في الشكل، لا يزال مكب الكفور العشوائي مقفلاً بالشمع الأحمر بناءً على إشارة المدعي العام البيئي في محافظة النبطية، القاضي نديم الناشف. وذلك بعد ثبوت رمي نفايات غير مفرزة ونفايات طبية خطرة فيه، بالتواطؤ بين موظفين في اتحاد بلديات الشقيف (المشرف على المكب ومعمل الكفور لفرز النفايات) وأشخاص آخرين يعملون على استقدام نفايات من بلديات في جزين والزهراني ورميها فيه لقاء بدل مالي. لكن ظلام الليل في الوادي المقفر يخفي الكثير. تشير مصادر مطلعة الى أن أحد الأشخاص يستقدم نفايات مسالخ من منطقة النبطية ويرميها في المكب. يتم العبور الى المكب تحت جنح الظلام من مدخل جانبي بعدما أقفل محتجون مدخله الرئيسي بالردم. اللافت أن الشخص نفسه، كان مكلفاً من قبل الاتحاد بنقل النفايات إلى المكب، قبل أن يعين في وقت لاحق حارساً قضائياً عليه من قبل النيابة العامة البيئية، وهو في الوقت نفسه صاحب الجرافة التي ضبطت قبل أيام تزيل الردم من أمام المدخل الرئيسي المختوم بالشمع الأحمر. من جهته، نفى مصدر بلدي رمي نفايات مسالخ المنطقة في المكب، موضحاً أن النفايات التي لا تزال ترمى فيه هي "النفايات التي ترفع من النطاق العقاري للكفور حيث يوجد تسع ملاحم".
ما يقارب 75 في المئة من العوادم تنتج بعد الفرز!

البلدية وأهالي الكفور لا يزالون صامدين في رفضهم إعادة فتح المكب أمام العوادم التي تنتج من معمل الكفور لفرز النفايات بعد ثبوت فشل الشركة المشغلة "دنش ــ لافاجيت" في إدارة المعمل. إذ إن نسبة التشغيل تبلغ أقل من 15 في المئة من النفايات التي تنقل إليه.
تعثّر المعمل وإقفال المكب أدّيا إلى تراكم النفايات في شوارع المنطقة. تعمل بلدية النبطية على إزالة جزء من نفاياتها (تنتج في الشتاء 30 طناً يومياً) وتنقلها إلى المكبات العشوائية في عدد من بلدات القضاء. فيما تدبرت كل بلدة أمر نفاياتها واستحدثت المكب العشوائي الخاص بها. هكذا أقفل مكب الكفور وارتفع مكانه 29 مكباً عشوائياً في البلدات التابعة لاتحاد بلديات الشقيف الوصي على المعمل.
حسن بصل، المتعهد الذي كان مكلفاً جمع النفايات من المنطقة ونقلها إلى المعمل، أصدر بياناً أول من أمس أعلن فيه توقفه عن "رفع النفايات من قرى الجنوب"، علماً بأن الاتفاق بينه وبين الاتحاد قضى برفع النفايات من البلديات الأعضاء الـ 29. في حين أن أهالي الكفور "ضبطوه مرات عدة يستقدم نفايات من حوالى 45 بلدة، بالتواطؤ مع مسؤولين في الاتحاد؛ كان آخرها النفايات الطبية" وفق مصدر بلدي.
لا أحد موقوف حتى الآن في قضية مكب الكفور. أول من أمس، عقدت قيادتا حزب الله وحركة أمل اجتماعاً طارئاً، حضره ممثلو الهيئات البلدية في المنطقة ورئيس بلدية الكفور خضر سعد. مصدر شارك في الاجتماع أبلغ "الأخبار" أن اتفاقاً حصل على "إقفال مكب الكفور وإيجاد مكب بديل في بلدة أخرى (تم اقتراح بلدة أنصار)". لكن المجتمعين أقرّوا بصعوبة انتزاع موافقة بلدية محددة على استيعاب نفايات المنطقة. أما المعمل، فقد توافق المجتمعون على "الطلب من الشركة المشغلة تحمل مسؤولياتها. فهي ليست مبالية بتطبيق الشروط البيئية المطلوبة، برغم أنها تنال حقوقها المالية كاملة. وفي حال تخلفها، يتم إقفال المعمل!".
تراكم النفايات جاء نتيجة تراكمية لتعثر مسار المعالجة التي تتحمل مسؤوليتها الشركة، الملتزمة جمع النفايات ونقلها إلى المعمل، من جهة والشركة المشغلة للمعمل من جهة أخرى، بحسب تقرير الخبير البيئي ناجي قديح الذي كلفته بلدية الكفور إعداده مطلع الشهر الجاري. يوضح قديح أن النفايات العضوية والصلبة تكبس بعضها ببعض داخل شاحنة الجمع وتصل إلى المعمل متلاصقة، ما يصعّب عملية فرزها. يضاف إلى ذلك كميات النفايات التي تفوق القدرة الاستيعابية للمعمل ونقص عدد العمال المكلفين بالفرز وغياب خطة توزيع العمل بينهم. تلك العوامل أدت إلى تراكم أكوام النفايات داخل المعمل مع البطء في تشغيل آلات الفرم والتخمير وحصر عملها بالدوام الرسمي! ويلفت قديح إلى أنه في معظم الأحيان كانت أطنان من النفايات المتراكمة ترمى من دون فرز في المكب المجاور.
قبل تقرير قديح، كلف وزير التنمية الإدارية (الوصية على المعمل)، نبيل دو فريج، خبراء بيئيين وفنيين بإجراء تحقيق حول عمل المعمل. من بين الثغر التي رصدت، عدم تكليف الاتحاد موظفاً يراقب القبّان الذي يسجل عدد الشاحنات التي تنقل النفايات ويزن حمولاتها، علماً بأن الاتفاق بين الوزارة والشركة المشغلة حدد كلفة معالجة الطن الواحد من النفايات بـ 23 دولاراً، ما يثير الشبهة حول الأرقام التي ترفعها الشركة للكميات التي تستقبلها والتي تعالجها. قديح أكد أن الأرقام التي تقدمها الشركة لا تشبه الواقع الميداني لآلية العمل داخل المعمل، الذي يبدو كمكب ضخم للنفايات، إذ أحصى ما يقارب 75 في المئة من العوادم تنتج بعد الفرز!