجر مهندس البرمجيات أقل بنحو 37% من أجر مهندس البرمجيات في الخليج، وأقل بـ 50% من أجر مهندس البرمجيات في الدول المتقدمة. يبلغ أجر مهندس البرمجيات في لبنان نحو 20 ألف دولار سنوياً، في حين أن أجر مهندس البرمجيات في نيويورك يبلغ 89 ألف دولار سنوياً وفي الامارات العربية المتحدة 32 ألف دولار.

كيف ترى "إيدال" فرص الاستثمار في هذا القطاع؟

تتطلع "إيدال" بنحو رئيسي إلى تلبية احتياجات دول الخليج، تماماً مثل توجه رواد الأعمال اللبنانيين، واستكمالاً لسياسات الدولة القائمة على تلبية متطلبات السوق الخارجية، وبناءً عليه فإن تشجيعها الاستثمار في هذه المجالات يتركز أساساً على دراسة سوق الخليج وحاجاته في السنوات المقبلة، إذ تبيّن أنّ الإنفاق على هذا القطاع في المنطقة بلغ 212.9 مليار دولار هذه السنة، ما يشكل 6.1% من الإنفاق العالمي على هذا القطاع.
تستهدف "إيدال" هذا القطاع لأنها، وفق الدراسة، ترى عدداً من المزايا التنافسية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المحلي تسفر عن عدد من الفرص التجارية في القطاعات الفرعية الأساسية. نتحدث هنا عن 7 قطاعات فرعية لديها، وفق المؤسسة، مستقبل اقتصادي، هي: الألعاب الإلكترونية، الرعاية الصحية الإلكترونية، التسويق الإلكتروني، البرمجيات كخدمة SaaS، الإعلام الرقمي، الخدمات الاستهلاكية مثل التطبيقات والشبكات الاجتماعية وبناء المحتوى، وأخيراً الخدمات المالية والدفع الإلكتروني.

الألعاب الإلكترونية: نمو عالمي بقيمة 10 مليارات دولار

في ما يتعلق بالألعاب الإلكترونية يوجد في لبنان 8 شركات متخصصة بتقديم هذه المنتجات، وهي توظف 151 شخصاً. الفرص الاستثمارية تراها المؤسسة بارتفاع مبيعات الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط لتصل إلى 3.2 مليارات دولار هذه السنة بسبب الفئة العمرية الصغيرة لسكان الدول العربية. كذلك، إن 78% من المليار و200 مليون لاعب عالمياً يلعبون على هواتفهم الذكية أو الألواح الإلكترونية، ومن المتوقع أن تقفل هذا السنة على نموّ سوق الألعاب المخصصة للألواح الكترونية بقيمة 10 مليارات دولار، أما الألعاب المخصصة للهواتف الذكية، فمن المتوقع أن تنمو بنسبة 34% من سوق الألعاب العالمية عام 2017.

الرعاية الصحية الإلكترونية: إنفاق 44 مليار دولار

يعمل في لبنان 5 شركات تعنى بالرعاية الصحية الإلكترونية توظف 123 شخصاً، أبرزها ETobb و Sohati اللتان تحولتا إلى لاعبين عالميين. يزدهر هذا المجال بسرعة في العالم العربي جراء الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ استقر الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية في هذه الدول على 44 مليار دولار عام 2011، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 15% حتى سنة 2018. ما يجعل لبنان لاعباً في هذا المجال بسبب توافر المهارات والإمكانات، إضافة إلى توافر الإطار القانوني المناسب وتقاطع هذا المجال مع أسواق وصناعات أخرى.

التسويق الإلكتروني: مليار دولار عام 2017

بلغ الإنفاق على التسويق الإلكتروني في منطقة الشرق الأوسط عام 2013، 300 مليون دولار، ويستمر هذا المجال في الازدهار بنسبة 30% سنوياً ليبلغ مليار دولار عام 2017، ما يشكل فرصة مواتية لرواد الأعمال اللبنانيين، وفق "إيدال". فمجال التسويق الإلكتروني عبر الهاتف سيصبح ثالث أكبر منصة إعلان على الإنترنت في العالم، فيما ستستمر محركات البحث بالاستحواذ على أكبر حصة من عائدات الإعلانات الإجمالية، حيث قُدِّر حجم هذه السوق بـ 49 مليار دولار عام 2013، ومن المتوقع أن يصل إلى 74 مليار دولار عام 2018.

