تبدو صيدا أمام مفاجأة كبرى، قد تشكل الضربة الأقسى لتيار المستقبل وعائلة الحريري. إذ بدأ رجل الأعمال الصيداوي محمد زيدان، سلسلة من المشاورات الجدية، لأجل خوض معركة الانتخابات البلدية، من خلال قيادة لائحة قوية، مع إمكان التعاون بينه وبين معارضي لائحة النائبة بهية الحريري التي يرأسها رئيس البلدية الحالي محمد السعودي.
ويقف خلف قرار زيدان الأولي مجموعة عوامل، أهمها بروز تيار في عاصمة الجنوب يعبّر عن خيبته من إدارة آل الحريري لشؤون المدينة منذ وقت طويل، وهو تيار يضم مجموعة من المستقلين الذين يرفضون الوصاية التي تمارسها النائبة الحريري، على شؤون المدينة كافة.
ويبدو أن خطوة زيدان قد تفتح الباب أمام متغيرات كبيرة في المدينة، خصوصاً أن مترددين كثراً في خوض الانتخابات سيتقدمون صوب المشاركة في المعركة، ولا سيما الفريق الذي باتت لديه مشكلة كبيرة مع آل الحريري، لكنه لا يريد خوض المعركة تحت راية التنظيم الشعبي الناصري والنائب السابق أسامة سعد.
هكذا، شُغلَت صيدا منذ صباح أمس بخبر تجهيز محمد زيدان لأوراقه الثبوتية بغية الترشّح لرئاسة بلدية صيدا. أحد وكلائه استحصل أمس من دائرة النفوس على الوثائق اللازمة للترشح. لكن ملف الترشّح كان موجوداً حتى مساء أمس في مكتب محاميه خالد لطفي في صيدا، بانتظار أن يحدد موعد تقديمه طلب الترشّح رسمياً. مصادر قريبة منه لفتت إلى أنه في خلال الأيام المقبلة سيجري لقاءات تشاورية مع عدد من الفعاليات الصيداوية، منها رئيس البلدية الحالي محمد السعودي الذي أعلن من مجدليون ترشّحه لولاية ثانية على رأس لائحة تضم غالبية أعضاء مجلسه الحالي.
سيصعب على
الكثيرين الاقتناع بأنّ السنيورة لا يقف خلف خطوة زيدان

إلا أن ذلك التشاور «لن يؤثر مبدئياً في قرار زيدان بتشكيل لائحة مستقلة ستخوض الانتخابات من دون تحالف مع المحاور التي أعلنت معركتها الانتخابية» تقول المصادر. شريك الرئيس فؤاد السنيورة وصديق رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، سيترشح بحسب المعلومات الأولية، ضد لائحة السعودي الذي يدعمه تيار المستقبل (السنيورة ضمناً) والجماعة الإسلامية واللقاء التشاوري الصيداوي في مجدليون من جهة ولائحة اللقاء الوطني الديموقراطي المدعومة من التنظيم وحلفائه. واللائحة المستقلة التي سيترشح على رأسها «ستتألف من رجال أعمال ومهندسين ومحامين وأطباء تربطه بهم صداقة». حتى الآن، لم يصدر تعليق من أوساط «المستقبل» على نية زيدان بالترشح. فيما أعضاء اللقاء الوطني الذين اجتمعوا أمس لم يشيروا بالاسم إلى ترشحه، لكنهم توافقوا على أنهم «غير معنيين بأي لائحة أو مرشحين أعلنوا أو سيعلنون ترشحهم مستقلين أو ضمن لوائح أخرى». ونفى أعضاء في اللقاء لـ»الأخبار» أن تكون خطوة زيدان منسقة مع النائب السابق أسامة سعد الذي شارك السبت الفائت في حفل الغداء السنوي الذي أقامه زيدان في صيدا، وشارك فيه إلى سعد رئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري.
زيدان نفسه كان قد نفى في وقت سابق، رَبْطَ البعض لجولاته الشعبية (ظهوره قليل بين الناس) التي قام بها أخيراً في صيدا القديمة، بأي منصب بلدي أو نيابي أو وزاري لأن «أشغاله وسفراته الدائمة لا تسمح له بالعمل في الشأن العام». فلماذا بدّل رأيه؟ وهل للسنيورة، شريكه المقرب، علاقة بترشّحه؟
سيكون من الصعب على الكثيرين الاقتناع بأن لا علاقة للسنيورة بترشّح زيدان. الشريكان «ماركة مسجلة» ممتدة من صيدا إلى بيروت. يملك الرجلان، علناً أو خفية، عشرات العقارات والشركات. ومن يتجاوز المنطقة الحرة في مطار بيروت الدولي التي يحتكر زيدان امتياز إدارتها منذ سنوات بدعم من السنيورة، فلن ينسى «منتزه الكينايات» في منطقة نهر الأولي الواقع في محيط عقار اشترياه من ورثة الرئيس رفيق الحريري وسيّجاه بحائط إسمنتي ومنعا دخول المواطنين إليه قبل أن يعيدا السماح لهم بعد حملة اعتراض شعبية.
وهناك من يقتنع بأن خلافاً خفياً بين زيدان وربما السنيورة وبين المستقبل وآل الحريري دفع زيدان إلى الترشح في ملعب آل الحريري لكي «يجعل من منافسة لائحة السعودي ورقة ضغط تحرجهم وتأخذ من الأصوات المحسوبة عليهم». فهل صحيح ما أشيع عن أن الرئيس سعد الحريري «قرر سحب امتياز استثمار السوق الحرة من زيدان ودفعه إلى التخلي له عن عقار على الواجهة البحرية في بيروت»، ما دفعه إلى «رد الصاع صاعين في ملعبهما المشترك، حيث تُعَدّ صيدا أقل منطقة لا يعاني فيها المستقبل من أزمة؟». لكن مصادر صيداوية أخرى ترى في تلويح زيدان بترشحه «اعتراضاً على تجاوزه من قبل الأفرقاء الصيداويين في المعركة الانتخابية حيث لم يشمله السعودي بجولاته التشاورية والانتخابية، ولم تخصصه النائبة بهية الحريري بلقاء».
وبانتظار تقديم زيدان لترشّحه رسمياً، عقد اللقاء الوطني مساء أمس اجتماعه الأسبوعي الذي خصصه للانتخابات البلدية، وشكل فيه اللجان الانتخابية والنسائية والإعلامية والقانونية والمالية التي ستنسّق للمعركة. ومن المقرر أن يعلن اللقاء أعضاء اللائحة التي يدعمها نهاية الأسبوع الجاري. وعلمت «الأخبار» أن وفداً قيادياً من حزب الله يزور سعد اليوم لإعلان دعم معركته الانتخابية ووضع إمكانات الحزب في صيدا بتصرفه.
ويعقد اليوم أيضاً القيادي السابق في الجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار لقاءً لإطلاق الحملة الانتخابية للائحة الاسىمية التي ستخوض انتخابات بلدية صيدا، مؤلفة من عدد من مناصري وكوادر أحمد الأسير ومشايخ يرأسهم الشيخ عمار.