على خلاف ما جرى في معارك سابقة، يتحفظ قادة «الحشد الشعبي» والقوات الأمنية العراقيون عن الادلاء بأي معلومات عن الخطة التي سيجري على أساسها تحرير قضاء الفلوجة (62 كم غرب بغداد)، أبرز معاقل «داعش» وأولها في العراق، وهو ما يعكس أهمية المعركة وخصوصيتها الميدانية.
وتؤكد المعلومات الرسمية أن فصائل «الحشد» جميعها ستشارك في المعركة، التي اقتنعت الحكومة العراقية بضرورة شنّها استجابة لدعوات قادة «الحشد الشعبي»، وخلافاً لما كان متداولاً عن «الخطة الأميركية» المرتبطة بملف الحرب على «داعش»، التي كانت تنص على تقديم تحرير مدينة الموصل (406 شمال بغداد) على الفلوجة.


وكانت قوات «الحشد» قد أكملت انتشارها في محاور الفلوجة، قبل يومين، استعداداً لاقتحام المدينة. ونقلت وسائل الإعلام العراقية عن مصادر قولها إن «قوات الحشد الشعبي، من لواء علي الأكبر وأبو الفضل العباس ولواء المنتجبين وفصائل أخرى، أكملت انتشارها وجميع استعداداتها القتالية في محاور الفلوجة»، مشيرة إلى أن «قوات الحشد الشعبي أنهت عملية نصب صواريخ الراجمات والمدفعية الثقيلة، مع نشر وحدات من الدروع والدبابات لتأمين كثافة نارية للقوات البرية التي ستتولى عملية اقتحام المدينة».

أعلنت وزارة الداخلية

جاهزية افتتاح منفذ طريبيل

مع الأردن


من جهته، صرّح عضو لجنة الرأي في إعلام «الحشد الشعبي»، ناظم الأسدي، بأن «كافة فصائل الحشد موجودة وجاهزة لتحرير أهم معقل يتحصّن داخله الإرهابيون في العراق». وفي حديث لـ«الاخبار»، شدّد على أن «هذه المعركة تختلف عن المعارك السابقة لأسباب عدة، أبرزها أن الفلوجة هي أقدم معاقل التنظيم». وأوضح أن «التنظيم موجود هناك، منذ وقت طويل جداً، ما يعني قيامه بتحصينات كافية، فضلاً عن طبيعة المدينة ووجود المدنيين الذين يحتجزهم عناصر داعش». وفيما أشار إلى أن «الأدوار توزعت بين فصائل الحشد الشعبي وقطعات الأمن الأخرى، من الجيش العراقي والحشد العشائري، وقوات مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية»، لفت أيضاً إلى أن «الحشد وضع خططاً لمنع تسلّل عناصر داعش مع الأسر التي بدأت، منذ أيام، تسلك الطرق الآمنة للخروج من المدينة».

ومعروف أن قرار تحرير الفلوجة كان محلّ جدل، في ظل معلومات كانت تؤكد رغبة واشنطن الذهاب إلى الموصل في البداية، لكن أطرافاً سياسية وأمنية، في مقدمتها «الحشد الشعبي»، دفعت باتجاه أن تكون الفلوجة المحطة العسكرية الأولى، بعد تحرير جزيرة سامراء الذي أُنجز قبل شهرين، وخصوصاً في ظل تقارير أمنية ربطت بين الخروقات الأمنية الأخيرة في بغداد وخلايا «داعش» في الفلوجة، ومناطق محيطة ببغداد، لا تزال تشكل تحتضن التنظيم الإرهابي.

وكان القادة المعنيون بمعركة الفلوجة قد عقدوا اجتماعاً موسعاً في «معسكر المزرعة» (شرقي الفلوجة)، ضم ممثلين عن الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب و«الحشد الشعبي»، وهو الاجتماع الذي حسم الخطة النهائية لدخول المدينة الذي يتوقّع أن يجري عبر أكثر من محور. ونفى مصدر أمني لـ«الأخبار» أن يكون قد شارك أي ممثل عن «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، في الاجتماع.

بدوره، صرّح قائد قوات التدخل السريع، التابعة للشرطة الاتحادية العراقية العميد ابو تراب بأن «تحرير الفلوجة سيوفر تأمين مناطق واسعة وكبيرة وينهي الهجمات الإرهابية، التي تتعرض لها بغداد والمدن المجاورة». وقال لـ«الأخبار» إن «تحرير قضاء الفلوجة صار ضرورة، لأن داعش يستخدمها قاعدة للانطلاق وشنّ هجمات إرهابية على بغداد».

وتشير تقارير أعدتها جهات أمنية، تابعة للحكومة في بغداد، إلى أن 70 في المئة من عناصر «داعش» في الفلوجة هم من الأجانب، وخصوصاً بعد انسحاب عناصر التنظيم من أهالي الفلوجة باتجاه المدن الأخرى.

في غضون ذلك، أعلنت الأجهزة الأمنية عن فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين من المدينة المحاصرة، من أربع جهات. وصرحت خلية «الإعلام الحربي»، التابعة لمجلس الوزراء، بأن عدداً من عوائل مدينة الفلوجة نزحت باتجاه القوات الأمنية، استجابة لنداءات أُطلقت، منذ نحو أسبوع، في سبيل إخلاء القضاء القابع تحت سيطرة «داعش»، منذ كانون الثاني 2014. أما السكان غير القادرين على الخروج، فسيتعيّن عليهم رفع رايات بيضاء، منعاً لاستهدافهم من قبل القوات الأمنية وفصائل «الحشد الشعبي». في سياق آخر، أعلنت مديرية المنافذ الحدودية في وزارة الداخلية جاهزية افتتاح منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن (غرب محافظة الأنبار) واستئناف العمل فيه.

وقال معاون المدير العام للمنافذ الحدودية، اللواء حسين محبوبة، إنّه «بعد تحرير المنفذ والطريق العام المؤدي له، من قبل القوات الأمنية والحشد الشعبي، جلا تجهيزه بالبنى التحتية والبشرية المطلوبة للمنفذ، وبقيت فقط موافقة الحكومة لإعادة افتتاحه».

كذلك، فقد لفت إلى «مخاطبة الجانب الأردني بخصوص استئناف العمل بالمنفذ، وقد أبدى موافقته وتجاوبه لذلك»، موضحاً أنّ «وزير الداخلية أمر بنقل ضباط ومراتب لمنفذ طريبيل استعداداً لافتتاحه». وأكد «وجود قوة حماية للمنفذ مع فوج كامل من الشرطة الاتحادية والجيش العراقي، بالإضافة إلى تأمين الطريق السريع العام من قبل الحشد الشعبي».