كما ذكرت في حملتها لتمويل مشروع «شوية صور» الإلكتروني عبر منصة «زومال» للتمويل الجماعي، قاومت الفنانة تانيا صالح (الصورة) الحالة الكارثية التي آلت إليها شركات الإنتاج العربية. تلك الشركات التي لم تدعمها يوماً في أيٍّ من أعمالها الثلاثة السابقة التي استغرق إنجاز كلٍّ منها ست سنوات. صالح التي كانت قد شقت طريقها بنفسها وبالتعاون مع أسماء كبيرة مثل زياد الرحباني، وتوفيق فروخ، وشربل روحانا وغيرهم ملتزمة باستقلاليتها رغم الصعوبات.
بعد نجاح حملتها في تحقيق المبلغ الكامل لتسويق أسطوانتها التي سبق أن أطلقتها في القاهرة، وأوسلو، والإسكندرية، ودبي، تحيي الفنانة اللبنانية غداً حفلة في الـ«موزيكهول»، لتكون بيروت آخر محطة لإطلاق هذا العمل.
كلامياً، تميّزت أعمال صاحبة «بلا ما نسمّيه» التي لطالما كانت من توقيعها، بالواقعية واللهجة اللبنانية غير البيضاء. نلاحظ في «شبابيك بيروت» اتجاهاً إلى كلمات مختلفة عمّا كنا نسمعه عن بيروت. وصفت العاصمة اللبنانية بكامل عريها، وأظهرت صوراً كلامية تحكي الحب والسياسة والمجتمع بخفة وتجرّد، لتنتهي بتنهيدة ربّما تعبر فيها عن غضب كبحته هذه المرّة في أسطوانةٍ تعتبر الأهدأ في مسيرتها حتى اليوم.

أما عصام الحاج علي، فيرافقها لحنه هنا في ثلاثة أعمال. نراه في «هي لا تحبّك أنت» يمارس الـ«بوسا نوفا» على شعر محمود درويش الفصيح. ونسمع أيضاً لحناً للراحل بوغوص جيلاليان في «طريق الحب»، لنتجّه إلى جو كلاسيكي أضفى عليه الرباعي الوتري المرافق للبيانو جواً هارمونياً بسيطاً نسبياً.
نلاحظ في أعمال صالح معالجة مختلفة للتهجين الموسيقي الذي بات يتبناه معظم «متعاطي» الموسيقى البديلة. في «شوية صور» التي لحّنتها بنفسها، استعراضات لارتجالات شرقية لبعض الآلات على مقام البياتي خلال «زن» للغيتار على الطريقة اللاتينية؛ على مقامٍ مختلف وغير زلزلي. إذاً سنستغرب المزيج اللحني حتى وإن كنا لا نعرف علم المقامات وتطابقها، ثم نرى أيضاً في ثالث أعمال الحاج علي، تناوباً بين مقاطع جاز وأخرى شرقية من دون اللجوء إلى أي تعديل أو محاولة لتوحيد النظامين الموسيقيين.
موسيقياً، لا شك في أنّ قوّة أعمال تانيا تكمن في جمعها طاقات وأسماء محلية كبيرة. أما الإنتاج الموسيقي الذي قامت به بالتعاون مع المنتج النروجي إيريك هيليستاد، فيثبت لنا متانة في تقنية الأداء، لا سيّما في صوت تانيا الذي يبرز في «من سكتات»، وهي تحية لعازفة القانون الراحلة إيمان حمصي. وقد غنّتها بمرافقة لحنية مطابقة للكمان على ما يشبه قالب اللونغا التركي، يحاكي وصفاً لآلة القانون الغائبة عن كل هذا الألبوم هذه المرّة. وينقلنا بين إيقاعين متناقضين في القالب والسرعة. أما العنصر الثاني، فهو الأداء التي شاركت تانيا أيضاً في «تأليفه» وتطويعه ليعبر عن أنوثةٍ محايدة، ثم يأتي العنصر «البرازيلي» في التأليف الموسيقي، الطاغي على معظم الأعمال. وتشير صالح إلى أنّها في عملها الأخير تتوجّه إلى الجالية اللبنانية في البرازيل.
في «شوية صوَر» عشر محطات، تسع منها غنائية وواحدة موسيقية، إضافة إلى نسخة آلاتية من إحدى الأغنيات، ستؤديها تانيا صالح غداً بمرافقة عبود سعدي (باص)، وفؤاد عفرا (درامز)، وليتي النجّار (وودويند)، وعادل منقاره (غيتار)، ونضال أبو سمرا (بيانو)، وكيفين صفدي (إيقاعات لاتينية)، وجيلبير منصور (إيقاعات شرقية)، وسمير نصر الدين (عود).

* «شوية صور»: غداً ــ 21:00 ــ «ميوزيكهول» (ستاركو ــ وسط بيروت). للاستعلام: 01/999666