لم يحمل اجتماع لندن الذي عقد أمس، غداة «اجتماع لوزان»، أي خطط جديدة واضحة لواشنطن وحلفائها الغربيين والإقليميين، سوى التلويح بفرض حزمة إضافية من العقوبات الاقتصادية على موسكو ودمشق. حلفاء واشنطن الذين التقوا في العاصمة البريطانية بحثوا في ردع دمشق وموسكو «عن جرائم الحرب التي ترتكب في حلب»، وفق تعبير وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ورغم إشارة الأخير المتكررة إلى أن بلاده تأخذ جميع الخيارات حول سوريا بعين الاعتبار، بما فيها الخيار العسكري، أشار بشكل واضح، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، عقب اجتماع ضم عدداً من الدول الغربية والإقليمية الداعمة للمعارضة السورية، إلى أنه «لم يلمس أي رغبة لدى الأوروبيين في الاندفاع نحو الحرب»، مضيفاً أنه يجري «دفع المساعي الديبلوماسية، كونها تمثّل الأدوات الوحيدة التي نملكها، حالياً». وعاد ليلخّص المشهد بقوله إن ما يمكن عمله حالياً هو تحذير الجانب الروسي من عواقب أفعاله في سوريا. أما جونسون، الذي تحدث سابقاً عن ضرورة بحث خيارات عسكرية في سوريا، رأى أمس أن «موسكو ودمشق لن تستطيعا تحقيق النصر في حلب، بوجود عشرات آلاف المقاتلين».
بدا لافتاً دعم أنقرة لمقترح إخراج «النصرة» من حلب

وتزامن «الانكفاء» الغربي عن الترويج للحل العسكري مع انتهاء الجولة الأولى من «اجتماع لوزان» بطاولة موسّعة، ضمّت طهران ومصر والعراق والأردن وقطر وتركيا والسعودية إلى جانب الأميركيين والروس، من دون أن تخرج بأي نتائج ملموسة، على أن يتم اللقاء خلال الأيام المقبلة لاستكمال المحادثات. وقد يكون التطور اللافت الوحيد في تلك الجولة هو الإعلان التركي الواضح، على لسان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، عن «ضرورة خروج جبهة النصرة من مدينة حلب»، وهو ما يشكّل دعماً للرؤية الروسية التي تتوافق واقتراح المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، والذي تمت مناقشته ضمن المحادثات. ويتضمن الاقتراح إخراج مسلحي «جبهة النصرة» من مدينة حلب إلى جانب من أراد من الفصائل المسلحة بإرادته مع عائلاتهم، إلى أماكن يجري الاتفاق عليها، على أن لا يتجاوز عددهم 900 مسلح، ويتم ذلك بعد وقف كامل للأعمال القتالية في المدينة، بما فيها الغارات الجوية. وينص المقترح على أن يتم ضمان فك الحصار ودخول المساعدات الإغاثية والطبية وإعادة تأهيل الخدمات الرئيسية، وتعزيز الأمن بالتنسيق بين الفصائل المسلحة والحكومة السورية، على أن يتم ذلك بضمانات خطية روسية (أو سورية عن طريق موسكو) ومن باقي الأطراف الدولية (أو الفصائل المسلحة عبرها).
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أكدت، في بيان حول نتائج «اجتماع لوزان»، «التزام كل المشاركين في اللقاء بالحفاظ على سوريا كدولة موحدة مستقلة علمانية يحدد السوريون أنفسهم مستقبلها من خلال حوار سياسي يجمع كل الأطراف». وأوضحت أن «الجانب الروسي شدد على أن ضمانة النجاح في تطبيق نظام وقف إطلاق النار هي فصل فصائل المعارضة المعتدلة عن مقاتلي المجموعة الإرهابية (جبهة النصرة) والمجموعات الأخرى المتحالفة معها»، لافتة إلى أن «هذا يتطلب العمل المناسب من قبل كل المشاركين في اللقاء مع القوى الموجودة في سوريا، ومن الضروري فهم أن العمليات ضد إرهابيي داعش والنصرة ستستمر». وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه تم نقاش «أفكار جديدة» لإحياء وقف إطلاق النار، موضحاً أن المباحثات التي استمرت أكثر من أربع ساعات تخللها «تبادل واسع للأفكار... رغم التوتر».
وفي سياق آخر، أبلغ مصدر مصري «الأخبار» أن ما جرى في «اجتماع لوزان» كان يشابه «ما حدث في اجتماع مجلس الأمن»، موضحاً أن «مصر دعيت في اللحظات الأخيرة باتصال هاتفي من وزير الخارجية الأميركي». وأشار إلى أن «الاجتماع شهد مناقشات علنية لرؤى متعارضة بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره السعودي عادل الجبير»، موضحاً أن «الموقف المصري تمسك بضرورة أن يكون هناك مساحة للحوار السياسي بين جميع الأطراف السورية المختلفة... لكن الطرح لقي اعتراضات حول الأطراف التي سيجري التحاور معها».