مرحلة جديدة من الصراع السوري افتتحها الوزيران سيرغي لافروف وجون كيري، في جنيف فجر اليوم، بعد نهار طويل من المباحثات التي خلصت إلى الاتفاق على سلسلة من الإجراءات من شأنها وقف "الأعمال العدائية" في سوريا بدءاً من أول أيام عيد الأضحى. وأوضح لافروف أنّ هذه المرحلة تمتد لـ11 يوماً، تبدأ من بعدها مرحلة ينسق فيها الأميركيون والروس لتوجيه ضربات جوية ضد تنظيمي "داعش" و"النصرة" في مناطق اتًّفق عليها ولا يمكن لسلاح الجو السوري العمل ضمنها، وهي سلسلة إجراءات أعلن الوزير الروسي أنّ دمشق على علم بها ومستعدة للالتزام.وبعد نحو ست ساعات من انتهاء المباحثات الثنائية التي تخللتها مشاورات أجراها كيري والوفد المرافق له مع الإدارة في واشنطن، أعلن وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف، إيمان الطرفين بأنه "إذا ما جرى تنفيذ الخطة التي اتفقنا عليها والتي انتقلنا في صياغتها من العام وصولاً إلى التفاصيل، فإنها ستمهد لتحقيق نقطة فاصلة (في الأزمة)، ولوقف المعاناة الإنسانية في سوريا، والمستمرة منذ أكثر من خمس سنوات"، مشدداً على الدور المهم الملقى على جميع الأطراف.
وأشار كيري إلى أنه "إذا ما لاحظنا انخفاض درجات العنف، وإذا ما حصل ذلك، فحينها سنبدأ مع روسيا الضربات المشتركة ضد النصرة وداعش"، مضيفاً: "أنا على اطلاع على التقارير التي تفنّد نيتنا بشأن النصرة، لكني أؤكد أنّ الضربات التي ستوجه ضدها وضد القاعدة من مصلحتنا".
وشدد الوزير الأميركي خلال حديثه عن المساعدات الإنسانية، التي يجب أن تصل إلى مناطق النزاع، على ضرورة وصولها إلى مدينة حلب بصورة خاصة. وقال إنه "من المهم انسحاب جميع الأطراف من محيط طريق الكاستيلو لأنها الشريان البري إلى قلب حلب. وفي الراموسة، على قوى المعارضة والنظام الالتزام بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية".
لافروف: ما توصلنا إليه هو ثمرة اتفاق رئيسي بلدينا على عملنا

من جهة أخرى، جاء حديث سيرغي لافروف أكثر وضوحاً بشأن نقاط الوثيقة المكونة من خمسة ملفات وتتضمن "معلومات حساسة لن تنشر كاملة". فقال إنّ على "كل الأطراف تبنى هذه الإجراءات، بداية خلال مهلة 48 ساعة، تجدد لـ48 ساعة أخرى، ثم بعد ذلك ننتقل إلى التزام كامل يستمر لسبعة أيام تتخللها مراقبة حثيثة، وبعد ذلك سنقوم بإنشاء هيئة مشتركة مع الأميركيين للفصل الفيزيائي بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين كما هو منصوص عليه في بنود الوثائق، وسيجري الاتفاق على الضربات ضد داعش والنصرة". وأوضح أنه جرى الاتفاق على المناطق التي سيعمل فيها الروس والأميركيون، وهي مناطق سيعمل السوريون "خارجها"، لافتاً إلى أنه جرى الاتفاق كذلك على آليات الرد "على انتهاك نظام وقف الأعمال القتالية".
وفي موقف واضح، أعلن لافروف أنّ "الحكومة السورية على معرفة بهذه الاتفاقات، وهي مستعدة للالتزام"، وهي النقطة التي جعلت كيري يتوجه إلى نظيره بالقول قبيل اختتام المؤتمر: "أشكرك جداً وأشدد على تأكيدك أن روسيا قد تحدثت بالفعل مع الحكومة السورية".
وبخصوص المساعدات الإنسانية، لفت لافروف إلى "الاتفاق على آلية لإيصال الحملات التجارية والإنسانية في إطار الهلال الأحمر السوري، وخاصة إلى شرق وغرب حلب"، منوهاً إلى أنه في شهر آب الماضي كانت قافلة المساعدات جاهزة للعبور باتجاه الأحياء الشرقية لحلب، لكن "فصائل معارضة قالت بأن أي قافلة انسانية ستمر عبر طريق الكاستيلو، سنقصفها".
وختم لافروف مداخلته بالقول إنّ ما جرى التوصل إليه "ليس نهاية الطريق، بل بداية علاقات جديدة، ونأمل أنّ كل من يرغب بالحفاظ على سوريا المتعددة يستطيع التعويل على العمل معنا". وكان الوزير الروسي قد بدأ حديثه بالتأكيد على أنّ الاتفاق يأتي "كثمرة لتوافق رئيسي البلدين على العمل المستمر للوصول إلى اتفاق من شأنه إيقاف الأعمال القتالية"، مشدداً في نقطة مهمة على أنّ "ما أعاقنا، هو غياب الثقة بيننا وبينهم (الأميركيين) في المسألة السورية، وفي غيرها من المسائل". وقال "الآن هناك عدم ثقة من جانب بعض الأطراف، والمثال الأخير على ذلك هو الإعلان عن مواصلة العقوبات علينا قبل زيارة (الرئيس فلاديمير بوتين والوفد المرافق إلى) الصين (للمشاركة في قمة العشرين)... لكن نحن لن نتأثر ونعمل لحل الأزمة السورية، وعلينا نحن وواشنطن فعل كل شيء لتوفير الظروف المؤاتية لمعالجة الأزمة".
وفي لفتة تحمل الكثير من الدلالات، وقد تلفت إلى تململ الروس إزاء التأخير الذي تسبب به الأميركيون بسبب مشاوراتهم مع الإدارة في واشنطن، أحضر لافروف بنفسه العشاء المكوّن من "البيتزا" إلى الصحافيين، قائلاً: "هذه البيتزا من الوفد الأميركي، أما نحن فأحضرنا لكم الفودكا".
وفي السياق، كان مصدر في الوفد الروسي، قد قال أعلن، في حديث إلى وكالة "انترفاكس"، أن واشنطن مسؤولة عن إطالة مدة المحادثات، مشيراً الى أن "التوافق بين موقفي الجانبين المتفاوضين تاه، على ما يبدو، في دهاليز السلطة التنفيذية في واشنطن".