البرمجيات كخدمة للشركات: الرقم الأول في لبنان

تحوز خدمة برمجيات الشركات العدد الأكبر من الشركات والموظفين في لبنان، بحيث يعمل في هذا المجال 3098 شخصاً يتوزعون على 94 شركة. ترى "إيدال" في دراستها أن هذا المجال يعطي الشركات اللبنانية إمكانية التغلب على حالة عدم الاستقرار السياسي وإجراءات التصدير التي تأخذ وقتاً طويلاً عبر بيع المنتجات على شبكة الإنترنت. من المتوقع أن يبلغ حجم هذه السوق في الشرق الأوسط 307 ملايين دولار عام 2018، وتعتمد "إيدال" على أنه سينفق ما بين عامي 2014 و2018 في منطقة الشرق الأوسط، 4.7 مليارات دولار على الخدمات السحابية العامة.
تضم سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نحو 800 شركة غالبيتها شركات صغيرة ومتوسطة

الإعلام الرقمي: 3 شركات لبنانية فقط

يبرز على الساحة اللبنانية تطبيقي "أنغامي" و "سينيموز" كلاعبين أساسيين في مجال البث الرقمي. على الصعيد المحلي، يبدو أن لبنان لا يزال بعيداً عن هذا المجال، حيث يوجد فقط 3 شركات متخصصة بالبث والإعلام الرقمي تشغّل نحو 65 موظفاً. إلا أن "إيدال" وضعت هذا المجال ضمن أهدافها لما تسجّله الأرقام على الصعيدين العالمي والإقليمي. على الصعيد العالمي، يتوقع أن تنمو عائدات بث الموسيقى الرقمية بمعدل سنوي مركب نسبته 13%، ومقاطع الفيديو المنزلية بنسبة 28%. أما على صعيد المنطقة، فقُدِّر نمو عائدات بث الموسيقى ومقاطع الفيديو على الإنترنت بمعدل سنوي مركب بـ 60% من عام 2011 حتى 2014، ما يتيح الفرصة أمام رواد الأعمال في لبنان.

الخدمات الاستهلاكية: 3% فقط من المحتوى الإلكتروني بالعربية!

تشمل الخدمات الاستهلاكية كل ما يتعلق بالشبكات الاجتماعية والتطبيقات ومحركات البحث وبناء المحتوى، ويبدو أن هناك طلباً كبيراً على بناء المحتوى العربي، ما يشكل فرصة لرواد الأعمال اللبنانيين للدخول إلى هذا المجال، خاصة أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي سيبلغ 226 مليون مستخدم عام 2018، و60% من مستخدمي الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط يفضلون المحتوى العربي، إلا أن فقط 3% من المحتوى الإلكتروني موجود باللغة العربية. وقد أظهرت الإحصاءات أن 35% من المستخدمين يبحثون أساساً باللغة العربية، مقابل 24% يبحثون أساساً باللغة الإنكليزية، و19% لا يبحثون إلا باللغة الإنكليزية. بناءً عليه، إن الشركتين الوحيدتين اللتين خرجتا من لبنان حتى الآن تعملان في مجال الخدمات الاستهلاكية: الأولى هي "شهية"، وهي عبارة عن منصة لوصفات أكل على الإنترنت، اشترتها شركة يابانية مقابل 13.5 مليون دولار عام 2014. والثانية هي "ديواني"، شركة تعنى ببناء المحتوى، استحوذت على الحصة الأكبر فيها شركة فرنسية تدعى "webedia" مقابل 25 مليون دولار عام 2014.

الخدمات المالية والدفع الإلكتروني: 82 مليون مستخدم

تسيطر الشركات العاملة في مجال الخدمات المالية والدفع الإلكتروني على المرتبة الثانية محلياً من حيث عدد الشركات والموظفين، إذ يعمل في هذا المجال 11 شركة تشغّل 648 موظفاً. وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن تصل سوق الدفع الإلكتروني إلى 450 مليون مستخدم عام 2017، وفي الشرق الأوسط سيبلغ عدد مستخدمي الدفع الإلكتروني عبر الهاتف 82 مليون مستخدم عام 2017، بعدما كان نحو 20 مليون مستخدم عام 2013. أما حصة منطقة الشرق الأوسط من هذا السوق، فستبلغ حسب التوقعات 27.6 مليار دولار عام 2017.