هم نجوم لهم شهرتهم وتجربتهم الرياضية الطويلة. يصلون إلى عمر لم يعد بإمكانهم إكمال مسيرتهم فيحين موعد اعتزالهم. لكن هذا الموعد لا يعني بداية حياة ظل لمشاهير الملاعب. فاستوديوات التحليل بانتظارهم لتحويلهم من نجوم الملاعب إلى مشاهير الشاشات.
ظاهرة بدأت تنتشر كثيراً في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع اتساع رقعة المحطات الرياضية، فتشابهت النماذج بين البلدان العربية من مصر إلى المغرب العربي إلى الخليج، مع أمثلة كثيرة، كأحمد شوبير، مجدي عبد الغني، طاهر أبو زيد، حازم إمام، ميدو، نبيل معلول، نواف التمياط، حمود سلطان وغيرهم.
لبنان الذي لطالما كان رائداً في الإعلام في المنطقة العربية، لا يمكن أن يخرج عن السياق، بل كان سباقاً في بعض الأحيان عبر تقديم نجوم رياضيين إلى الشاشات. فالبداية كانت مع الإعلامي الذي لمع مع نادي النجمة علي صفا, والذي كان أول لبناني يطل على فضائية عربية، فكانت «MBC» بوابة صفا إلى العالم العربي والخارجي الرياضي.
لكن رياضيين آخرين ساروا على نفس الدرب، وإن كان بتجارب مختلفة كوفيق حمدان، جمال الحاج، حسن أيوب، إبراهيم الدهيني وغيرهم من الرياضيين الذين انتقلوا من الملاعب إلى الشاشات، إعلاميين أو محللين.
في كرة السلة لا يختلف الوضع، وإن كان بزخم أقل، حيث نجح طوني بارود لاعب كرة السلة، في أن يكون أيقونة التعليق في كرة السلة، إلى جانب لاعبين ولاعبات آخرين دخلوا مجال الإعلام، كطوني خليل وناتالي مامو ولاعبة التنس ساندرين جبرا.
لكن كيف استفاد هؤلاء الرياضيون من تجربتهم للدخول إلى عالم الإعلام؟ وماذا استفاد الإعلام والرأي العام من تجربتهم؟
بالنسبة إلى الإعلامي علي صفا، فإن التجربة الرياضية تغني صاحبها بمعرفة مكثفة في مجال إعلامي رياضي واسع، والأهم أن يعرف صاحبها كيف يقدمها ويوظفها. فالإعلام أساساً يتطلب أن «تَعلَمْ، وتُعلم، وتعلّم».
فالرياضي الإعلامي يكون على دراية علمية مجربة في تفاصيل الرياضة (تاريخها وأهدافها وقوانينها وتطورها). وفي لعبة محددة، يكون عارفاً بأسسها (قوانين، تكتيك، خطط، مهارات)، وكذلك في أوضاع أجهزة اللعبة (إدارياً، فنياً، طبياً)، ونفسيات اللاعبين وظروفهم. لذا، فهو أفضل معبّر عن مساراتهم من رؤية شاملة.

لم يعد العمر
الرياضي في الملاعب هو فترة الشهرة للاعبين الكبار


وبالنسبة إلى صفا، يبقى أسلوب التعبير الإعلامي (اللغة، روح الأداء) بتميز خاص به.
ويوافق صفا على أن تجارب الإعلامي تغني مجاله والإعلام عموماً حيث يعمل. والإعلام يسير بين متخصص وممارس بالتجربة، فكيف إذا كان الإعلامي الرياضي متخصصاً ولاعباً في الأصل؟ من هنا تأتي رؤيته أشمل وأدق بسبب خوضه عملياً في التفاصيل.
«واللاعب عموماً له حضور خاص لدى الجمهور المتابع، وصدقية أكبر، خصوصاً إذا ما عرف كيف يكون موضوعياً وصادقاً حيال الجميع، (وهذا يظهر بوضوح لدى نجومنا على الشاشة المحللين، وكذلك على المعلقين الناجحين، أما في مجالات الصحافة، فأتركها لك وللآخرين لتقويمها.»
«وبالنسبة إلى تجربتي الخاصة، يمكنني أن أقول بتواضع، إنّ تجربتي نقلتني إلى مجال عالمي لأكون أول إعلامي لبناني يتسلم قسماً في أول وأهم محطة عربية ـ عالمية (mbc ـ لندن) لسنوات، كمقدم برامج وأخبار ومعلّق ومحلّل في دورات أولمبية وكؤوس عالمية».
ويرى صفا أن الإعلامي يجب أن يفيد ويستفيد، عبر تبادل المعلومات وتعدد أساليب العمل ومختلف التجارب المتطورة. فكما يتعلم الرياضي الإعلامي من آخرين، يصبّ فوائده أيضاً في مجال الإعلام العام، وهذه من أسس التطور والحضارة.
«فمن الضروري جداً أن يعمل الإعلامي على بناء «شخصية» خاصة في ما يتميز بها أسلوباً وتقديراً، بمعنى أن «ليس مهماً أن ترضي فلاناً وفلاناً، بل أن يحترمك الآخرون المتابعون أينما كنت، حتى لو كتبت في غير مصلحتهم. وعلينا ألّا ننسى أن من أهداف الإعلام الرياضي تنمية الحقائق في الأخبار والقضايا والعلاقات الإنسانية في الوطن والعالم».

طوني بارود أيقونة التعليق

كانت الفترة الانتقالية بين الألفية الثانية والثالثة محطة لنجومية لاعب كرة السلة طوني بارود، معلّقاً على مباريات الفرق اللبنانية في البطولات الآسيوية والعربية ومباريات منتخب لبنان. عبارات حفرت في ذاكرة اللبنانيين «شرقط»، «تايغر»، «جنينية نداي»، «ضوّا شموع»... إلى كثير من العبارات التي ميّزت بارود ليكون من أنجح المعلقين. «ساعدتني خبرتي كرياضي في عملي، لكوني جزءاً من اللعبة، فكنت أعرف بماذا يشعر اللاعبون في حالات الفرح والحزن. وأنا بطبعي مرح أحب أن أشارك الناس حماستهم وعطشهم للإنجازات».
وبرأي بارود أنه نجح في نقل التعليق من شكله التقليدي ليكون أكثر ترفيهية ومتعة عبر المصطلحات التي قدمها للجمهور. فنجح في جمع الناس حول هذه اللعبة.
لكن مشوار بارود مع التعليق الرياضي لم يستمر، فقد انتقل إلى مجال تقديم البرامج الترفيهية. «من الطبيعي كرياضي أنني أبحث عن المنافسة، لذلك انتقلت إلى مكان آخر أوسع انتشاراً وأكثر منافسة. لكن يبقى الأهم تجربتي الإنسانية عبر التعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية في نشاطات تفيد ذوي الاحتياجات الخاصة».