صوّت مجلس الشيوخ الأميركي أمس، بغالبية كبيرة لتجاوز فيتو وضعه الرئيس باراك أوباما على قانون يسمح لضحايا هجمات 11 أيلول بملاحقة السعودية قضائياً، وذلك في قرار هو الأول من نوعه منذ توليه منصبه عام 2008.وفي ما وُصف بـ«الهزيمة التاريخية للبيت الأبيض»، استطاع مجلس الشيوخ (حيث الغالبية من الجمهوريين)، إبطال فيتو أوباما الذي كان قد استخدمه الجمعة الماضية، من أجل وقف مسوَّدة «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» (JASTA)، أو ما بات يعرف في الأوساط الأميركية بقانون «11 أيلول»، الذي كان قد صوّت عليه الكونغرس الأميركي بغرفتيه (الشيوخ والنواب) بالإجماع، في 9 أيلول الحالي. وكان أوباما قد نقض 12 قراراً صادراً عن الكونغرس، طوال فترة رئاسته، إلا أن هذا الفيتو هو الوحيد الذي يجري تجاوزه. وفي أول ردّ على تجاوز الفيتو، صرح البيت الأبيض بأنه يعتبره «الأكثر إحراجاً للولايات المتحدة منذ سنوات».
صوّت 97 عضواً لتجاوز الفيتو في مقابل اعتراض واحد

وجاء التصويت النهائي 97 صوتاً لمصلحة تجاوز الفيتو في مقابل اعتراض زعيم الأقلية الديموقراطية في المجلس هاري ريد، بالإضافة إلى عدم تصويت اثنين من الأعضاء. ويعكس هذا التصويت وقوف حلفاء أوباما الديموقراطيين ضدّه في مجلس الشيوخ، بعد دفع مكثّف ومعركة طويلة خاضها الناجون من تفجيرات 11 أيلول وأهالي الضحايا، في سبيل مقاضاة السعودية على اعتبار أنها لعبت دوراً في أحداث عام 2001.
وعلّل المسؤولون الديموقراطيون في المجلس قرارهم التصويت ضد الفيتو بأنهم يشاركون أوباما هواجسه، ولكن حقوق الضحايا تتفوق على هذه الهواجس. وعلى هذا الأساس، قال السيناتور الديموقراطي بن كاردن: «لا يمكننا، بناءً على وعي كامل، إغلاق باب المحكمة أمام هذه العائلات التي عانت ما لا يمكن تخيّله».
أما في مجلس النواب، فقد سبق أن صرحت زعيمة الأقلية الديموقراطية نانسي بيلوسي، بأنها ستصوّت لمصلحة تجاوز الفيتو. وتعد بيلوسي من المقرّبين جداً من أوباما، ولكنها قالت: «لقد عملت مع هذه العائلات على فترة طويلة، وأظن أنه يجب أن يحظوا بلحظتهم في المحكمة».
على الجهة الجمهورية، ظهر إحساس بالانتصار في أكثر من تصريح، وقد عقّب السيناتور جون كونين على تجاوز الفيتو، قائلاً: «في سياساتنا الاستقطابية اليوم، هذا الحدث أقرب إلى معجزة». وأضاف أن الديموقراطيين والجمهوريين في غرفتي الكونغرس «اتفقوا على أن مشروع القانون يمنح ضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت على أرضنا، فرصة من أجل الحصول على العدالة التي يستحقونها».
وقد ترافق الحديث عن القانون، خلال الفترة الماضية، مع أصوات محذرة منه. ومن هذه الأصوات ما كان أوباما قد صرّح به عند استخدامه الفيتو، حين أشار إلى أن قانون مقاضاة السعودية «سيُعرقل قدرة الرئيس على إدارة السياسة الخارجية». وأكد أن «تفعيل هذا القانون لن يحمي الأميركيين من الهجمات الإرهابية، فضلاً عن أنه لن يحسّن من فعالية ردنا على هذه الهجمات». وكشف أن مسودة القانون بصيغتها الحالية «ستسمح بالتقاضي برفع دعوى خاصة على الحكومات الأجنبية داخل المحاكم الأميركية، على أساس ادعاءات تقول إن أفعال بعض الحكومات الأجنبية في الخارج قد جعلتهم مسؤولين عن إصابات سببها إرهاب وقع على الأراضي الأميركية».
أيضاً كان السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتن، قد كتب مقالاً في صحيفة «وول ستريت جورنال» لفت فيه إلى أنه في حال مرور التشريع، فإن ذلك سيفتح المجال لإخضاع الأميركيين لمحاكمات مشابهة في دول أخرى. ومما أشار إليه هو وغيره من المسؤولين الأميركيين هو أنه «إذا أدت غارة من طائرة من دون طيار إلى مقتل مدنيين عزّل في أفغانستان، يمكن أن يجري إخضاع الجيش أو موظفي الاستخبارات الأميركية للمحاكمة هناك».
وسبق تصويت مجلس الشيوخ أمس، تحذير من مدير الاستخبارات الأميركية جون برينان، الذي قال إن إقرار القانون سيكون له تداعيات خطيرة على الأمن القومي الأميركي. وأضاف في بيان أن «الأكثر تضرراً من هذا الإجراء هم المسؤولون الحكوميون الذين يقومون بواجبهم في الخارج نيابة عن بلدهم». وأشار إلى أنه «إذا فشلنا في الحفاظ على هذا المعيار بالنسبة إلى دول أخرى، فإننا نعرّض مسؤولينا للخطر».
وفي وقت سابق، حذّر وزير الدفاع آشتون كارتر من أن نقض القانون سيكون مضراً للقوات الأميركية، وسيفسح المجال لدول أخرى لمقاضاة أميركيين، بسبب أعمال خارجية تلقت الدعم من واشنطن.
(الأخبار)