فجأة، ومن دون مقدمات، أعلنت السعودية، بلسان ما يُعرف بالتحالف، وقف العدوان على اليمن، بذريعة «إزالة التهديد على أمن المملكة والدول المجاورة»، في خطوة تعكس ضغوطاً من النوع الذي يوجع السعودية، عبّر عنها اتصالا الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتن بالملك سلمان، ولعبت فيها إيران دوراً مركزياً، على مستويات مختلفة. ورغم الارتياح الذي يبثه وقف النار في المشهد الإقليمي، وما يحمله من رفع معاناة الشعب اليمني، إلا أنه يثير مجموعة من التساؤلات، تتعلق على وجه الخصوص باليوم الذي يلي، وخاصة أنه لم تكن قد مضت ساعتان على وقف النار حتى قصفت الطائرات الأميركية مواقع لتنظيم «القاعدة» في المكلا، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وأعلن التحالف، في بيان رسمي أمس، انتهاء عملية «عاصفة الحزم»، بعدما «تمكن بنجاح من إزالة التهديد على أمن المملكة والدول المجاورة من خلال تدمير الاسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لـ(الرئيس السابق علي عبدالله) صالح من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني». وأوضح المتحدث العسكري، أحمد عسيري، أن هذا حصل «بطلب من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي»، معلناً انطلاق عملية «إعادة الأمل»، التي ستبدأ في الساعات الأولى من يوم غد الأربعاء، وهي قائمة على: «سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الأخير والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، واستمرار حماية المدنيين، واستمرار مكافحة الإرهاب، ومساعدة المتضررين من الضربات الجوية، والتصدي لتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها»، إلى جانب، «منع وصول الاسلحة جواً وبحراً إلى الميليشيات الحوثية وحليفهم علي عبدالله صالح من خلال المراقبة والتفتيش الدقيقين»، إضافة إلى الاستمرار في تيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني. ونقلت وسائل إعلام سعودية أن «عاصفة الحزم تمكنت من تدمير 80% من خطوط مواصلات الميليشيات».
روحاني: السعودية فشلت في
تحقيق أحلامها في المنطقة

وأكد هادي، في خطاب متلفز وجهه إلى اليمنيين، «تطبيق كافة الفقرات الواردة تحت الفصل السابع في قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) الأخير»، مشيراً إلى أن «القرار قد حدد معالم مرحلة جديدة فيها الكثير من الفرص لجميع اليمنيين، وتؤسّس لحوار إيجابي فاعل بعد إزالة كافة مظاهر الانقلاب على العملية السياسية».
في المقابل، أعلنت «اللجنة الثورية العليا» البدء بالإعداد لعملية إغاثة واسعة في المحافظات الجنوبية، داعيةً المواطنين في صنعاء إلى الخروج عصر غد استنكاراً لجريمة فج عطان وكل جرائم العدوان.
وسارعت طهران، على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، إلى الترحيب بالخطوة، مشيرة إلى أن الجمهورية الإسلامية «أكدت دائماً عدم وجود حل عسكري للأزمة في اليمن»، وهو ما فعلته سلطنة عمان التي عبّرت عن أملها بأن تشهد المرحلة المقبلة جهوداً عاجلة لرفع المعاناة الإنسانية.
وكان مساعد وزير الخارجية الايراني، حسين أمير عبداللهيان، قد صرّح في وقتٍ سابق من يوم أمس بإمكانية إعلان وقف لإطلاق النار في اليمن «خلال ساعات». ونقلت وكالات الأنباء الإيرانية عن عبداللهيان قوله «نشعر بتفاؤل بأنه خلال الساعات المقبلة سنشهد وقفاً للهجمات العسكرية في اليمن بعد بذل جهود كبيرة».
وفي السياق، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن التدخل العسكري ليس الخيار لتسوية أزمة اليمن، متوجهاً بنقدٍ لاذع الى السعودية من دون تسميتها. وقال إن هناك «دولة فشلت في تحقيق أمنياتها في المنطقة، وقادها هذا الفشل إلى أن تفقد توازنها الروحي والفكري، لذا حولت ذلك إلى قنابل تلقيها على رؤوس أبناء بلد آخر»، في إشارةٍ إلى الحرب السعودية على اليمن. وتابع إن «تدمير البنى التحتية لبلد فقير وقتل النساء والأطفال والرجال الأبرياء بالغارات لا يمكن تبريره، إلا بأن بلداً آخر قد فقد توازنه»، مضيفاً أن «تلك الدولة التي جعلت أحلامها أساساً ومنطلقاً لعملها في العراق وسورية ولبنان وشمال أفريقيا قد فشلت في تحقيق هذه الأحلام».
(الأخبار، الأناضول، رويترز، أ ف ب)