كنا قد أشرنا في المراجعة السابقة لكتاب الأمازونيات قول المؤلفة إن العرب، قبل الإسلام وبعده، عرفوا نساء محاربات، هذا المؤلف يتناول بالبحث والتحليل، نساء الإسلام المحاربات، كما ورد ذكرهن في القصص التراثي وكتابات الإخباريين العرب. ومع أن القارئ العربي المتخصص يعرف هذه الروايات، أو بعضها على الأقل، فإن كتاب «نساء الإسلام المحاربات - السلطة الأنثوية في التراث الشعبي العربي» (دار «أي بي طورس» ــ 2014) مفيد من منظور أنه يتعامل مع الموضوع كون أولئك النسوة محاربات خضن حروباً ومعارك ضد أعداء أقوياء، بشر وجن! على ما تقوله المرويات. البرفسورة رم كرك، العالمة الهولندية المتخصصة في التراث العربي، التي عملت مطولاً على ترجمة نصوص عربية قديمة إلى الإنكليزية، اختارت مجموعة من «البطلات» من القصص الشعبية، منها على سبيل المثال «سيرة ذات الهمة»، والأمير عبد الوهاب ونساؤه المحاربات، وتاريخ غمرة بنت عطارد، إضافة إلى سيرة الظاهر بيبرس، وسيرة سيف بن ذي يزن وسيرة عنترة
وغيرهم.

من النقاط الجوهرية التي لاحظتها المؤلفة من خلال تحليلها النصوص تباين بين وضع النساء المحاربات في روايات حمزة، وتلك العائدة للظاهر بيبرس، وكذلك لسيرة عنترة.
تباين بين وضع
النساء المحاربات في روايات حمزة وتلك العائدة للظاهر بيبرس وكذلك لسيرة عنترة

فعلى سبيل المثال، تسود في حمزة نظرة تقليدية للأنوثة حيث يعارض الأمير حمزة حمل المرأة المتزوجة السلاح. أما في ملحمة الظاهر بيبرس، فنادراً ما تظهر المرأة كمحاربة. المؤلفة أثرت الكتاب بتعليقات خاصة بالرسوم التي يحويها الكتاب، التي صدرت في كل من تونس وسوريا واشتهرت بها.
البرفسورة رم كرك اعتمدت في تحليلها النصوص على النسخ التي تمكنت من ابتياعها في المغرب، وعملت مطولاً على تحريرها، إذ إنها ـ كما ذكرت ــ مطبوعة من دون تاريخ وتحوي أغلاطا إملائية كثيرة، كما تختلف نصوص الطبعات بعضها عن بعض في جوانب كثيرة. هدف المؤلفة توضيح أهمية التراث الشعبي في معرفة التاريخ، الحقيقي والوهمي، وإظهار أن التراث الأدبي العربي يحوي ما هو أكثر من حكايات ألف ليلة وليلة بكثير. أما هدفنا من نشر هذا العرض، فإثارة اهتمام أهل الاختصاص للنظر في تلك النصوص الأدبية، بما يثري معرفتنا بجوانب من تاريخنا الطويل.