في بدايات عام 2004 انطلق موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وبعده في 2006 أُطلق «تويتر»، وإثر سلسلة من التطورات التكنولوجية التي طرأت على حياة أفراد المجتمع ككل، صارت هذه الوسائل جزءاً من حياتهم. لاعبو كرة القدم، مثلهم مثل اي احدٍ آخر، فهم يعتمدونها لنشر آخر أخبارهم وصورهم ومشاريعهم، وإعلان أي جديد لهم، والأهم التفاعل مع جماهيرهم، وجماهير الخصم أيضاً.
من «فايسبوك» الى «تويتر» و«إنستاغرام»، يتنقل اللاعبون عارضين تفاصيل حياتهم، ما يخلق ردود فعل إيجابية وأخرى سلبية.
المتنفّس الحقيقي لهم هو هذه المواقع، التي يُحرمون استخدامها أحياناً من قبل المدربين، لإبعاد التأثيرات النفسية عن لاعبيهم عشية المباريات. إضف الى ذلك، باتت هذه المواقع مجالاً جديداً ومفتوحاً للتنافس بينهم.
وهنا يمكن القول انه كما على أرض الملعب وفي احتفالات «الفيفا»، حيث يتنافس البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي على المراكز الأولى، متقدّمين على بقية النجوم، كذا في عالم مواقع التواصل الاجتماعي. الأول بـ 107 ملايين معجب على «فايسبوك»، والثاني بـ 75.7 مليون معجب، بعدهما يأتي الإنكليزي ديفيد بيكام، والبرازيليون نيمار دا سيلفا وريكاردو كاكا ورونالدينيو، ثم الألماني مسعود أوزيل، ثم الإسباني أندريس إينييستا.
هذا الجمهور الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي، يوجب على الأندية الاستفادة منه للتسويق لها ولنجومها، ما يجعل هؤلاء النجوم ينشطون احياناً بتعليمات من إداريي الأندية أو من اختصاصيين بـ«العلاقات العامة» يشرفون على نشاطهم. هدف الأندية هو التسويق لنفسها دون اي كلفة، لكن أحياناً يسبب هذا الضوء الأخضر من الأندية الى لاعبيها مشاكل غير متوقعة بسبب ردود فعل سلبية من اللاعبين، أو وضع «ستاتوس» صبياني تسيء لهم ولأنديتهم.
تحصل هذه الحوادث مع اللاعبين الأكثر نشاطاً على المواقع. ولمدافع كوينز بارك رينجرز ريو فرديناند قصة شهيرة عندما شتم مشجعاً، اشتبك معه – افتراضياً - على «تويتر» بعد انتقاده لأدائه، فرد عليه فرديناند بالقول: «فلتحضر أمك لتقوم بهذا الدور يا بني». وما لبث أن اتخذت لجنة العقوبات في الاتحاد الانكليزي قراراً بإيقافه لثلاث مباريات وتغريمه 31.600 جنيه استرليني. لا يكتفي فرديناند بالتعليق على القضايا الرياضية والنكات، بل يشارك بالأحداث السياسية في العالم، وقد غرد سابقاً مستغرباً وقوف العالم مكتوف الأيدي أمام ما يحصل في سوريا!
واين روني هو الآخر دخل بمشادات مع أحد جماهير مانشستر سيتي الذي حاول استفزازه، فطلب منه: «اذهب إلى صالة الرياضة أيها الفتى السمين»!
أما الأشهر بأعماله الجنونية على أرض الملعب، وعلى مواقع التواصل فهو لاعب ليفربول الإيطالي ماريو بالوتيللي، الذي نشر سابقاً تغريدة يقول فيها إن موسم ميسي قد انتهى بسبب إصابة خطيرة، مرفقاً معها صورة تظهر جملة «خبر غير صحيح، إنه فقط لإخافة مشجعي البرسا». كذلك نشر «ماريو» في صفحته على موقع «انستاغرام» صورة «سوبر ماريو نينتندو» معلقاً عليها: «يقفز مثل الرجل الأسود ويجمع العملات النقدية مثل اليهودي»، ما دفع الاتحاد إلى معاقبته بالإيقاف لمباراة واحدة، إضافة الى تغريمه 25 ألف جنيه.
هنا، في العالم العربي، اشتهرت قصة الفتاة السعودية دانا التي حقق رونالدو حلمها بالرد عليها بشكل شخصي بعد «تغريدة» على «تويتر»: «لدي حلم واحد فقط، وهو أن ترد عليّ في هذه التغريدة وتقولي لي، أهلاً دانا»، وبعد فترة قصيرة، ردّ رونالدو موجهاً الحديث لها: «أهلاً دانا، طلبك لم يعد حلماً الآن».
هذه بعض قصص اللاعبين مع متابعيهم أو معجبيهم على مواقع التواصل. أما من ناحية تعرضهم لانتقادات لاذعة وشتائم، فتشير الإحصاءات الى أن نحو 40 ألف رسالة مسيئة وجهت إلى لاعبي الدوري الانكليزي، أبرزها لبالوتيللي بنحو ثمانية آلاف رسالة حمل أكثر من نصفها طابعاً عنصرياً. يلي بالوتيللي، زميله في الفريق دانيال ستاريدج ثم لاعب أرسنال داني ويلبيك.
ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي يبقى افتراضياً إلا أنه يؤثر في الرياضيين اجتماعياً في الحياة الواقعية، اذ ذهبت احدى الدراسات العلمية الى القول ان ما يعيشونه يرفع من معدلات النرجسية وحب الذات لديهم. اما ايجاباً، فلا شك أن هذه المواقع رفعت من معدل اهتمام العالم بالرياضة، لأنها منحت الناس منصات إضافية لمتابعة اثارتها.