تحولت القرى الجبلية المحاذية لفلسطين المحتلّة، يوم أمس، الى منطقة سياحية ارتادها المئات من الأهالي، من جميع القرى والبلدات الجنوبية، فبعدما هدأت العاصفة صباحاً، فوجئ أبناء المنطقة بحركة سير خانقة غزت الشوارع والأحياء المكسوة بالثلوج، وكان لبلدتي مارون الرّاس (بنت جبيل) وحولا (مرجعيون) الحظ الأوفر في استقبال هذه الوفود الزائرة.
يوماً طويلاً أمضاه المئات من الأهالي، أمس، في مارون الرّاس، البلدة الأكثر ارتفاعاً عن سطح البحر في جبل عامل (حوالى 1000 متر)، لتتحول الى متنزه طبيعي جميل، مكسوّ بالأبيض الثلجي، بعدما ازدحمت طرقاتها بالسيارات الوافدة من كل حدب وصوب، وانتشر الوافدون في حقولها المختلفة، منهم من بدأ يبتكر طرقاً جديدة للتزلّج بوسائل من الطبيعة نفسها، فتمسّك الطفل محمد مسلماني (13 سنة)، القادم من الضاحية الجنوبية لبيروت، بجذع شجرة يابس واستخدمه للتزلج، بينما حاول رفيق له استخدام لوح من البلاستيك، في حين تجمّع الأطفال والكبار حول بعضهم وبدأوا التراشق بالثلج. أما أسرة محمد خنافر (عيناتا) ففضلت تناول الطعام على الثلوج في أحد الحقول القليلة الفارغة. كما تحولت حديقة مارون الراس العامة، الى متنزه من نوع آخر، بعدما تربّعت على قمة جبل مارون الرّاس شامخة بلونها الأبيض، مقابل المستعمرات الإسرائيلية في أسفل الوادي، والتي لم تلامسها الثلوج كثيراً، كما هي الحال في مارون الرّاس. ويقول المواطن فادي رمّال (23 سنة)، القادم من بلدة العديسة (مرجعيون)، "لقد تحوّلت عطلة المدارس، التي أقرّها وزير التربية، بسبب العاصفة الثلجية، الى فرصة نادرة للأهالي وطلاب المدارس بوجه خاص، للوصول الى هذا المكان المرتفع، والتنزه والتقاط الصور التذكارية، فبعدما تأخرت الثلوج لتسقط في منطقتنا، كان الأهالي قد عبّروا عن استيائهم لتعطيل المدارس، لأن أولادهم سيبقون في المنازل ويحبسون عائلاتهم معهم، أما اليوم فكل الشكر لوزير التربية الذي أفسح لنا المجال، في هذه العطلة للتنزه والاستجمام". ويشير الى أنه فوجئ بهذا العدد الكبير من الزائرين، حتى إن بعضهم قدموا من مناطق حاصبيا وصور والضاحية الجنوبية لبيروت. كما كان لافتاً الاهتمام الذي قامت به بلدية مارون الرّاس واتحاد بلديات بنت جبيل، من حيث الأعمال المتعلقة بإزالة الثلوج وتوجيه الأهالي ومساعدة أصحاب السيارات المعطّلة على معالجة أعطالهم. ورغم ذلك، فقد شكا العديد من المواطنين من عدم وجود أماكن استراحة خاصة بالزوار، ولا سيما المطاعم والمحال التجارية التي تفتقر إليها البلدة، حتى إن أسرة خليل شرف الدين اضطرّت إلى ترك المكان باكراً لعدم وجود المطاعم، فيقول شرف الدين "رغم هذا الجمال الطبيعي المميز للبلدة، إلا أن أحداً لم يفكّر حتى الآن في فتح مطعم أو محل تجاري يؤمن الخدمة للوافدين، الذين يأتون الى البلدة صيفاً للتجول في حديقتها العامة، وشتاءً للتمتع بمنظر الثلج الأبيض، وهذا أمر مستغرب، ولا يتماشى مع نداءات أبناء المنطقة في تفعيل السياحة البيئية وتطويرها، فضلاً عن غياب أي أثر لوزارة السياحة في المنطقة بأكملها".