لم يتحدد بعد موعد إجراء التسليم والتسلُّم في مراكز المعاينة الميكانيكية الأربعة، بين الشركة الفائزة بالمناقصة الأخيرة «SGS» وشركة «فال»، المشغّل الحالي، على الرغم من أنّ هيئة إدارة السير صدّقت على النتيجة وأبلغت الشركة الجديدة أمر مباشرة العمل. وكانت هذه المناقصة قد رست على «SGS» بسعر يفوق 440 مليون دولار على 10 سنوات، ما أدّى إلى رفع رسوم المعاينة من 22 دولاراً إلى 33 دولاراً للسيارات، ومن 58 دولاراً إلى 79 دولاراً للشاحنات، وهو ما تعترض عليه نقابات السائقين والعاملين في النقل وتتحرك ميدانياً لتعطيله. فيما تتحرك الشركات التي استُبعدَت من المناقصة قبل فضّ عروضها المالية لإلغاء النتائج عبر القضاء، إذ تدّعي هذه الشركات وجود شوائب جوهرية في الإجراءات، وسرّبت معلومات مثيرة عن أن عروضها المالية تقلّ عن نصف سعر الشركة الفائزة، وهو ما طرح علامات استفهام كبيرة.في هذا السياق، تحرّك المدعي العام لدى ديوان المحاسبة، القاضي فوزي خميس، وطلب من هيئة إدارة السير التريث بمتابعة إجراءات وضع تلزيم تشغيل منشآت المعاينة الميكانيكية موضع التنفيذ لحين انتهاء التحقيقات القضائية التي تجريها النيابة العامة، حفاظاً على الأموال العمومية. وقد وجّه القاضي خميس، الخميس الماضي، كتاباً إلى الهيئة يتضمن استيضاحات بشأن عدم عرض دفتر الشروط المعدل على مجلس الوزراء ومخالفة الأصول والقواعد العامة في تشكيل وعمل اللجنة الفنية وغيرها من الالتباسات، وذلك بناءً على شكاوى وردت إليه. وقال القاضي خميس في اتصال مع "الأخبار" إن أي أجوبة لم تصله حتى الآن من هيئة إدارة السير.
توضح المديرة العامة للهيئة هدى سلوم، أن الهيئة «وقّعت إذن مباشرة العمل قبل أن يرد إلينا كتاب المدعي العام لدى ديوان المحاسبة. ما سنفعله هو الإجابة عن الاستيضاحات ولدينا أجوبة عن كل نقطة، ويصبح لكل حادث حديث؟». هل فعلاً أوقفتم عملية التسليم والتسلّم بين الشركتين في انتظار جلاء الأمور؟ تجيب سلوم: «هذه الإجراءات روتينية وتحتاج إلى وقت، وسنرى ما سيحصل».
يقول القاضي خميس، ردّاً على الاستفسارات عن طبيعة تحرّكه: "إن ديوان المحاسبة لا يستطيع إبطال تنفيذ نتائج المناقصة، وإن كانت هناك وجهتا نظر بشأن صلاحيته في الرقابة المسبقة للديوان على النتيجة، فهناك من يقول إن مصلحة الميكانيك مؤسسة عامة وتنطبق عليها المادة 26 من النظام العام للمؤسسات العامة، أي إنها تخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة، وهناك وجهة نظر أخرى تقول إنه إذا كان العقد موقعاً مع وزارة الداخلية فهو يخضع حكماً للرقابة المسبقة». ولفت خميس إلى أن مجلس شورى الدولة يستطيع وقف التنفيذ لكونه المرجع المختص.
لكن سبق أن ردّ مجلس شورى الدولة الدعاوى المرفوعة أمام قضاء العجلة لديه، إما «لعدم الاختصاص بالشكوى المتعلقة بإخلال هيئة إدارة السير بمبدأ المنافسة العلنية»، أو بسبب «توقيع العقد»، لكون قضاء العجلة «يتعلق بالتنازع قبل التعاقد في الصفقات العمومية»، والآن صارت القضية أمام قضاء الأساس. كذلك رفض المجلس استئناف فسخ القرار الصادر عن قضاء العجلة بتاريخ 21 تموز، «لعدم الصلاحية».
