كاد المرشح الجمهوري دونالد ترامب أن يكون الأكثر إثارة للجدل عقب وقوع الهجوم على مقهى ليلي في أورلاندو في ولاية فلوريدا، موقعاً 50 قتيلاً ونحو 53 من الجرحى، وهو حدث وصفه عمدة المدينة، بادي داير، بأنه الأسوأ في تاريخ البلاد، بل أسوأ من 11 أيلول 2001، كما ذكرت شبكة «سي أن أن»، فيما وصفه الرئيس باراك أوباما بأنه «عمل إرهاب وكراهية».وأعلن ترامب تلقّيه اتصالات لتهنئته بأنه كان على حق في موقفه من «التشدد الإسلامي». وقال في تغريدة إنه يشكر كل الذين اتصلوا به «لتهنئته لأنه كان على حق في كلامه عن الإرهاب الإسلامي المتشدد»، مستدركاً: «إلا أنني لا أريد التهاني بل أريد الحذر والحزم. لا بد لنا من أن نكون أذكياء». وتلقى ترامب انتقادات قاسية باعتباره يستغل هذه «المجزرة» ليحقق مكاسب سياسية.
من جهة أخرى، قال أوباما في كلمة مقتضبة ألقاها في البيت الأبيض، مساء أمس، إن «أي عمل إرهاب وكراهية لا يمكن أن يغيّر ما نحن عليه»، مضيفاً: «حسناً فعل الاف بي آي (مكتب التحقيقات الفدرالي) حين فتح تحقيقاً في عمل إرهابي». وقد أمر أيضاً بتنكيس جميع الأعلام على المباني الفدرالية حداداً على الضحايا.
أوباما: إن أيّ عمل إرهاب وكراهية لا يمكن أن يغيّر ما نحن عليه

وعرّفت السلطات مطلق الرصاص بأنه عمر متين، وهو أفغاني أميركي من مواليد عام 1986، ولم تتبين السلطات في البداية دوافع العملية وطبيعتها، لكن قنوات أميركية أكدت في ما بعد أن مطلق النار كان قد بايع تنظيم «داعش». ونقلت شبكة «أن بي سي» عن مصادر في الشرطة أن المشتبه في ارتكابه المجزرة داخل ملهى للمثليين، اتصل قبل لحظات من تنفيذ جريمته برقم الطوارئ 911 ليعلن مبايعته للتنظيم المتطرف. ولاحقاً، كشفت وكالة «أعماق» المرتبطة بـ«داعش» أن التنظيم أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار في الملهى الليلي.
وكان مسؤول كبير في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي قد قال: «ربما لديه ميول تجاه متشددي تنظيم داعش»، لكن والد مطلق النار أكد أن ما حصل «ليس له أي علاقة بالدين». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة «رويترز» أن حساباً على موقع «تويتر»، «مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية»، قد وضع صورة يقول إنها لعمر متين، مع تعليق: «عمر متين منفذ هجوم الملهى لليلي بولاية فلوريدا والذي قتل فيه 50 شخصاً وجرح العشرات».
وفي تفاصيل الحادث كما رواها شهود، فإن شرطياً يعمل حارساً داخل ملهى «بالس»، حيث جرت العملية، تبادل إطلاق النار مع المشتبه فيه نحو الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وسرعان ما تطور الموقف، فتم احتجاز رهائن، وبعد ثلاث ساعات اقتحمت فرقة من الجنود الملهى وقتلت الرجل، من دون أن يتضح متى أطلق المسلح النار على الضحايا. وقالت الشرطة إن ضابطا جُرح بعد إصابته برصاصة في خوذته خلال تبادله النار مع المهاجم.
وبعد ساعات قليلة من عملية إطلاق النار، ظهر اختلاف ردود الأفعال السياسية بين «الديموقراطيين» و«الجمهوريين». فمن جهتهم، شدد «الديموقراطيون»، قبل تبنّي «داعش»، على ضرورة وضع مزيد من الحظر على الأسلحة، مدينين في الوقت نفسه استهداف المثليين، فيما حذر «الجمهوريون» من الخطر الإرهابي الداخلي المتزايد في الولايات المتحدة. وقال السناتور الجمهوري، جيف فلايك، لقناة «أن بي سي» الأميركية، إن النقاش العام الذي سيلي هذا الحدث سيتبين مع الوقت عند معرفة دوافع مطلق النار، لكنه رأى أنه «إذا تبين أن هذا الشخص استوحى من داعش على الأقل، فإنّ النقاش سيكون عن الإرهاب، أو عن الأسلحة في حال تبيّن أنه ليس متطرفاً». أما السناتور بيرني ساندرز، فقد رأى أن حادث إطلاق النار يعطي سبباً إضافياً لإعادة النظر في القوانين الحالية حول حيازة الأسلحة. وكذلك فعلت مرشحة الحزب «الديموقراطي»، هيلاري كلينتون، التي دعت سابقاً إلى مزيد من الحظر على الأسلحة في الولايات المتحدة.
ومع إعلان عمدة المدينة أن عدد القتلى 50 شخصاً، يكون هذا الهجوم هو الأدمى في تاريخ الولايات المتحدة، إذ حصد أكثر من ضحايا هجوم جامعة فرجينيا للتكنولوجيا عام 2007 والذي قتل فيه 32 شخصاً. ولا بد من أن يعيد هذا الهجوم طرح استفهامات حول «ثقافة الأسلحة» في البلاد وانتشار العنف المسلح فيها، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. ونشر التقرير بيانات عن صحيفة «ماذر جونز» الأميركية تظهر أنه، على مرّ ثلاثة عقود، حصلت 62 عملية إطلاق نار جماعي، بين 1982 و2012، و18 عملية أخرى في السنوات الثلاث الأخيرة، وفي أغلب الأحيان ظهر أن مطلقي النار قد حازوا أسلحتهم بطريقة قانونية. كذلك، بيّن تقرير نشره «مكتب التحقيقات الفدرالي» منذ عامين أن مثل تلك الحوادث هي في ازدياد، إذ في إحصاء آخر لـ«واشنطن بوست» ظهر أن معظم حوادث القتل الجماعي حصلت في الأعوام القليلة الأخيرة.
واللافت أن هذا الهجوم هو ثاني إطلاق نار تشهده أورلاندو خلال يومين. فمساء يوم الجمعة الماضي، قتلت المغنية الأميركية كريستينا غريمي برصاص أطلقه رجل عليها خلال توقيعها لمعجبيها بعد إحيائها حفلة في المدينة نفسها.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)