دفعة، صفعة، وعبارة واحدة كانت كافية لتحويل لاعب الرياضي علي محمود إلى بركان غضب ثائر على نجم الحكمة الأميركي تيريل ستوغلين، فطرحه أرضاً بلكمات «تايسونية».عبارة «?What you gonna do» التي وجّهها الأميركي إلى علي محمود (بعد تعرّضه له) استفزت الأخير إلى أبعد الحدود، فكانت المشاهد العنيفة التي للأسف نُقلت إلى الآلاف عبر شاشة التلفزة. لكن هذه العبارة لا شك في أنها عنوان المرحلة الحالية في كرة السلة اللبنانية.

فهي السؤال الذي نطرحه نحن وسيطرحه الكل على القيّمين على اللعبة، وحتى على المجتمع اللبناني عموماً، والرياضي خصوصاً، مع تفاقم ظاهرة العنف في الملاعب وتنقلها بين رياضة وأخرى.
«?What you gonna do»، يمكن سؤالها اليوم للاتحاد اللبناني لكرة السلة، الذي واجه حالةً مماثلة في الموسم الماضي، بعد معركة ملعب غزير الشهيرة وما حصل من عنفٍ مخيف، ودائماً تحت عنوان الحكمة والرياضي.
السؤال الذي طرحه تيريل ستوغلين على علي محمود، يُطرح اليوم على الاتحاد. فهناك من يسأل إذا ما كان اتحادنا سيلجأ إلى المسايرة أو معالجة الوضع على الطريقة اللبنانية أو السير بين النقاط أو إرضاء هذا أو ذاك عبر اتخاذ قرارات متوازنة، لحاجته إلى طرفي النزاع لإنجاح بطولته التي انتهت بأسوأ طريقة ممكنة في الموسم الماضي بفعل مشكلة مشابهة.
السؤال المطروح الآن هو إذا ما كانت القرارات التي اتخذت في حادثة الموسم الماضي سبّبت بمكانٍ ما عدمَ ردع أي لاعبٍ عن افتعال مشكلة من هذا النوع، لا بل السؤال إذا ما كانت العقوبات بحق كل المخالفين من الفريقين ستكون بحجم الحدث، وخصوصاً أنه لم يعد مقبولاً أن تتحول ساحات اللعبة الأجمل والأكثر حماسة في لبنان إلى الأكثر سخونة وخطورة على سلامة كل الموجودين داخل قاعاتها.
«?What you gonna do»، تُطرح أيضاً على الحكمة والرياضي ومدى قدرتهما على ضبط جمهوريهما عند حصول أي إشكال ومهما كان حجمه، بحيث يتحوّل الملعب بلحظة إلى ساحة معركة تستخدم فيها كل الوسائل المتاحة، بعيداً من ترك الأمور لأولئك الموجودين بين اللاعبين، من إداريين وقوى أمنية بدت عاجزة أمس عن وقف ما حُذِّر منه دائماً. وهنا الحديث عن التحذيرات الدائمة بخطورة الوضع الجماهيري في ملاعب كرة السلة، والذي يتعدى بأشواط نظيره في كرة القدم، وحتى مع اعتماد جمهور أصحاب الأرض فقط، إذ إن طبيعة ملاعب المستديرة البرتقالية تسمح بوصول أي أحد إلى أرض الملعب أو إلى الجهة المقابلة منه بسرعةٍ قياسية.
«?What you gonna do»، هو السؤال الذي يُطرح أيضاً على وسائل الإعلام المرئية التي بات عرض مشاهد العنف على شاشاتها أمراً روتينياً ومادة دسمة لجذب المشاهدين، فتصبح الرياضة فجأة في العناوين الرئيسية، لا من خلال المشاهد الاحتفالية، بل فقط حيث اللكمات والسكاكين والدماء.
هو السؤال الذي يُطرح على من يفترض بهم أن يعملوا من أجل اللعبة لا لأجَلِها عبر ابتعادهم عن مبدأ التخوين والمؤامرة، حتى لو أنهم يعارضون الاتحاد أو اعتبروه أنه جاء خلافاً لإرادتهم.
هو السؤال الذي يُطرح على المؤسسات التربوية والاجتماعية في البلاد حول ما ستأخذه من عيّنات الساحة الرياضية لتأسيس جيلٍ ينبذ العنف ولا يعتبره جزءاً من حياته اليومية وينقله معه إلى الملاعب الرياضية.
اللكمات التي شاهدناها أمس لم تكن مؤلمة على وجه متلقيها فقط، بل هي أصابت الجسم السلوي كلّه بكدمات، وزادت من النزف الذي عانته اللعبة مراراً، ما يعزّز السؤالَ الذي رماه تيريل ستوغلين إلينا جميعاً ليخرج كلٌّ منا من التخفي خلف إصبعه: ماذا سنفعل لإبقاء كرة السلة على قيد الحياة؟