تشير الظروف التي ترافق تحضيرات اجتماع لوزان، المرتقب انعقاده يوم غد بين وزراء خارجية كلّ من روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا، إلى جانب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، إلى أنه لن يخرج بخرق غير متوقع بشأن التهدئة في الميدان. فمع استمرار لهجة التصعيد بين واشنطن وموسكو، عبر تحذيرات الأخيرة من تسليح الفصائل بصواريخ مضادة للطائرات وإصرارها على أولوية «فصل المعتدلين عن الإرهابيين»، من جهة، والتلويح الأميركي ببحث الرئيس باراك أوباما لخيارات تدخل عسكري مباشر في سوريا خلال اجتماع مع رؤساء وكالات الأمن الوطنية في واشنطن، من جهة ثانية، يبرز غياب طهران عن الاجتماع كعامل إضافي من شأنه تقليص احتمال التوصل إلى تفاهم كامل حول تهدئة «غير مؤقتة» في سوريا، وخاصة في مدينة حلب.وبينما ستتركّز المباحثات في لوزان حول حلب بشكل رئيسي، مع حرص الدول الغربية على تبنّي تهدئة تحدّ من تغيّر خريطة السيطرة في المدينة لمصلحة دمشق وحلفائها، فإن من المرجّح أن تصرّ موسكو على رؤيتها حول التسوية في المدينة، والتي تتضمن إخراج عناصر «النصرة» وغيرها من الفصائل التي ترفض الالتزام بهدنة مفترضة، ليعاد إلى بحث دخول قوافل المساعدات عبر طريق الكاستيلو نحو الأحياء الشرقية، بعد الاتفاق على آلية لضمان أمن تلك القوافل.
يقلّل غياب طهران من احتمال التوصّل إلى تهدئة غير مؤقتة

ويتوضّح إصرار موسكو وطهران ودمشق على وجود آلية واضحة لأي «هدنة» في مدينة حلب، عبر التأكيدات الروسية التي جددتها أمس المتحدثة باسم وزراة الخارجية، ماريا زاخاروفا، عن ضرورة الانطلاق من «بنود الاتفاقية الروسية ــ الأميركية، والفصل بين الجماعات المعارضة و(جبهة فتح الشام)» كـ«خطوة أساسية لمعالجة الوضع الإنساني في حلب»، إلى جانب إعلان رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودوسكي، عن «استعداد الجيش الروسي لضمان خروج آمن للمسلحين ومن يرغب من المدنيين من أحياء حلب الشرقية». وضمن هذا الإطار، يأتي استثناء دمشق أحياء المدينة الشرقية من الموافقات المبدئية لدخول قوافل المساعدات، التي أُعطيت للأمم المتحدة، ليؤكد الرؤية التي أعلنتها موسكو.
وبينما أتى الإعلان عن الاجتماع من قبل الجانب الروسي في إسطنبول، ليتبع بسلسلة اتصالات ديبلوماسية نشطة وآمال من الكرملين بالوصول إلى «نتائج مثمرة»، لم يخرج عن الجانب الأميركي وحلفائه الأوروبيين ما يدلل على تفاؤلهم بالتوصل إلى تفاهم مع الروس خلاله. وهذا ما قد يفسّر الإعلان عن اجتماع تستضيفه بريطانيا الأحد، سيضم عدداً من وزراء الدول الغربية، لبحث الخيارات الممكنة للتعامل مع الوضع في سوريا.
ومن المتوقع أن يدخل الجانب الروسي المباحثات حاملاً سلّة من التفاهمات التي أنشأها مع الدول الإقليمية خلال الفترة الماضية، وأهمها ما تم التوصل إليه في إسطنبول بين الرئيسين فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب النشاط الديبلوماسي الروسي المكثف في طهران، والذي تضمّن اتصالين بين وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف ومحمد جواد ظريف خلال اليومين الماضيين. ويضاف إلى ذلك ما تحدث عنه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أمس، خلال استقباله نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، بشأن «تطابق تام مع الموقف التركي حول سوريا»، قبل أن يستدرك بأن تطبيع العلاقات مع موسكو لا يعني تغييرات في الموقف تجاه دمشق والرئيس السوري، بشار الأسد.
وفي سياق متصل، يبدو لافتاً ما أشارت إليه صحيفة «ايدنلنك» التركية عن «احتمال توجه ديبلوماسيين من وزارة الخارجية التركية إلى دمشق بصحبة وفد روسي»، خاصة في ضوء تصريحات الرئيس السوري عن «النظر بإيجابية» تجاه التقارب الروسي ــ التركي.
وبعد التوتر الروسي ــ الفرنسي على خلفية ما شهده اجتماع مجلس الأمن وإلغاء زيارة الرئيس الروسي إلى باريس، أكّد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك ايرولت، في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي، تمسّك بلاده بالتعاون مع موسكو حول الملف السوري، وفق بيان لوزارة الخارجية الروسية.
على صعيد آخر، كانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن «جبهة فتح الشام» (النصرة) رفضت مبادرة دي ميستورا حول تقديم الضمانات لخروجهم من أحياء حلب الشرقية باتجاه ريف إدلب. وأضاف نائب المبعوث الأممي، رمزي عز الدين رمزي، أن الأمم المتحدة ما زالت تأمل تنفيذ مبادرة دي ميستورا، موضحاً أنها كانت موجهة إلى الذين يمكنهم أن يساهموا في تنفيذها، «وهو ما يجري العمل عليه حالياً». وأوضح أن الحكومة السورية وافقت «جزئياً» على خطة الأمم المتحدة للمساعدات لشهر تشرين الأول من «دون أن يشمل ذلك الموافقة على طلب لإرسال مساعدات عاجلة إلى الجزء الشرقي من حلب».




بدء تنفيذ تسوية قدسيا والهامة

بدأت أمس عملية إخراج مئات المسلحين وعوائلهم من بلدتي قدسيا والهامة في محيط العاصمة دمشق. ونقلت مصادر محلية أن حوالى 20 حافلة دخلت البلدتين للبدء بعملية الإجلاء، وفق اتفاق تمّ توقيعه بين الحكومة وممثلين عن الفصائل الناشطة في البلدتين، يقضي بخروج المقاتلين وعوائلهم نحو مناطق في محافظتي حماة وإدلب.
وأوضحت مصادر محلية أن الحافلات دخلت برفقة عناصر الهلال الأحمر السوري، من دون حضور لفرق الأمم المتحدة، مضيفة أن «من المفترض أن يشمل الاتفاق ما يزيد على ألفي شخص بين مسلحين ومدنيين». ووفق المصادر، فإن من المقرر أن تدخل القوات الحكومية إلى البلدتين بعد إتمام خروج المسلحين الذين كانوا قد بدؤوا بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة قبل يومين.
(الأخبار)