يستند القاضي خميس في تحرّكه وطلبه التريث في الكتاب الذي وجهه إلى المديرة العامة لهيئة إدارة السير والآليات، هدى سلوم، إلى الشكوى المقدمة من قبل مجموعة الشركات الممثلة بشركة الهندسة والأبحاث العالمية ERI بوكالة المحامي بهيج طبارة (ورود النيابة العامة تحت رقم 3930 تاريخ 25/7/2016). وكذلك الشكوى المقدمة من قبل يعقوب الصراف، رئيس مجلس الإدارة ــ المدير العام لـ Applus وشركة جودة ــ لبنان (ورود النيابة العامة تحت رقم 4026 تاريخ 30/7/2016). وأيضاً، كتاب وليد سليمان (المشغل الحالي شركة فال) المؤرخ في 4/8/2016 والمسجل في قلم النيابة العامة تحت رقم ورود 4106 تاريخ 4/8/2016.
الملاحظات من شأنها أن تعيب الإجراءات الآيلة إلى توقيع العقد وإبرامه وتنفيذه

جاء في كتاب القاضي خميس إلى المديرة العامة لهيئة إدارة السير والآليات، ما يأتي (النص الحرفي):
يتبين مما ورد في الشكاوى المقدمة إلى النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، وبعد التحقيق والاطلاع على ما ورد من ملاحظات في كتاب المدير العام لإدارة المناقصات الموجه إليكم تحت رقم 25/10 تاريخ 4/8/2016، الذي يعلن بموجبه أنه في سياق عمل لجنتي التلزيم والخبراء لمناقصة تلزيم محطات المعاينة الميكانيكية، قررت لجنة التلزيم إرساء الصفقة مؤقتاً على الشركة صاحبة العرض رقم 11466، أي تحالف شركات (SGS) وزميلاتها، بسعر إجمالي يشمل الضريبة على القيمة المضافة وقدره /44,012,963,5/$ دولار أميركي سنوياً، لكونها الأفضل فنياً ومالياً. وحيث إن الشكاوى المنوَّه عنها تبين أن ثمة العديد من الملاحظات والمآخذ قد اعترت المناقصة المذكورة، من شأنها في حال ثبوتها أن تعيب الإجراءات الآيلة إلى توقيع العقد وإبرامه وتنفيذه، ومن شأنها أن تلحق الضرر بالأموال العمومية من جراء المطالبات والتعويضات التي قد تترتب لأصحاب الحقوق، فيما لو تمت مراجعة الأجهزة القضائية المختصة في هذا الخصوص.
وحيث إن الملاحظات والمآخذ تتلخص بما يلي:
1- عدم التقيد بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 83 تاريخ 8/4/2015، الذي قرر الموافقة على دفتر الشروط الخاص بإطلاق المناقصة العمومية المفتوحة… على أن يتم تعديله في ضوء الملاحظات التي أبداها الوزراء بشأنه، وذلك بعدما تبين من كتابكم رقم 12975/3 تاريخ 9/7/2015 الموجه إلى وزير الداخلية والبلديات أنه "تمت مناقشة كافة الملاحظات التي أبداها مجلس الوزراء مع وزارة الداخلية والبلديات، وأنه تم الأخذ ببعض الملاحظات، ولم يتم الأخذ بالبعض الآخر، ومنها على سبيل المثال عدم الأخذ بالتعديل المقترح المتعلق بالفقرة N7 والإبقاء على النص الأصلي…". هذا مع العلم أنه تمت إعادة صياغة دفتر الشروط الخاص في ضوء التعديلات المقترحة من إدارة المناقصات في كتابها الرقم 10/298 تاريخ 25/7/2015، والتي تناولت في بعضها أموراً أساسية وجوهرية لناحية عناصر المفاضلة بين العارضين ودور لجنة التلزيم في فتح الظروف وفض العروض، كل ذلك من دون أن يصار إلى إعادة عرض دفتر الشروط على مجلس الوزراء والحصول على موافقته على الصيغة النهائية كما تقضي بذلك الأصول والقواعد القانونية والمبادئ العامة ومنها قاعدة موازاة الصلاحيات والأصول، التي تقرر بأن سلطة الإقرار هي نفسها التي تقوم بالتعديل والإلغاء في حال غياب أي نص على خلاف ذلك.
