أن تكتب عن فلسطين أو أن تقرأ عنها ليس بالأمر الذي يخلو من العواطف، وليس مطلوباً ذلك. ففلسطين، القضية، شغلت العرب والمسلمين منذ أقدم العصور، فكتب الرحالة والمؤرخون والجغرافيون والأدباء العرب والمسلمون عن مدنها وقراها ووديانها، وعن أرضها القدس الطاهرة. فإذا كان مجرد ذكر اسم البلاد يثير ما يثير من حنين ودفء، فكيف إذا كان الحديث عن عمل موسوعي كبير هو موضوع عرضنا هذا؟الباحثة نائلة الوعري، عرفها القراء العرب من قبل عبر كتابها الأول «دور القنصليات الأجنبية في الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين (1840-1914)» المهم الذي سبق لنا عرضه في منبر
آخر.

لقد عملت الباحثة على زيارة جميع كتب الرحالة العرب والمسلمين، الذين نشرت أعمالهم بالعربية، تبحث وتنقب عن كل موقع يرد فيه ذكر مدينة أو قرية أو وادٍ أو نهر أو تل، وغير ذلك الكثير، فأثرت معارفنا به، غير ناسية ذكر مكان وروده وما ارتبط به من أحداث، وشِعر وأحاديث، جردتها من الأساطير، فأعادتها إلى التاريخ الحقيقي، الواقعي، بعيداً من الخرافات.
أن يجمع المرء كل هذه المعلومات عن جغرافية فلسطين الطبيعية والمدينية ليس بالأمر السهل، فكيف إذاً بتبويب المعلومات كافة وفهرستها وفق أنظمة متعددة تسهل على القارئ العثور على مبتغاه بأقل جهد ممكن، وهو ما أثرت الباحثة به مؤلفها الموسوعي المرجعي. ولا شك في أن صدور نسخة رقمية منه سيساعد البحاثة على نحو أفضل آخذين في الاعتبار حجمه الكبير.
نعم صدرت قبل هذا المؤلف كتب عدة عن مدن فلسطين، وعن جغرافيتها الطبيعية، في كراسات من غير الصحيح ولا الممكن تجاهلها، وهو ما لا نرغب إليه. لكن شمولية هذا العمل الكبير تدفعنا إلى منحه مكاناً خاصاً في المكتبة العربية، بل المكتبة العامة عن فلسطين، ماضياً وحاضراً.