بهدوء أمني لافت، مرّ اليوم الانتخابي في جبل لبنان، من دون خلافات تذكر. أما المخالفات، فلم يوثّق منها سوى حالتَي رشى، في جبيل وكسروان
خلال وجوده على رأس وزارة الداخلية، أرسى ميشال المر قاعدة لقياس مدى نجاح العمليات الانتخابية التي جرت بإدارته: ضربة الكف. كان يتباهى بأن الانتخابات جرت من دون «ولا ضربة كف». وزير الداخلية زياد بارود كاد يعيد لازمة أبو الياس أمس، في نهاية الدورة الأولى من الانتخابات البلدية، التي شملت محافظة جبل لبنان. ففي ظل الحد الأقصى من التوافق، وفي غياب الحملات الانتخابية الجدية، وبعدما حوّل الجيش وقوى الأمن الداخلي المراكز الانتخابية إلى ما يشبه الثكنات التي يحظر التجمع فيها، جرت عملية اقتراع «نموذجية»، على حدّ وصف مسؤول أمني، إذ لم يعكّر صفو الهدوء سوى ما لا يزيد على 15 خلافاً انتهى معظمها في ساعته، من دون وقوع إصابات أو حصول توقيفات.
لكن ذلك لم يمنع حوادث القضاء والقدر. ففي بلدة بطحة الكسروانية، توفي المواطن لحد يوسف أبو زيد (مواليد 1941)، إثر تعرضه لنوبة قلبية بعد إدلائه بصوته وخروجه من مركز الاقتراع.
وكانت القوى الأمنية قد اتخذت تدابير احترازية مشددة حول مراكز الاقتراع، تمثّلت في نشر عدد كبير من رجال الأمن، فضلاً عن منع الناخبين والعاملين في الحملات الانتخابية من التجمع أمام مراكز الاقتراع، وإبعادهم إلى مسافة تصل إلى نحو مئتي متر في البلدات التي كانت تشهد معارك انتخابية جدّية.
وإلى غرفة الشكاوى في وزارة الداخلية، ورد أكثر من 1200 اتصال، بينها 250 شكوى، والباقي للاستفسار عن شؤون إدارية وتنظيمية. أما الشكاوى، فتركّز معظمها على التدافع أو صراخ رجل أمن في وجه مواطن، أو منع شخص من الدخول، أو الإبلاغ عن الاشتباه في شخص يحاول التصويت أكثر من مرة.
وعقب إقفال صناديق الاقتراع، عقد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود مؤتمراً صحافياً في المركز الإعلامي التابع لمركز إدارة الانتخابات، رأى فيه أنه «لا أحد راضياًَ عن القانون الحالي، وخصوصاً بالنسبة إليّ، وكنا نفضّل لو أن الحال الاشتراعية أفضل من وضع كهذا»، متمنياً الوصول إلى «سلة متكاملة لقانون انتخابات نيابية، الذي تعهدت الحكومة بإنجازه خلال 18 شهراً، إلى قانون اللامركزية الإدارية، مروراً بقانون البلديات». وقال بارود إن ثمة «313 بلدية في كل جبل لبنان، فاز منها 57 بلدية بالتزكية أي 18%. ومن 735 مختاراً فاز 199 بالتزكية. ومن أصل 790 ألف ناخب مسجّلين على القوائم الانتخابية في جبل لبنان، بلغت نسبة المشاركة نحو 59%، وهي غير نهائية، وهو رقم مرتفع، ولم نكن نتوقعه في ساعات الصباح الأولى».
أضاف: «في بعض البلدات بلغت نسبة المشاركة 20%، وفي بعضها 75%. أما في الأقضية، فقد بلغت نسبة المشاركة 46%، وفي قضاء المتن 61%، وفي جبيل وكسروان 65%، و55% في عاليه، و51% في الشوف. وتراوح النسبة بين 46% حداً أدنى و65% حداً أقصى بين الأقضية».
ولفت بارود إلى أن المراقبين التابعين للجمعية اللبنانية لمراقبة الانتخابات وثّقوا حالتَي دفع رشى، في جبيل وكسروان، أحالتهما وزارة الداخلية على النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان. وأشار بارود إلى أن المراقبين زوّدوا الداخلية بمعلومات وأسماء وأرقام هواتف تتعلق بحالتي الرشى.
وأبدى بارود عدم رضاه عن نسبة الترشيح النسائية، واصفاً وجود «570 مرشحة امرأة من أصل 10138»، أي ما نسبته 5,6%، بأنه ليس «شغلة حلوة، ولم نعرف بعد على مستوى النتائج كم ستكون نسبة النساء».
وتوقع حدوث «أخطاء نتيجة اعتماد الورقة المكتوبة، التي لا تزال معتمدة في ثلاث دول فقط في العالم بينها لبنان. «ولو كان عندنا بطاقة مطبوعة سلفاً، لكان عندنا سرعة في التصويت، والمشهد أفضل والنتائج على مستوى الفرز تكون أسرع».
توقعات بارود تحققت سريعاً. فنتيجة استخدام الأوراق المكتوبة والأسلوب المتّبع في احتساب أصوات المرشحين، حصل خلاف في بلدة بقاعتوته الكسروانية ليلاً بين مندوبي مرشحين متنافسين، ما أدى إلى تعاركهما. وقد عمد المتعاركان إلى قلب الطاولة التي وضعت فوقها أوراق الاقتراع، سواء تلك المحتسبة منها أو غير المحتسبة. ونتيجة ذلك، جمّدت عملية الفرز في بقاعتوته، ومن ثمّ توقفت، تمهيداً لما ستقرره وزارة الداخلية.
وكان وزير الدفاع إلياس المر قد تفقّد غرفة عمليات قيادة الجيش، يرافقه قائد الجيش العماد جان قهوجي، «معرباً عن اطمئنانه إلى التدابير الأمنية التي اتخذتها وحدات الجيش في سبيل إنجاح الانتخابات الجارية، وارتياحه إلى حسن التنسيق القائم بين الجيش والأجهزة الأمنية والإدارات الرسمية المعنية بهذه العملية».
(الأخبار)