2- مخالفة الأصول والقواعد والمبادئ العامة في تشكيل وعمل اللجنة الفنية، وذلك نظراً لعدم مراعاة متطلبات الاختصاص الفني في تشكيلها وللتعارض القائم في صفة بعض أعضائها وتضارب المصالح في هذا الخصوص وجمعهم بين صفة الخصم والحكم في آن معاً. فضلاً عن ذلك، قامت اللجنة المذكورة بتخطي الدور المنوط بها المقتصر على إبداء المشورة الفنية للجنة التلزيم، وذلك من دون إمكانية تقرير أو رفض العروض، وذلك بعدما تبين من محضر لجنة التلزيم، وتحديداً الصفحة 16، أن "اللجنة، وبعد المداولة، قررت الأخذ بما جاء في التقرير الفني لجهة القبول أو الرفض، مع التركيز على أن مضمونه لجهة التقييم ووضع العلامات يبقى على مسؤولية اللجنة الفنية التي أعدته"، الأمر الذي يستدل منه أن اللجنة الفنية هي التي قررت القبول أو الرفض وعلى مسؤوليتها، وذلك بعد تنصل لجنة التلزيم من المسؤولية الملقاة أساساً على عاتقها، الأمر الذي يثير الشكوك حول صدقية وموضوعية التقرير الفني الذي جرى على أساسه استبعاد ثلاثة عارضين من المناقصة، ولم يتح لهم مجال للمتابعة كي يصار إلى فضّ عروضهم المالية، بما يؤدي إلى توسيع المنافسة والحصول على السعر الأنسب والعرض الأفضل.
3 ــ يتبين من محضر لجنة التلزيم أنه يتم تعديل علامة الرمز (N1) للعرض رقم 11463من 1.33 إلى 3، وهو الحد الأدنى المطلوب كي لا يتم الاستبعاد على أساسه، الأمر الذي يثير التساؤل حول المبررات والأسباب والسند القانوني الذي تم على أساسه إجراء التعديل المذكور، هذا مع العلم أنه لو تم استبعاد العارض المذكور وعدم القيام بتعديل العلامة المذكورة لما بقي في المنافسة سوى عارض وحيد، وهو الذي رسا عليه الالتزام، ما كان سيستوجب معه إلغاء المناقصة، وإعادة إجرائها من جديد.
وحيث إن ما سبق ذكره، بحسب ما ورد ذكره في الشكاوى من شوائب ومخالفات اعترت إجراء المناقصة المذكورة تستوجب من جانبكم التريث في متابعة الإجراءات الآيلة إلى وضعها موضع التنفيذ، وعدم إكساب الغير حقوقاً من دون وجه حق، وخصوصاً أنّه لم يصر لغاية تاريخه إلى عرض المعاملة على موافقة مجلس الوزراء وعلى رقابة ديوان المحاسبة الإدارية المسبقة، الأمر الذي يشكل مخالفة لأحكام الفقرات الثالثة والثامنة والعاشرة من المادة 30 من قانون تنظيم ديوان المحاسبة.
لذلك، نطلب من جانبكم الإفادة بخصوص كل ما سبق ذكره والتريث بمتابعة الإجراءات الآيلة إلى وضع التلزيم موضع التنفيذ لحين جلاء الأمور وانتهاء التحقيقات القضائية التي تجريها النيابة العامة في هذا الخصوص، وذلك حرصاً على المصلحة العامة وحفاظاً على الأموال العمومية.




«سكروها وما تدفعوا مصاري»

«لا معاينة ميكانيكية ابتداءً من 5 أيلول»، هذا ما تعهدت به اتحادات نقابات النقل، أمس، في الاعتصامين الرمزيين اللذين نفذتهما في منطقتي الكولا والدورة. وكانت هذه الاتحادات النقابية قد واصلت تحركاتها الرافضة لخصخصة الميكانيك وتلزيم المصلحة للشركات، فيما كان يفترض أن تعود إلى كنف الدولة منذ عام 2010، باعتبار أن تلزيم الشركة السابقة كان إجراءً مؤقتاً لمدّة 10 سنوات بطريقة الـBOT. وقال رئيس الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل، بسام طليس، لـ«الأخبار»: «سنعقد اجتماعاً تحضيرياً في مقرالاتحاد العمالي العام في 2 أيلول للاتفاق على الخطوات التنفيذية لجهة إقفال مراكز المعاينة ومنع السيارات من الدخول إليها وتحديد الخطوات المقبلة».
أما رئيس اتحاد نقابات النقل البري، عبد الأمير نجدي، فأكد أن التصعيد مستمر حتى تحقيق مطلبنا، وهو «إلحاق هذه المراكز بأجهزة الدولة بشكل مباشر لتعزيز واردات الخزينة بدلاً من أن تذهب إلى جيوب بعض الأفراد، ولا سيما أن المبلغ الذي تتقاضاه هذه الشركات لا يدخل منها إلى الخزينة سوى قيمة الضريبة على القيمة المضافة». وقال إن الاتحادات التقت في اليومين الماضيين رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فالأول «بكي وبكانا»، والثاني قال لنا: «سكروها وما تدفعوا مصاري».