لعل المديح الأوّل للمقاومة اليوم، أن الجنوبيين في الذكرى العاشرة للتحرير، رغم المناورات الإسرائيلية المعلنة، كانوا يستديرون بكامل انتباههم إلى الداخل، إلى الانتخابات البلدية، مستغرقين بحساباتها، كأنهم لا يستشعرون أي خطر من العدو خلفهم. هكذا، بعد 10 سنوات على التحرير، يستكمل الجنوبيون تحرير الأرض، بتحطيم حاجز نفسي كان يمنعهم من الاقتراب من أرضهم المحررة الحدوديّة، فاقتربوا وأكثروا، كما يقال، ليزرعوها، أو ليبنوا منازل، ومنتجعات سياحية، أو متنزهات تجذب بنجاح كبير زبائن «سياحة التزريك» التي بدأت بعد التحرير، وباتت لها اليوم بنيتها التحتية على امتداد الحدود.لكن، إن كانت لاستدارة الجنوبيين إلى الداخل إيجابياتها، فلها سلبياتها أيضاً. هنا، دخلت الطائفية بيوتاً كانت بعيدة منها، وأصبح الجنوب أقرب للتأثر بأحداث مثل 7 أيار التي لا يزال يُسمع صداها في قرى العرقوب المناصرة للمقاومة، أكثر مما يُكترث بمناورات إسرائيل. اليوم، يبدو الشريط المحرر منصرفاً إلى هموم بقية المواطنين، المحزنة بعبثيتها أحياناً، متأثراً بما يقلق الشمال اللبناني أو يفرح البقاع أو يحزن الجبل، أو يخضّ بيروت. لكن، حتى حين يتأثر سلباً، فإن هذا التأثر يثبّت الانطباع الأول: الجنوب عاد بكامل كيانه إلى لبنان.
هذا ما يخرج به المرء من جولة بمحاذاة الشريط الحدودي المحرر، بدءاً من الناقورة وانتهاءً بالوزاني وشبعا، حيث اكتمل تحرير الأرض بتحرير ما يمكن تسميته اليوم الشريط النفسي المحرر.
«الأخبار»