في الدقائق الأخيرة من كلمة المتحدث باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني قبل نحو أسبوع، عبّأ «الحكيم»، كما يُسميه أتباعه، جنود التنظيم معنوياً. بدت الكلمات الأخيرة كـ«أمر عمليات» إلى عناصر التنظيم أينما وُجِدوا. سمّى العدناني في خطابه الأخير «ويَحيَى من حَيَّ عن بيِّنةٍ»، شهر رمضان بـ «شهر الغزو والجهاد»، قائلاً: «يا أيها الموحدون. تحضّروا لتجعلوه شهر وبالٍ في كل مكان. ولئن أغلق الطواغيت باب الهجرة في وجوهكم، فافتحوا في وجوههم باب الجهاد. فإنّ أصغر عملٍ في عقر دارهم، أفضل وأحب إلينا من أكبر عمل عندنا. وإن كان أحدكم يتمنى ويسعى جاهداً للوصول إلى دولة الإسلام. فإن أحدنا يتمنى أن يكون مكانكم لينكّل بالصليبيين والمرتدين. لا تستحقروا من عمل فإنّ مردوده على المجاهدين عظيم وأثره على الكافرين كبير». ودعا المتحدث باسم «الدولة» إلى استهداف المدنيين في كل مكان، قائلاً: «لقد وصلنا أن بعضكم لا يستطيع العمل لعجزه عن الوصول إلى أهداف عسكرية. ويتحرّج من استهداف ما يسمى بالمدنيين، فيُعرض عنه لشكّه بالجواز والمشروعية. فاعلموا أنه في عقر دار المحاربين لا عصمة للدماء. ولا وجود لما يسمى بالأبرياء. (...) استهدافكم لما يسمى بالمدنيين أحب إلينا وأنجع، كونه أنكى بهم وأوجع، فهبوا في كل مكان، عسى أن تنالوا الأجر العظيم في هذا الشهر الكريم».
غيّر التنظيم أسلوب عمله بعد الضربات التي تلقتها بنيته الاولى في لبنان
بعد كلمة «حكيم الأمة»، كما وصفه أحد جنود التنظيم لـ «الأخبار»، تنفّس أنصاره الصعداء، سواء في العالم الافتراضي أو في أماكن اختبائهم. وقرأوا فيها أنّ «تنظيم الدولة الإسلامية بخير. وكل ما يتردد عن تقهقره في عاصمته الرقة ليس سوى وهم من صنع الإعلام المعادي». وبالتالي، فإن «أي انسحاب أو تراجع، ليس سوى تكتيك وإعادة تموضع بحسب متطلبات الميدان والمعركة». كما أن كلمة الرجل الأقرب من «أمير دولة الخلافة» أبو بكر البغدادي، أكّدت ما جرى تداوله أخيراً عن «أمر عمليات» من قيادة التنظيم الى عناصره بتنفيذ هجمات وتفجيرات متى أمكن. وهي حملت «كلمات سر»، كما يفسّرها مؤيدون للتنظيم. إذ أنه كان واضحاً في حثّه أنصار التنظيم على تنفيذ عمليات "في الشهر الكريم" حيث هم بدلاً من الهجرة إلى "أرض الدولة الإسلامية".
وتزامنت إذاعة الكلمة مع استنفار الأجهزة الأمنية اللبنانية في الأيام الماضية إثر ورود معلومات استخبارية عن التحضير لعمل إرهابي خلال شهر رمضان. فعمّمت استخبارات الجيش على مختلف الأجهزة وثيقة أمنية تحذر من «انتحاري» محتمل بين منطقة الكولا وسعدنايل. وتحدثت وثيقة أمنية أخرى عن معلومات عن «عملية انغماسية تحضّر ضد أهداف مدنية»، يُتوقع تنفيذها خلال شهر رمضان أيضاً. فيما أشار وزير الداخلية نهاد المشنوق، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، الى توقيف ثلاث شبكات إرهابية كانت تُعدُّ للقيام بعمليات إرهابية. وعلمت «الأخبار» أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت توقيف خمس خلايا إرهابية مرتبطة بتنظيم «الدولة»، أوقفت ثلاثاً منها استخبارات الجيش، فيما نجح ضباط فرع المعلومات في توقيف خليتين خطيرتين.
