انتقلت عدوى الصراع من الحزب الجمهوري إلى الحزب الديموقراطي، في ظل مواجهات بين داعمي المرشح برني ساندرز وقادة الحزب الذين يطالبونه بالانسحاب من السباق التمهيدي. وبينما بدأ قادة الحزب الجمهوري وناخبوه يلتفّون حول مرشحهم الوحيد الباقي دونالد ترامب، وجد برني ساندرز نفسه أمام حملة شرسة من قادة حزبه، الذين يروّجون أن مواصلته في السباق التمهيدي تهدّد بانقسام الحزب.


وفي الوقت الذي كان يسعى فيه دونالد ترامب إلى التقرّب من منتقديه، مثل الشخصية الإنجيلية في ولاية آيوا بوب فاندار بلاتس، إضافة إلى لقائه اللافت مع وزير الخارجية السابق هينري كيسنجر، كانت المعركة بين المرشحين الديموقراطيين، هيلاري كلينتون وبرني ساندرز، تتحوّل إلى أكثر قساوة وحدة، لكأن انتهاء تمهيديات الجمهوريين تكشّفت عن نزاع مبطّن يعيشه الديموقراطيون.

بدأت آخر مظاهر الأزمة، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وقد تجلّت بانعدام الثقة الكبير الذي أظهره داعمو ساندرز تجاه قادة الحزب الديموقراطي. فقد أوقفت قوات الأمن مؤتمراً للحزب في ولاية نيفادا، بسبب شجار اتهم أنصار ساندرز بالوقوف وراءه، بسبب ما وصفوه بسياسة حزبهم غير العادلة تجاه مرشحهم. أقلق هذا التطوّر القادة الديموقراطيين، الذين كانوا قد عبّروا عن شعور عارم بالغضب بسبب إطالة أمد الانتخابات التمهيدية، فعلّقت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي، النائب ديبي ويسرمان شولتز، قائلة إن "ما حصل في نيفادا كان غير مقبول"، مضيفة أن "ساندرز صبّ الزيت على النار".

وقد ردّ مسؤول حملة ساندرز جيف ويفر على تصريح شولتز، قائلاً إنها من الأسباب وراء انقسام الحزب، واتهمها بالانحياز بشكل غير لائق، أثناء جولات السباق التمهيدي.



رفض ساندرز في خطاب في كاليفورنيا دعوات الانسحاب من السباق



وكان ساندرز قد فاز، قبل يومين، في الانتخابات التمهيدية لحزبه في ولاية أوريغون، بينما هزمته كلينتون في ولاية كنتاكي. وبحسب النتائج، فقد حاز ساندرز ــ الذي يرفض الانسحاب من السباق ــ نسبة 54.5% مقابل 45.5% لكلينتون في أوريغون، فيما أعلنت وزيرة الخارجية السابقة فوزها بفارق ضئيل في كنتاكي، حيث حققت 46.8% مقابل 46.3% لمنافسها، بفارق 1.923 صوتاً فقط.

وفيما صرح ساندرز، في خطاب حماسي أمام حشد جماهيري في كاليفورنيا، التي تنتظر اقتراعاً حاسماً، بأنه يتوقع الفوز فيها، فقد أكد رفضه الدعوات للانسحاب من السباق، قائلاً إن الأميركيين في كاليفورنيا لديهم الحق في اختيار رئيسهم المقبل، ومتعهداً بالصمود حتى المؤتمر العام للحزب، المقرر في فيلادلفيا بين 25 و28 تموز المقبل.

وبهذه النتائج تكون كلينتون قد حصلت على أصوات 2294 مندوباً (بينهم المندوبون الكبار)، فيما يبقى لها 89 مندوباً فقط للحصول على ترشيح الحزب، غير أنها قد لا تحسم السباق قبل مؤتمر الحزب، لأن المندوبين الكبار لا يصوّتون رسمياً قبل المؤتمر. أما ساندرز، فقد فاز بـ 1523 مندوباً ويحتاج الحصول على 860 مندوباً آخرين للفوز بترشيح الحزب، الذي يتطلب أصوات 2383 مندوباً على الأقل.

وستشهد الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى فترة هدوء تستمر أسبوعين، لتبدأ بعدهما إجراءات آخر منافسات رئيسية، بما في ذلك ولاية كاليفورنيا التي تشكل أكبر ولاية لدى الديمقراطيين وتملك 475 مندوباً، وذلك في السابع من حزيران المقبل.

ولكن بالنسبة إلى ساندرز الذي ناقش مسألة سياسة حزبه الانتخابية على مدى عقود، فإن الأهم الآن بالنسبة إليه أنه بدأ يحوز اهتمام ودعم جمهور كبير في هذا المجال. أما بالنسبة إلى حلفاء كلينتون من الديموقراطيين، فهم يعترفون بأنهم يواجهون معضلة، ذلك أنه لا يمكنهم إبعاد ساندرز من دون أن يؤدي هذا الأمر إلى إغضاب ناخبيه، خصوصاً أن كلينتون ستكون بحاجة لدعمهم، لاحقاً، خلال الانتخابات العامة.

وفي محاولة لتجنّب صراع قاسٍ، خلال المؤتمر العام للحزب الديموقراطي، تسعى اللجنة الوطنية للحزب إلى تقديم تنازلات للسيناتور برني ساندرز. وفيما لم تتضح ملامح هذه التنازلات بعد، لكن من المتوقع أن لا تكون كافية من أجل إقناعه بالعزوف عن الاستمرار في السباق التمهيدي، وبالتالي مواصلته خوض معارك بشأن مواقف حزبه السياسية الداخلية والخارجية.

(الأخبار)