بين الحين والآخر، تعلن وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني اللبناني عن إنقاذ مراكب نزهة أو يخوت تعرضت لأعطال تقنية مفاجئة في عرض البحر أو شب فيها حريق أو تسربت إلى داخلها المياه. في 9 تموز الفائت، على سبيل المثال، التهم حريق هائل زورقاً سياحياً في منطقة ذوق مصبح، نجا من كان على متنه بأعجوبة بعد تدخل المنقذين. تتكرر مثل هذه الحوادث نتيجة "الخفة" التي يتم التعامل بها مع هوايات الإبحار والرياضات البحرية.
كلفة صيانة غير محسوبة

يقول رئيس ميناء بيروت محمد المولى إنه "لا يمكن لأي زورق نزهة أو يخت الإبحار من دون الاستحصال على إذن سفر". يوضح أن "إذن السفر لا يمنح إلا بعد أن يكون قد تم دفع الميكانيك وخضوع المركب للكشف وحصوله على شهادة سلامة يصدرها جهاز تفتيش السفن". هذا في القانون. أما الوقائع فتخالف الأنظمة والنصوص، فمصادر وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني تربط غالبية الحوادث المسجّلة بـ"وجود نقص في الصيانة"، ما يطرح تساؤلاً عن تغاضي جهاز تفتيش السفن والدوائر المختصة في الدولة عن العيوب الميكانيكية؟
يجيب أحد الخبراء البحريين عن هذا التساؤل باستهزاء، لافتاً الى "أن الأمر يقتصر في الكثير من الأحيان على دفع ما يجب من رسوم والحصول على التراخيص اللازمة من دون المرور في المراحل الخاصة بالكشف والصيانة"، يقول إن "معاينة الزوارق والمراكب واليخوت لا تختلف كثيراً عن واقع معاينة السيارات في لبنان وما يرافقها من فساد و فوضى ومحسوبيات".
70% من الذين يقودون مراكب ويخوتاً في لبنان لا يحملون إجازات

اقتناء زورق أو يخت يعدّ من الكماليات ويستخدم من قبل الكثيرين للتباهي والدلالة إلى موقع اجتماعي معيّن، إلا أن الخبير البحري، جهاد حرش، يرى أن "شراء المركب أصبح كشراء السيارة. وبمجرد أن يوفر بعض الناس المال أو يحصلوا على قرض من المصرف يمكنهم اقتناء زورق أو يخت من دون إدراكهم مدى التكاليف والأعباء، إذ إن المعاينة السنوية لمركب أو يخت عائلي يعمل بمحرك واحد وطوله 7 إلى 8 أمتار، تناهز 1500 دولار، وهذه صيانة عادية من دون أن يكون هنالك أي أعطال جوهرية. وبهدف التوفير، يلجأ أصحاب المراكب إلى ميكانيكي سيارات لصيانة زوارقهم ويخوتهم، ظناً منهم أن صيانة المراكب شبيهة بصيانة السيارات، وهذا يعرضهم لمخاطر كبيرة".

سهولة الحصول على رخصة قيادة

يعتبر الكثيرون من هواة قيادة المراكب أن "الحصول على رخصة قيادة مركب أسهل من الحصول على رخصة قيادة السيارة"، وهم لا يشعرون أصلاً بوجود رقابة على ذلك. تقدّر مصادر وحدة الإنقاذ البحري في المديرية العامة للدفاع المدني أن "ما بين 60 إلى 70% من الذين يقودون مراكب ويخوتاً في لبنان لا يحملون إجازات"، في حين يقول الحرش إن "ثلاثة أرباع أصحاب المراكب واليخوت لا يملكون رخص القيادة".
المشكلة الأساسية التي يقرّ بها المسؤولون هي غياب القدرة التنفيذية لضبط المخالفين. تشير رئيسة دائرة مركز الإعداد والتدريب البحري في وزارة النقل مايا الطيارة إلى أنه "ليس من صلاحياتنا اللحاق بكل شخص والطلب منه الخضوع للتدريب والحصول على رخصة". أما رئيس ميناء بيروت فيوضح "أننا لسنا سلطة تنفيذية لمراقبة من يقود بدون رخصة، وهذه من واجبات شرطة خفر السواحل التي يعود لها مراقبة من يخالف القانون".
على الرغم من أن معهد العلوم البحرية في البترون يوفر التدريب اللازم للحصول على إجازة، إلا أن عدد الذين يلجأون إليه لا يزال ضئيلاً.
تم إنشاء هذا المعهد عام 2009، وصدر القرار الذي ينظم إصدار إجازات الربابنة والملاحين العاملين على متن زوارق النزهة واليخوت في أيلول عام 2012. الخطوات بسيطة وليست معقدة وكفيلة بتعميم السلامة على نطاق واسع في هذا القطاع.
يتولى المعهد البحري تعليم وتدريب الملاحين العاملين في البحر من السفن التجارية والسفن السياحية وزوارق النزهة واليخوت، "وفق مناهج تعليمية وتدريبية ترتكز على المقررات النموذجية الموضوعة من قبل المنظمة البحرية الدولية". بعد اجتياز المرحلة التعليمية، تقوم المديرية العامة للنقل البري والبحري بإصدار إجازات الملاحين العاملين على متن زوارق النزهة واليخوت بكل فئاتها من ربابنة وميكانيكيين وبحارة بموجب القرار 887/1 الصادر في أيلول 2012.
لكل إجازة شروط يجب توافرها ودروس أكاديمية مختلفة وفقاً للاختصاص، وتحدد بوضوح حجم "القارب" الذي تخول الإجازة قيادته وطول الرحلة التي يسمح له باجتيازها.
مدة الدروس للحصول على إجازة ربان زورق نزهة هي أسبوع، فيما مدة الدروس الواجب اتباعها للاستحصال على إجازة ربان يخت ساحلي هي شهر.
تشير مايا الطيارة الى أن الرخصة "تصلح لمدة خمس سنوات، وبعد انقضاء هذه المدة يفترض بحامل الإجازة الخضوع لدورة تأهيل جديدة لتجديدها".