أمس، تحالفت ماكينتا حزب الله وحركة أمل، خلافاً لما جرى في انتخابات عام 2004 البلدية. ماكينة قوية لانتخابات شبه محسومة. يصعب الحديث عن معركة ماكينات في الانتخابات البلدية بالجنوب
محمد محسن
«فوز لائحة الوفاء والتنمية المدعومة من حزب الله وحركة أمل». الخبر تنتظره الماكينتان الانتخابيتان لحزب الله وحركة أمل في محافظتي الجنوب والنبطية. جهّزته الوحدات الإعلامية في التنظيمين منذ فتح صناديق الاقتراع، ولا ينقصه سوى تحديد كل قرية باسمها، ومعيار الفوز: بكامل أعضائها أو بخرق طفيف. التحالف الشيعي واثق بانتصاره. إذاً،الانتخابات البلدية باردة في الجنوب.
جوّ الماكينات الانتخابية للطرفين هادئ جداً. أمس، كان مختلفاً جذرياًّ عن انتخابات عام 2004. الطمأنينة واضحة على وجوه مندوبي الماكينتَين. ليست تكتيكاً يراد منه التلاعب بأعصاب الخصم كما جرى في الانتخابات السابقة. في الجنوب، كان لباس عناصر ماكينتي تحالف أمل حزب الله موحّداً. قميص أبيض من جميع المقاسات، للأطفال قبل الكبار، ممهور بشعار «الوفاء التنمية» الذي اعتمده الحزب والحركة منذ بداية الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان. أمّا القبعات والقمصان والشعارات، فكلّها طُبعت في مركز واحد اتفق عليه الطرفان.
توزيع اللوائح وتوصيل أهالي القرية إلى مراكز الاقتراع أتعبا المندوبين. فغياب التنافس بمعناه الحقيقي، لا يعني غياب العمل من فجر الانتخاب إلى نجر فرز الأصوات. للماكينتين وظيفة لوجستية حاصلها سياسي، ومفاجآت غير متوقعّة، هي أمر ليس مرغوباً فيه أبداً. ماكينات الحزب والحركة، كما يوضح مسؤولوها لا تجهد للفوز، فهذا أمر «متيقَّن منه» كما يقولون، إنّما الجهد لتحقيق نسبة تصويت عالية «اللوائح قوية في جميع القرى»، يقول أحد مسؤولي حزب الله في الجنوب. في الشكل، يمكن استخلاص أمرين جوهريين: أولاً، يشبه عمل تحالف ماكينتي حزب الله وأمل في الجنوب، خطابات زعيمي التنظيمين، بغض النظر عن التباينات المؤثرة الحاصلة على مستوى الجمهور: العمل الموحّد ليس مستحبّاً، بل واجب وإن كان مرّاً في بعض القرى، نتيجة وجود تفاصيل عائلية كثيرة تربك التحالف. أمور واجهتها الماكينات منذ إعداد اللوائح، لا تبدأ بقلة مقاعد البلدية مقارنةً بعدد مرشحي العائلات، ولا تنتهي عند حدود قصص الطلاق بين العائلات في هذه القرية أو تلك!

ثانياً، التجوال في القرى يؤشر إلى محصّلة لوجستية مفادها: ميدانياً، العمل لماكينة واحدة: الوفاء والتنمية. أمّا التوجيه، فمن لجان تنسيق مشتركة بين الحزب والحركة، نجحت في أغلبية مهمتها، لكنها فشلت في بعض القرى، نتيجة اختلافات وصلت إلى حدود التشطيب المعلن بين الطرفين. تجربة التحالف البلدي في الجنوب هي الأولى بين الماكينتين. لكنها بحسب المسؤولين استفادت من تجارب الدورات السابقة في جبل لبنان والعاصمة والبقاع. وخلافاً لما يظنّه كثيرون، يؤكد مطلّعون على عمل ماكينات الحزب والحركة أنه «راح الكتير وبقي القليل». قليل مدّته 24 ساعة جهد خلالها مندوبو الماكينتين لتحقيق الفوز قبل أن يستريحوا. على مستوى العديد يصعب حصر رقم عدد المندوبين، فلكل قرية ماكينتها المستقلّة تبعاً لحجمها وعدد سكّانها. هم بالآلاف. القرية مرتبطة بماكينة القضاء، وتالياً بالماكينة المركزية. لكل مرشح من لوائح التحالف مندوبان متجولان، ومندوب ثابت، و3 مثلهم يسمون «البدل» يتسلّمون مهماتهم في ساعات ما بعد الظهر. يمكن تقسيم الماكينات الانتخابية للحزب والحركة إلى قسمين: معلوماتيّ ولوجستيّ. الأول يتمثل بماكينة مركزية، أمّا الثاني، فيُعنى بتوزيع اللوائح والطعام، وتوفير النقليات للمقترعين.

انصب الجهد لتحقيق نسبة تصويت عالية
فضّل حزب الله أن يبعد ماكينته المركزية في مدينة صور عن أعين الإعلام. أكثر من 100 عنصر يعملون في غرفة عمليات الانتخابات. يتوزعون بين مُدخِّل معلومات ومتلقّي اتصالات من ماكينات الأقضية والقرى. يجري تحديث المعلومات عن نسب الاقتراع وعدد المصوّتين كل ساعة تقريباً. تسأل هل من مفاجآت؟ فيأتيك الجواب من أحد أعضاء الماكينة ممازحاً «المفاجآت عالجبهة مش بالانتخابات». وضع مسؤولو الحزب والحركة، على حدّ سواء، فاصلاً زمنياً لتحديد النتائج. قبل التاسعة مساءً لا يمكن الحديث عن نتائج أكيدة، وبعد الساعة الـ12 تكون كل النتائج جاهزة تقريباً. في الوحدة الإعلامية للحزب المكلّفة إذاعة النتائج، الجو أكثر هدوءاً. وكأنّ انتخابات لا تجري. غرفة لرصد الأخبار عن التلفزيونات، قبل بدء العمل الليلي ونشر النتائج التي تصل من الماكينة المركزية. أمّا حركة أمل، فقد عملت ماكينتها المركزية في بيروت، على جمع المعلومات الآتية من ماكينات الأقاليم في الجنوب. إلكترونياً، تُحدَّث البيانات الانتخابية كل ساعة تقريباً، على برنامج إلكتروني خاص، يربط الماكينات الحركيّة بعضها ببعض لمتابعة نسب التصويت والمصوّتين في أقلام الذكور والإناث.
ماكينات اللوائح المنافسة للحزب والحركة لم تكن ضعيفة بالمطلق، بمعزل عن حجم الإمكانات المتباينة. البعد العائلي يستطيع مجابهة الأحزاب في بلديات الجنوب. فالقرى مهما كبرت مساحتها، يعرف أهلها بعضهم بعضاً، ويمكن ماكينة عائلية أن تبرز. عمل الماكينات كان واضحاًً، لكن غياب المنافسة الحقيقية في معظم القرى، هو الذي طغى أمس.