في 22/9/2016، أصدر قاضي الأمور المستعجلة في كسروان الياس ريشا القرار الرقم 402/2016 في الدعوى المُقامة ضدّ شركة "كازينو لبنان" ورئيس مجلس إدارتها حميد كريدي، لتعيين حارس قضائي تناط به كلّ الصلاحيّات الإداريّة الماليّة الموكلة إلى مجلس الإدارة المنتهية صلاحياته منذ نحو ثلاث سنوات. قرّر ريشا رد الدعوى عن كريدي، وردّ طلب الحراسة القضائيّة على شركة كازينو لبنان، من دون أن ينسى تكبيد المدعين نفقات المحاكمة.
تبنّى القاضي رأي إدارة الكازينو حول تحكّم السياسة بهذا المرفق
علّل ريشا حكمه معتبراً أن لا صفة لكريدي لإدخاله في الدعوى طالما أن "الشركة المطلوب إلقاء الحراسة القضائيّة عليها تتمتّع بشخصيّة معنويّة مستقلّة"، متغاضياً عن كون كريدي رئيساً لمجلس إدارتها. بعدها استفاض بتعريف مفهوم الحراسة القانونيّة على ثلاث صفحات من الحكم المؤلّف من 15 صفحة، قبل أن يتبنى ردّ شركة "كازينو لبنان" الذي يبرّر أسباب عدم انعقاد جمعيّات عموميّة بـ"تحكّم السياسة في مفاصل إدارة هذا المرفق"، وذلك بدل الاحتكام إلى القوانين المخوّل أن يحكم وفقها. ولم يكتفِ بذلك، بل برّر استمرار مجلس الإدارة في ممارسة مهماته بذريعة تسيير المرفق العام، علماً بأن شركة "كازينو لبنان" خاصّة ولا ينطبق عليها هذا المبدأ، بل تخضع لقانون الشركات الخاصّة التي تفرض في حالات مماثلة تعيين رئيس مجلس إدارة مؤقت حتى انتخاب مجلس جديد. وحمّل كبار المساهمين مسؤولية عدم الدعوة إلى عقد جمعيّة عموميّة لانتخاب مجلس إدارة جديد، وعلّل قراره بـ"عدم وضوح الرأي القائل بعدم شرعية مجلس الإدارة وقراراته بعد انتهاء مهماته، لا بل أرجحيّة النظريّة القائلة بالإدارة الفعليّة المنبثقة من مصلحة الشركة، ليغدو السبب المبني على انتهاء مدّة مجلس الإدارة لتبرير الحراسة مستوجباً الردّ"، مشيراً إلى أن حدّة النزاع القائم بين الطرفين، والنظر بقضايا أخرى أمام القضاء الجزائي "لا تضفيان صفتي الخطورة والعجلة اللتين تستوجبان تعيين حارس قضائي".
وتغافل ريشا عن ذكر تقرير لجنة الرقابة المعيّنة من وزارة الماليّة (صدر بداية عام 2015) سوى مرّة واحدة، ولم يرَ فيه "أية إشارة إلى هدر أو اختلاس في الأموال العامّة أو غيرها"، بل مجرّد توصيات لـ"تطوير الأداء الإداري واتخاذ خطوات لإعادة البريق إلى الكازينو" من دون أن يحقّق في أرقام 2015 و2016 التي بدل أن تشهد تحسّناً عملاً بتوصيات اللجنة، آثرت الانحدار، معتبراً أن "كل ما تقدّم من مستندات رسميّة لا يدلّ على وجود خطر يهدّد الشركة بالانهيار أو الشلل"، مستنجداً بتقرير شركة "ديلويت أند توش" التي تعمل لمصلحة "كازينو لبنان"، رغم انتهاء فترة صلاحياتها، للإشارة إلى أرباح تحقّقت عام 2014، ومعلّلاً أرقام 2015 الكارثيّة بصرف الموظّفين الذين دخل بعضهم ملاك الكازينو قبل أشهر من صرفهم، متغافلاً عن قانونيّة صرف مبلغ 40 مليار ليرة تعويضات من دون العودة إلى الجمعيّة العموميّة بحجّة "القرار السياسي".
فعلياً، ما أورده تقرير "ديلويت أند توش" يشير إلى العكس، إذ بلغت نتائج سنة 2006 الماليّة 45 مليار ليرة، انخفضت إلى 3.5 مليارات عام 2007، لترتفع مجدّداً إلى 40 ملياراً عام 2008، وإلى 56 ملياراً عام 2009، واستمرّت بالارتفاع إلى 97 ملياراً عام 2010، قبل أن تعاود الانخفاض عام 2011 إلى 83 ملياراً، وعام 2012 إلى 43 ملياراً، وعام 2013 إلى 32 ملياراً، وعام 2014 إلى 17 ملياراً، وعام 2015 إلى 11 مليار ليرة.
أمّا تقرير وزارة الماليّة (مفترض أن تكون أرقامه أقلّ من أرقام مفوّض المراقبة لكونها محصورة بألعاب القمار فقط)، فيظهر أن إيرادات الكازينو تراجعت بين 2010 و2014، إذ بلغت عامي 2010 و2011 نحو 155 مليار ليرة، وتراجعت عام 2012 إلى 133 ملياراً، وإلى 124 ملياراً عام 2013، ووصلت إلى 106 مليارات عام 2014.
لا يبدو أن الحرب انتهت هنا، يؤكّد المحامي وديع عقل لـ"الأخبار" أنه سيستأنف الحكم الصادر، وسيلاحق كلّ ملفات الكازينو عبر الوسائل القانونيّة المتاحة، مشيراً إلى أنه تقدّم بـ"دعوى أمام القاضي المنفرد الجزائي في كسروان في ملف سرقة المازوت منذ شهرين، وقد عيّنت جلسة أولى لاستجواب اثنين من المتهمين وهما موظّفان سابقان ثبت ضلوعهما في الملف بحسب تقرير لجنة الرقابة في الكازينو التي كلّفت التحقيق في الملف، وكافأهما رئيس مجلس الإدارة بتعويضات هائلة عند صرفهما". إضافة إلى "الإخبار المقدّم أمام النيابة العامّة الماليّة التي من المفترض أن تبدأ تحقيقاتها خلال أيام".