في 21/9/2015، أصدر القاضي المنفرد الجزائي في بيروت غسان طانيوس الخوري حكماً غيابياً بحق الزميل محمد نزّال يقضي بسجنه لمدة 6 أشهر وتغريمه مليون ليرة «بعد إدغام العقوبات والأخذ بالأشد»، على خلفية «بوست» نشره منذ سنتين على صفحته الخاصة على «فايسبوك» ينتقد فيه القضاء.استند القاضي خوري في حكمه الى المادتين 386/2 و388/2 عقوبات، وهما المادتان المتعلقتان بجرمي القدح والذم وفق قانون العقوبات اللبناني.
كذلك حكم بتدريك نزّال النفقات «على أن يُحبس يوماً واحداً عن كل عشرة آلاف ليرة في حال عدم دفع الغرامة، سنداً للمادة 54 عقوبات».
يرتكز حكم القاضي الخوري على كتاب ورد الى النيابة العامة التمييزية من «حضرة رئيس مجلس القضاء الأعلى، يتضمن ما ورد على صفحة الصحافي في جريدة الأخبار المدعّى عليه محمد نزّال «الفايسبوك»، والمتضمنة إساءة للقضاء». ويشير الحكم الى أنه جرى تحقيق أوّلي لدى النيابة العامة التمييزية (..) «ولم يحضر المدعّى عليه وهو مبلّغ أصولاً»، في جلسة المحاكمة العلنية المنعقدة في 3/12/2014، فحوكم غيابياً.

يؤكد نزّال أنه لم يتبلّغ الدعوة الى استجوابه، نافياً صحة ما ورد في القرار القضائي، ومستغرباً الحكم عليه غيابياً. الصحافي الذي خبر العدلية و»دهاليزها» جيداً، ليس خافياً عليه الاجراءات القانونية المتبعة في هذه الحالات.
تؤكد جهات قانونية عديدة «إسقاط الحكم الغيابي فور حضور المدّعى عليه واستئناف الحكم».
يصرّ نزّال على أن هذا الحكم الغيابي هدفه «تصفية حساب معه على خلفية كشفه الكثير من ملفات الفساد في القضاء». يسأل نزّال «لماذا أنا؟ وهل تتسع أماكن التوقيف لجميع أولئك الذين ينتقدون القضاء يومياً؟».
يقول القاضي جان فهد في اتصال مع «الأخبار» إنه لم يدّع على نزّال، وإنه «لا يرضى بسجنه». يبدي فهد استغرابه الحكم، لافتاً الى أن «الكتاب الذي أرسله الى النيابة العامة التمييزية قديم جداً، كان الهدف منه، حينها، استدعاءه ليقدّم اعتذاراً على ما قاله من إساءات للقضاء». يشير فهد الى امتعاضه من «تحقير القضاء»، معتبراً أن ما قام به نزّال ليس لائقاً، إلا أنه يؤكد أن «القضاء لا يريد أن يقتصّ من أحد»، انطلاقاً من «أن القضاء والاعلام يتشاركان الهواجس والقضايا الحقوقية التي تحفظ كرامة المواطنين».
الحديث عن «الكرامة» هنا يعيدنا الى «المناسبة» التي كتب فيها نزّال تعليقه الانتقادي للقضاء، وذلك بعد دقائق من «سحبه» بطريقة غير لائقة وعنيفة من قاعة المحكمة برئاسة القاضية زلفا الحسن.

يؤكد نزّال أنه لم يتبلّغ
الدعوة الى استجوابه، نافياً صحة ما ورد في القرار القضائي
يومها كان نزّال يقوم بواجباته الصحافية في تغطية قضية مثيرة للجدل وتهمّ الرأي العام، وتتعلق بدعوى ضد الصيادين الفقراء رفعتها شركات عقارية خاصة تملّكت الدالية الروشة.
يروي نزّال كيف تم إخراجه من القاعة من دون سبب أو مبرر معلن، ومن دون احترام كرامته الشخصية وحقوقه في حضور جلسة علنية. وقال «لم أستطع أن أتحمّل ما جرى، وعبّرت عن غضبي وسخطي مما جرى، على صفحتي على فايسبوك»، علماً بأن الزميل نزّال كتب حينها عن وقائع الجلسة في تقرير صحافي نُشر في «الأخبار» بعنوان :القضاء يميّز طبقياً: صيّادو الدالية طرائد «الأثرياء». . يقول نزّال: «عادةً ما يلجأ المواطن إلى القضاة إذا ما تعرض لغبن من القوى الامنية، حينها، تعرّضت لاضطهاد في قاعة المحكمة نفسها».
الجدير بالإشارة أن الزميل نزال يخوض أيضاً معركة قضائية أخرى على خلفية حكم صدر في حقه وفي حق «الأخبار» على خلفية نشر تحقيق استقصائي عن شبكة مخدرات في الجامعات، كشف فيه تواطؤ قضاة وضباط أمن لحماية «ابن نافذ» متورط. ونشأت هذه المعركة على إثر ادّعاء القاضية رندة يقظان على الزميل نزال، على الرغم من أن الهيئة العليا للتأديب أدانت القاضية المذكورة في القضية نفسها، وقررت تخفيض درجتين لها كعقوبة
الواقع أن التوجّه نحو «تجنّب» محكمة المطبوعات لـ»محاسبة» الصحافيين، و»اللوذ» بالمحاكم الأخرى التي «تضمن» تأديب الصحافيين وغيرهم من الناشطين بات معتمداً في قضايا عدة.
يؤكد مصدر قانوني أن «هناك اجتهادات قضائية تقضي باعتبار أن تهم القدح والذم في ما خص «فايسبوك»، تخضع لقانون المطبوعات»، لافتاً الى «وجوب تعديل قانون العقوبات بما يتيح حق التشهير بالفساد وحق التعبير بما يضمن الذم نسبة إلى أمور معينة، بما يشكّل مفهوم التشهير في قانون العقوبات الحالي».