بدت إسرائيل أمس كأنها استفاقت من "سكرة" تقديراتها الخاطئة، وباتت أمام حقيقة واقعة غير قادرة على النقاش فيها تجاه ردّ حزب الله على جريمة اغتيال الشهيد سمير القنطار ورفيقيه. فبعد تشكيك، ومن ثم تأكيد بأن الرد سيكون "مدروساً"، نتيجة لتقدير مغلوط استحكم في الجيش الاسرائيلي قبل عملية الاغتيال وبعدها، تجد إسرائيل نفسها أمام استحقاق الرد الجدي، وتعمل على منعه عبر رسائل ردع، تولاها أمس مصدر عسكري رفيع في الجيش الاسرائيلي.
رسالة المصدر وردت على موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وأكد فيها تحذير إسرائيل من "هجوم قاتل" قد يشنّه حزب الله رداً على اغتيال القنطار. وبحسب المصدر: "في الجيش الاسرائيلي يرون إمكان الاعتقاد بأن حزب الله سيستخدم ساحة مزارع شبعا لتنفيذ هجوم انتقامي، والجيش يريد منع ذلك لمصلحة جميع الاطراف". وأشار الى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن "نصرالله يرى أن هذه المنطقة أرض لبنانية محتلة، وأنها ملعب شرعي يمكنه أن يشنّ هجمات من خلالها، ضد إسرائيل". ولكن، بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، "الوضع اليوم مختلف تماماً. وإسرائيل لن تكبح نفسها".
الجيش ينبّه من «هجوم قاتل» في مزارع شبعا المحتلة

مصادر في الجيش الاسرائيلي أضافت للموقع أن المؤسسة العسكرية فوجئت بمضمون خطاب نصرالله بعد تشييع القنطار، وتأكيده العلني للانتقام، و"في الجيش يتعاطون بجدية كبيرة مع تهديداته، ويستعدون بشكل مناسب". وأضافت: "في هيئة الاركان العامة يعقدون جلسات تقدير وضع بشكل متواصل، ويعملون على تقدير الشكل الذي ينوي به حزب الله إخراج تهديده الى حيّز التنفيذ".
وكانت إسرائيل قد بدأت في اليومين الماضيين إجراءات احترازية على طول الحدود اللبنانية، في عملية ارتداد إلى الخلف و"تصفير أهداف"، على خلفية التقديرات السائدة لدى الجيش الاسرائيلي بأن الرد على جريمة الاغتيال بات بحكم الامر الواقع. وفيما أمرت المؤسسة العسكرية المستوطنين بعدم الاقتراب من المناطق القريبة من الحدود، عمدت الى رفع الجاهزية الاحترازية لدى وحداتها العسكرية التي انكفأت عن الظهور العلني، مع إغلاق طرق ومحاور تنقل مدنية وعسكرية على طول خطوط المنطقة الحدودية.
وذكر موقع "يديعوت أحرونوت" أن الجيش الاسرائيلي عمّم على وحداته العسكرية المنتشرة في المنطقة الحدودية مع لبنان البقاء على درجة عالية من الحذر والحيطة، مشيراً الى أوامر صدرت للجنود بارتداء الخوذ والسترات الواقية من الرصاص. كذلك شدد على ضرورة الامتناع عن الظهور العلني غير الضروري وعدم توفير "أهداف سهلة" لحزب الله.
وأشار موقع "واللا" العبري الى أن الجيش الاسرائيلي أمر المزارعين في مستوطنات منطقة المطلة والجليل عموماً، بالقرب من الحدود مع لبنان، بضرورة الامتناع عن التحرك على الطريق المحاذي للسياج الحدودي. ونقل عن مصادر عسكرية أنه "يمنع بشكل كامل ومطلق التنقل عبر الطريق المحاذي للحدود مع لبنان"، مع الترجيح بأن هذه الاوامر ستبقى سارية المفعول خلال الايام المقبلة.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية للقناة السابعة العبرية إن هذا الاجراء يأتي استناداً الى فرضيات تقدير لدى الجيش الاسرائيلي ترى أن إحدى الطرائق التي قد يلجأ اليها حزب الله هي في استهداف المستوطنين بالقرب من الحدود. وقالت المصادر إن هذه الاوامر لا بد منها، نظراً الى التهديدات الصادرة عن حزب الله وسعيه للانتقام، و"إسرائيل تتعامل مع تهديد حزب الله بجدية مطلقة وتستعد لمواجهة كل السيناريوات".
وقال رئيس المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى، غيورا سالز، في حديث الى موقع "يديعوت أحرونوت"، إن "المزارعين سيبقون في حالة تأهب وتجنّب العمل بالقرب من الحدود". وأضاف أن "الاخبار الجيدة هي أن حزب الله، على نقيض من التنظيمات الاخرى، يفهم جيداً أهمية أن يكون جزءاً من الحكومة في لبنان ويدرك شدة ردّ الجيش الاسرائيلي. إلا أن الاخبار غير الجيدة هي القدرات العسكرية والموارد الموجودة لدى حزب الله. صحيح أننا قد لا نكون قادرين على منع ما قد يحصل، لكن ينبغي لنا بذل كل الجهود لاستيعاب المسائل ومحاولة العودة في أسرع وقت الى الحالة الطبيعية".