المشهد المأساوي نفسه يتكرر مع كل موسم. سخافة... حد الملل.الإنتاج الزراعي اللبناني على الأرض. صراخ وشكوى وإحباط ... وفي العام التالي الحكاية عينها.
حتى لم يعد الأمر "خبراً محرزاً"... بات ضمن التوقعات السنوية المعتادة.
متى يكسر هذا الجمود؟ لا أحد يمتلك الجواب.
إذا كانت تلك حالنا مع الانتاج الزراعي، فكيف سيكون وضعنا مع انتاج النفط والغاز؟

■ ■ ■


يمتلك لبنان مقومات واعدة عديدة تتيح له الدخول في المنافسة العالمية وتحقيق حاجات الاسواق الاستهلاكية بفضل المزايا التفاضلية التي يتمتع بها انتاجه... سمعنا هذا الكلام مراراً.
بالأرقام:
يعنى بالقطاع الزراعي في منطقة البقاع وحدها أكثر من 70% من السكان، وما بين 45 - 55% من اللبنانيين عموماً بشكل مباشر أو غير مباشر.
تساهم الزراعة بحوالى 10% من الناتج المحلي الاجمالي، وتؤمن قرابة 20% من حاجات لبنان الغذائية، وتغطي 30% من صادراته.
في عام 2014 شكلت البطاطا المنتج الأكثر تصديراً، بحيث أنها استحوذت وحدها على نصف التصدير الزراعي في لبنان وصلت الى 238 ألف طن بزيادة 86% عن عام 2013.
فما الذي ينبغي فعله لتصريف حوالى 700 ألف طن من الخضار الطازجة و632 ألف طن من الحمضيات، ومليون طن من الفاكهة و180 ألف طن من المنتوجات الحيوانية على اختلافها في الأسواق الداخلية والخارجية؟

■ ■ ■


الأكيد أن مشاكل الزراعة في لبنان متشعبة معقدة وخطيرة، كي تحل في مقال...
لكن، نسأل بقوة... كم يتطلب الأمر حتى يدرك المعنيون أن من صلب عمل أهل السفارات اللبنانية فتح الطرق أمام أسواق خارجية؟
كم يحتاج الأمر لدى المعنيين في القطاعين العام والخاص كي يقتنعوا بأن جزءاً أساساً من مسؤولياتهم في الغرف التجارية والتعاونيات والوزارات لا ينحصر في قص شريط أو إلقاء كلمات بقدر ما هو البحث العلمي في طرق التصريف وفقاً لمقتضيات الزمن الذي نعيشه؟
كم يتطلب الأمر لإنشاء مؤسسة وطنية لتسويق وتصنيع الإنتاج الزراعي يشترك فيها مختلف الوزارات والمؤسسات والفعاليات المعنية، تقوم بتقدير الإنتاج السنوي وتكون مسؤولة بالإضافة إلى تأمين الأسواق الخارجية، توحيد عمليات عرض الإنتاج وتصنيفه وتوضيبه وتصنيع الفائض منه وفقاً للمواصفات التي تفرضها الأسواق المستهلكة؟
يمّر الانتاج الزراعي بثلاث حلقات لا رابع لها. من الحقل إلى المشغل. ثم في المشغل، فحلقة التصريف.
لا يتطلب الأمر كثير ذكاء لحل المشكلة... حتى الحلقة المفقودة في نظرية داروين... وجدت.