بالتزامن، شُدِّدت الرقابة على بعض مداخل الضاحية الجنوبية وكُثِّفت عمليات الدهم، وأوقف مزيد من الخلايا، من بينها خلية «خربة داوود» التي فَكّكتها استخبارات الجيش قبل أيام، وتبين أنّها بإمرة الموقوف جاسم سعدالدين الذي اعترف باغتيال بدر عيد، شقيق النائب السابق علي عيد، عام 2015 في كمين على طريق الكويخات في عكار. كما أوقف الأمن العام «الأمير الشرعي» لمجموعة متشددة في الشمال يدعى عبدالله الأحمد اعترف بالعمل على تجنيد عناصر وإعدادهم فكرياً. وأوقف أيضاً عشرات الأفراد على أيدي استخبارات الجيش والأمن العام وفرع المعلومات اعترفوا بضلوعهم في تجنيد عناصر والإعداد لعمليات أمنية. وكشف موقوف لبناني لدى فرع المعلومات عن استراتيجية عمل التنظيم التي تقوم على تجنيد أفراد مستقلين عن هيكليته، على أن يتولى هؤلاء تجنيد عناصر مساعدة تمهيداً للقيام بعمل أمني معين. وكشفت معلومات عن التحضير لاستهداف مراكز عسكرية وعسكريين.
وتشير الاعترافات الى أن أكثر التنظيمات تشدداً في العالم عمد إلى تغيير استراتيجية عمله بعد الضربات التي تلقتها هيكليته الأولى في لبنان، إثر العمليات الأمنية الاستباقية التي أسفرت عن توقيف أفراد خلاياه. وبات أسلوب عمله يعتمد على الخلايا العنقودية المنعزلة إحداها عن الأخرى، حرصاً على عدم افتضاح أمر المجموعة بأكملها. وهذا الأسلوب اعتمده التنظيم في عملية برج البراجنة المزدوجة، من دون ان يحول ذلك دون توقيف معظم أفراد الخلية بعد تحليل داتا الاتصالات، ما دفع التنظيم إلى اعتماد إجراءات أمنية أكثر سرية لحماية خلاياه. واللافت في مضبوطات الخلايا التي فككتها الأجهزة الأمنية هو اقتصارها على الأحزمة الناسفة، على حساب كميات المتفجرات التي تُستخدم عادة لتفخيخ السيارات، ما يشير إلى الأسلوب الفرديّ الجديد الذي تعتمده هذه الخلايا، لكن من دون الجزم بأن التنظيم لن يعمد إلى تفجير سيارة مفخخة حيث يستطيع. فما حال دون العودة إلى السيارات المفخخة ليس سوى الضغط الذي مارسته الأجهزة الأمنية. والتنظيم سيستغل أي ثغرة إذا وُجِدَت.
وجاءت كلمة المتحدث باسم «الدولة» لتعزز معطيات الأجهزة الأمنية عن قرار اتُّخذ باستهداف مقرات عسكرية، لكن عمليات الأجهزة الأمنية شلّت قدرتها على التنفيذ. ويظهر ذلك من خلال دعوة العدناني إلى استهداف المدنيين، عوضاً عن الأهداف العسكرية، متى وكيفما استطاعوا، لأن ذلك أيسر عليهم، وأشدّ تأثيراً على الرأي العام.




أمير درزي لـ «خلية إرهابية»!

أعلنت المديرية العام لأمن الدولة عن توقيف خلية إرهابية مؤلفة من أربعة أشخاص في منطقة عاليه قبل أيام. وذكرت المعلومات أنّ المشتبه فيهم الأربعة كانوا يختبئون في ورشة بناء في المنطقة، قبل أن يتبين أنّ اثنين منهم لبنانيان ينتميان إلى الطائفة الدرزية، إضافة إلى سوريين اثنين. وجرى ترويج معلومات تشير إلى أنّ أحد الموقوفَين اللبنانيين (الدرزيّين) اعترف بأنّه أمير المجموعة الموقوفة "المرتبطة بتنظيم "داعش"". لم تُكمل الرواية في السياق نفسه. فبحسب مصادر أمنية لـ«الأخبار»، نُقل الموقوفون الأربعة، بناء على إشارة القضاء العسكري، لاستكمال التحقيق معهم لدى فرع المعلومات التابع لقوى الامن الداخلي. ولدى استجواب محققي الفرع إياهم، ثبت ان ما نسبته إليهم تحقيقات امن الدولة غير صحيح، ولا وجود لأي دليل أو شبهة تشير إلى علاقة للموقوفين بأي مجموعة إرهابية. حتى تحليل داتا الاتصالات لم يؤدِّ إلى جديد، فتقرر تركهم أحراراً بعدما تبيّن أنّ عملية التوقيف جاءت بناءً على إفادة مُخبر غير موثوق به.