رغم أن الجميع كان يتوقع فوز بهاء طاهر (1935) بجائزة «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية»، ورغم أن المشاركين في الملتقى عرفوا الخبر قبل إعلانه في ختام أعماله أول من أمس، وكان ذلك محل تندّر من قبل البعض ومحل انتقاد لسرية عمل اللجنة التي ترأسها الروائي الجزائري واسيني الأعرج، إلا أن اسم الفائز وحده كان كافياً كي يعلو على كل ذلك.
الجائزة أصلاً تُعطى عن مسيرة روائية وعن مجمل الأعمال المنجزة، ولذلك بات معروفاً أنها مخصصة لـ «العواجيز» كما قال بهاء طاهر نفسه حين صعد إلى المنصة، وقال: «كنت أتمنى أن تكون الجائزة مناصفة بين شيخ في الكتابة وشاب. ولا يعني ذلك أنني لست فخوراً بالجائزة التي رُشِّحت إليها في دورتها الأولى. ولا يعني أن كبار الكتّاب لا يستحقونها. لكن كنت أتمنى أن تكون مناصفة بين كاتب عجوز وكاتب شاب».
صاحب رواية «واحة الغروب» التي حازت جائزة البوكر العربية في دورتها الأولى (2008)، يحصل اليوم على جائزة تحتفي بتجربته الروائية والقصصية كلها، فهو واحد من أبرز أسماء جيل الستينيات، ولا يزال قراؤه يتذكرون دخوله القوي والمدهش إلى عالم الكتابة بقصة «الخطوبة» التي نُشرت أولاً في مجلة «غاليري 68»، قبل أن تصبح عنوان باكورته القصصية التي صدرت عام 1972، ثم توالت أعماله مع «شرق النخيل»، و«قالت ضحى»، و«خالتي صفية والدير»، و«الحب في المنفى»، وغيرها من الروايات التي أنجزها طاهر بتلك النبرة السردية التي قال عنها يوسف إدريس إنه «لا يستعير أصابع غيره، وإن أسلوبه بهائي طاهري». نبرة برع صاحبها، مع آخرين من أقرانه، في تطوير المنجز المحفوظي في السرد المصري والعربي، ومزج ذاك المنجز الخصب بحساسيات وموضوعات ومقاربات مختلفة للغة والواقع والشخصيات ومآلاتها.
وكانت لجنة التحكيم قالت إنها منحت الجائزة لطاهر الذي تمثل أعماله «رحلة إبداعية امتدت على مدى نصف قرن، ومنجزاً روائياً وإبداعياً كبيراً ومميزاً وتعكس جهوداً متبصرة يتأمل فيها العصر المتسم بالصراعات الخطيرة التي تمس الإنسان في عمومه وما يواجهه من ظلم وما يسعى إليه من حق في الحياة الكريمة، لقد تنوعت عوالمه في علاقاته بالتاريخ من منظور جمالي حي ومتجدد سحب العلاقة مع المتلقي وظل رهانه على الإنسان في مختلف تحولاته وتجاذباته بين قيم الحب والكراهية منتصراً لكل ما يجعل الإنسان قيمة تعلو على كل شيء».
وبحصوله على الجائزة التي تضاعفت قيمتها المالية من 100 إلى 200 ألف جنيه مصري (26 ألف دولار)، يُضاف اسم بهاء طاهر إلى الأسماء التي فازت بها في الدورات السابقة وهم: عبد الرحمن منيف (الدورة الأولى 1998)، وصنع الله إبراهيم الذي رفضها متهماً الحكومة المصرية آنذاك بالفساد والقمع والتبعية (الدورة الثانية 2003). ثم الطيب صالح (الدورة الثالثة 2005)، وإدوار الخراط (الدورة الرابعة 2008)، وإبراهيم الكوني (الدورة الخامسة 2010).
«كلمات»