صنعاء | بالتزامن مع «شرعنة» العدوان على اليمن، عبر إضفاء غطاء عربيّ له خلال القمة العربية، يوم أمس، تستمرّ حملة «عاصفة الحزم» في يومها الخامس على التوالي، مكثفةً عملياتها الجوية في ظلّ تأكيدات يمنية عدم تحقيقها أهدافاً استراتيجية تُذكر. في هذا الوقت، يزداد الحديث عن «الحاجة إلى تدخل برّي» وهو ما جاء يوم أمس، على لسان وزير الخارجية اليمني بالوكالة، رياض ياسين، الذي شدّد في أكثر من تصريح على حتمية نزول قوات برّية إلى اليمن، من دون فصل هذه التصريحات عن مسار تشكيل قوات عربية مشتركة الذي أُعلن عنه رسمياً أمس.
وبالرغم من التصريحات السعودية التي توحي بإنجازات ضخمة لعمليات التحالف ضد أهدافٍ تابعة لجماعة «أنصار الله»، تؤكد معطيات ميدانية وعسكرية عدم تمكن القصف من الحاق أضرار كبيرة بالمواقع التابعة للحوثيين، فيما تركز القصف في اليومين الماضيين على المرافق العامة مثل مطار صنعاء ومطار الحُديدة، إلى جانب منشآت حيوية في صعدة، كمحطة الكهرباء ومحطة الغاز المنزلي، عدا عن الضحايا المدنيين الذين وصل عددهم في الأيام الثلاثة الأولى إلى 73 شهيداً وأكثر من 140 جريحاً، في محصلة غير نهائية.
الحوثيون ينفون
تحقيق الغارات أيّ أهداف أساسية: الصواريخ بخير!

ورجّح دبلوماسيون خليجيون في هذا الإطار استمرار الحرب لفترةٍ تصل إلى ستة أشهر، متوقعين ردّاً إيرانياً على العدوان ضد اليمن، «بعمليات أمنية تُزعزع الاستقرار في الخليج». وفيما يبدو أن الرؤية الخليجية متضاربة بين تحقيق الإنجازات في سرعةٍ قياسية ضد أهداف تابعة للحوثيين، وبين إطالة أمد الحرب، تعلو أصوات في الداخل اليمني من منظمات وتيارات شعبية واسعة للمطالبة بالرد على العدوان السعودي، في ظلّ تطلع شعبي إلى تحرك «أنصار الله» للدخول إلى أراضي نجران وجيزان وعسير اليمنية.
وفي اليوم الرابع من عملية «عاصفة الحزم»، قال المتحدث العسكري باسم العملية، أحمد عسيري، إنه جرى استهداف مخازن أسلحة وتجمعات للحوثيين قرب الحدود، مشيراً إلى أن الحوثيين اقاموا عدداً هائلاً من مخازن الأسلحة في مختلف المحافظات «بعد انقلابهم على السلطة». وأكد العسيري في مؤتمر صحافي أن قوات التحالف تسيطر على كامل الأجواء اليمنية، وستكثف الضغط على الحوثيين خلال الأيام المقبلة، قائلاً إنه «لن يكون هناك مكان آمن لهم».
وفي ختام أعمال القمة العربية في شرم الشيخ، يوم أمس، جدد وزير الخارجية اليمني بالوكالة، رياض ياسين، توقعه بدخول قوات برّية قريباً إلى بلاده، لاستكمال الحرب على الحوثيين. وأشاد ياسين، الذي «عيّنه» هادي الأسبوع الماضي، قبل أن يطالب مجلس التعاون الخليجي بتدخل ضد «الانقلاب الحوثي»، بعملية «عاصفة الحزم»، معتبراً أنها ساعدت في صدّ تقدم الحوثيين. وقال ياسين: «على الأقل إنها حققت غطاءً جوياً ومنعت الطائرات الحوثية أو التي يستخدمها الحوثيون في ضرب عدن». وفي ما يتعلق بإمكانية استخدام القوات البرية في العملية العسكرية، قال ياسين إنه «لا بدّ في نهاية المطاف من عملية برّية في اليمن».
كذلك، قطع ياسين الطريق على أي حوار داخلي في الأفق المنظور، إلا ذلك الذي ينطلق من «الاعتراف بالحكومة الشرعية»، إذ قال إن «أي حوار مع الحوثيين لن يجري ما لم تستعد الحكومة الشرعية السيطرة على كل الأراضي اليمنية». وعلى المستوى الداخلي، تقف قوى سياسية يمنية ضد العدوان الذي تشارك فيه 10 دول عربية وإسلامية ضد اليمن، حيث أكد كوادر في حزب «التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري» أن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن «هي حرب ضد استقلالية القرار اليمني». وأشاروا، في مؤتمر صحافي عقدوه في صنعاء يوم أمس، إلى أن الرياض «لا تريد أن تفقد تأثيرها في القرار اليمني ولا تريد أن يكون اليمنيون أصحاب قرار ومستقلين عن تأثيرها وهيمنتها».
وتواصل قصف الحملة على اليمن في اليومين الماضيين، واستهدفت طائراتها جبال عيبان والعشاش وعصر والصباحة وعطان جنوب غرب العاصمة، حيث تقع ألوية الاحتياط وألوية الصواريخ، وهو ما اعتبره مراقبون انفجارات في مخازن الصواريخ الطويلة المدى. غير أن مسؤولاً عسكرياً نفى لـ«الأخبار» هذه الأنباء، مؤكداً أن «مخازن الصواريخ بأمان، وأن الانفجار ليس أكثر من مخازن ذخيرة وخزانات وقود أصابتها الضربات الجوية».
وجددت طائرات العدوان السعودي طلعاتها مساء أمس، على كل من صنعاء وصعدة وحجة وبعض مناطق الحُديد (شمال غرب)، كما تركز القصف على مناطق جنوبي العاصمة. وقالت مصادر محلية في محافظة صعدة إن المحافظة شهدت أمس وما قبله، قصفاً مكثفاً استهدف منشآت مدنية مثل الكهرباء ومحطة الغاز المنزلي. وكانت الغارات قد استهدفت يوم الجمعة الماضي سوقاً شعبياً في منطقة البقع في كتاف وخلفت أكثر من 16 شهيداً وعشرات الجرحى.
في هذا الوقت، شهد جبل مرع في مديرية باقم الحدودية سقوط صواريخ كاتيوشا سعودية، علماً بأن هذه المنطقة لم تشهد بعد أي تحركات من طرف الجيش اليمني أو من «أنصار الله»، فيما تلقت صعدة حصةً وافرة من القصف، حيث استهدفت الغارات مطار صعدة. وأكدت مصادر عسكرية أن الطيران المعادي يركز على الجبال والأحياء السكنية والمنشآت العامة ليقصفها، لافتة إلى أن أهالي صعدة أكثر صبراً بوجه الطيران الحربي نظراً إلى تجربة 6 حروب شاركت السعودية فيها بقصف المدنيين.