لم تمر أيام على انسحاب الجيش السوري من جبل النوبة في ريف اللاذقية الشمالي حتى عاود هجومه فجر أول من أمس الأربعاء، ليستعيد السيطرة عليه. وتلال الجبل، ولا سيما تلتا السيد والراقم تهددان خطوط إمداد المسلحين بين قرى جبلي التركمان والأكراد. وخلال جولة لـ«الأخبار» في تلال الجبل، يشرح مصدر ميداني تفاصيل المعركة التي خاضها الجيش السوري في مواجهة الفصائل المسلحة التي استماتت في الدفاع عن مواقعها، مشيراً الى دور سلاحَي الجو الروسي والمدفعية التابعة للجيش في استهداف تحصينات المسلحين والخنادق التي كانوا يتحصنون فيها. ويشير المصدر إلى صعوبة المعارك التي خاضها الجيش نتيجة التضاريس المعقدة التي يصعب استخدام العربات فيها، بالإضافة إلى كثافة الخنادق التي كان يتحصن فيها المسلحون.
ويقول المصدر لـ«الأخبار» إنّه رغم صعوبة المعركة، إلا «أنّ المقاتلين كانوا مصرّين على التقدم لاستعادة جبل النوبة والثأر لرفاقهم الذين استشهدوا خلال الهجوم المعاكس الذي نفذه المسلحون قبل أيام، حيث تمت استعادة جثامين 3 شهداء سقطوا في الهجوم الأخير». وخلال متابعة المسير باتجاه تلة الراقم التي تعتبر أعلى تلال جبل النوبة، تكشف المشاهدة القريبة حجم المعركة وكثافة الضربات الجوية التي استخدمت لتمهيد الطريق للقوات المتقدمة براً، حيث لم يبقَ في التلة سوى بناء صغير مدمر بشكل كامل يرفرف فوقه العلم السوري. ويمكن من التلة رؤية بلدة سلمى والضربات التي تتعرض لها من قبل مدفعية الجيش السوري. وتكشف التلة منطقتي الكوم التحتاني والفوقاني المجاورتين لبلدة سلمى وسد برادون الذي يفصل جبل النوبة عن جبل القصب، كما تكشف جزءاً من أوتوستراد أريحا ــ اللاذقية.
سيطر الجيش على مرتفع 489.5، شرق بلدة العطيرة

وإلى اليمين من الراقم، تقع تلة السيد التي لا تبعد سوى أمتار عن الأولى وهي أكثر انخفاضاً، حيث دارت فيها آخر معارك السيطرة على الجبل، إلى أن انسحب منها المسلحون، بعد حفرهم في محيطها خندقاً يخترق التلة عبر جهتين لتأمين عملية انسحابهم. وكان مصدر عسكري قد قال في تصريح سابق لـ«الأخبار» إنّ «لجبل النوبة أهمية كبيرة في المنطقة ويؤدي إلى سقوط العديد من المناطق، وصولاً إلى سلمى نارياً». وأشار إلى أنّ «الجبل يُشرف على أوتوستراد أريحا ــ اللاذقية القديم، الذي أصبح تحت مرمى نيران القوات المتمركزة فيه، إلى جانب السيطرة على مسافة 2 كلم من الطريق الرئيسي سلمى ــ اللاذقية الذي يمر ضمن الجبل». وعزت تنسيقيات المعارضة سبب انسحاب الفصائل المسلحة من جبل النوبة نتيجة قيام الطيران الروسي بتنفيذ ما يقارب 100 غارة، إلى جانب مئات الصواريخ والقذائف التي استهدفت المقاتلين في مواقعهم.
وفي موازاة ذلك، استأنف الجيش هجومه على تلال كباني المطلة على تلال جب الأحمر والمشرفة على قرى جبل الأكراد، وصولاً إلى سلمى. وقال مصدر ميداني إنّ الجيش «بدأ التمهيد نحو تلال كباني الاستراتيجية حيث دارت أولى المعارك في محيط إحدى التلال خلال محاولة الجيش التقدم من دون أي تغيير في خريطة السيطرة حتى اللحظة، حيث ما زالت المعركة عبارة عن تمهيد للاقتحام». وإلى الشرق، سيطر الجيش على مرتفع 489.5، شرق بلدة العطيرة، والمطل على قرية الصراف التي كان يستخدمها المسلحون للهجوم على جبل زاهية.
وفي حماة، استهدف الجيش بلدة السرمانية في سهل الغاب شمالي بعشرات القذائف والصواريخ، بالتزامن مع اشتباكات في محيط قرية كامب الألمان القريبة من البلدة. وقال مصدر ميداني لـ«الأخبار» إنّ محاولة تقدم الجيش جاءت بعد تأمين تلال جب الأحمر في ريف اللاذقية الشمالي والمطلة على بلدة السرمانية. وأشار المصدر إلى أنّ الجيش «سيطر على عدة نقاط في قرية كامب الألمان، حيث سقط عدد من القتلى لأحرار الشام خلال المواجهة المباشرة»، مضيفاً أن «معركة سهل الغاب لم تبدأ بعد، والجيش بات قريباً جداً من اقتحام بلدة السرمانية». وإلى الشمال، ما زالت المعارك تدور في محيط بلدة معان التي يحاول المسلحون بشكل متكرر التقدم نحوها، حيث تصدت قوات الجيش المتمركزة في محيطها لهجوم عنيف على نقاطها.