بعد نقاشات صعبة، اقرّت مجموعات الحراك الشعبي موقفا موحدا يرفض قرارات مجلس الوزراء في شأن معالجة ازمة النفايات. تم اعلان هذا الموقف في مؤتمر صحافي مشترك، عقده ممثلو المجموعات المختلفة، أمام خيم المضربين عن الطعام بالقرب من وزارة البيئة. وحدها حملة «بدنا نحاسب» لم تشارك، ومن المتوقع أن تعلن عن موقفها في مؤتمر صحافي تعقده اليوم.
توقف بيان المجموعات، الذي تلاه الخبير البيئي ناجي قديح، عند بعض الايجابيات الواردة في قرار مجلس الوزراء، كوقف عقود معالجة النفايات وطمرها مع الشركات المشغلة، تثبيت حق البلديات ولو مؤجلة، توزيع أموال الخلوي على البلديات ولو لفظيا، التأكيد على سقوط صفقة المحاصصة... علما أن «عدداً منها لا يزال بمثابة وعد بانتظار نفاذه في القانون وعلى أرض الواقع»، بحسب ما قال قديح. في مقابل ذلك، اعتبرت المجموعات ان قرار مجلس الوزراء لم يقرّ خطة لجنة الخبراء الا ببعض عناوينها متراجعا عن كمّ من الايجابيات الأخرى التي وردت فيها، كالفرز من المصدر والإسراع في إقرار مشروع القانون المتعلق بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة وتحرير أموال البلديات. وهذا الأمر، بحسب بيان الحملات، يؤكد أن ايجابيات الخطة لم تكن الا خدعة وقناعاً أبيض لتضليل الرأي العام تمهيداً للتراجع عنها ونسفها بشكل شبه كامل. كما أن الفترة الانتقالية التي تتمسك بها الحكومة، «مخالفة تماما في روحيتها وأبعادها للخطة المستدامة المعلن عنها، وخصوصا لجهة مبدأ الفرز من المصدر، فضلا عن غياب الخطوات التي من شأنها أن توصل الى حلّ المستدام».
ترفض المجموعات رفضا قاطعا خيار المطامر الوارد في الخطة، لما فيه من ضرر بيئي، ويقول قديح إن أحد المطامر المقترحة يقع في مرتفعات المصنع، وهي منطقة ذات نفاذية عالية من الشقوق والكسور وفراغات التذويب بمياه الأمطار، ما قد يؤدي إلى «كارثة بيئية وبؤرة تلوث ستطاول أقله المخزون المائي الجوفي على طول سلسلة الجبال الشرقية». كما رأت المجموعات في اختيار اماكن المطامر استهدافا للمناطق الأكثر إهمالا وفقرا، في محاولة لمقايضة صحة أبنائها وبيئتهم بأموال ستخصص للتنمية، فمبدأ «الرشوة والإذلال» مرفوض.
ذكّر البيان أنه لم يتم تحرير أموال الصندوق البلدي المستقل بعد، وقد تغاضت الحكومة عن مطلب فتح حساب خاص بالصندوق. كما أنها أحالت مسألة شطب ديون البلديات المتراكمة بطريقة غير شرعية الى المجلس النيابي، كذلك أبقت حقوق البلديات وصلاحياتها «هشة خلافا للقوانين الضامنة لها». فدور البلديات في الخطة لا يزال مبهما، حيث اكتفت الخطة بالاشارة لمبدأ اللامركزية في معالجة النفايات. وطالبت المجموعات باقصاء مجلس الانماء والاعمار، التي فوّض إدارة ملف النفايات خلال الفترة الانتقالية، لكونه كان «في قلب كل الصفقات المشبوهة في هذا الشأن» واعادة الملف لوزارة البيئة وحدها بعد استقالة الوزير محمد المشنوق عنها. ووجدت المجموعات في اعادة التعاقد مع الشركات المشغلة حاليا تجديدا للعمل بعقود الهدر والفساد التي تورطت فيها هذه الشركات في السابق، وتساءلت عن المبالغ المالية التي ستسدد لهذه الشركة لجمع النفايات المتراكمة منذ 17 تموز. كما سألت عن مصير الاف العمال بعد الغاء العقود مع هذه الشركات.

قرار مجلس الوزراء لم يقرّ خطة لجنة الخبراء الا ببعض عناوينها


واعلنت مجموعات الحراك ان تطالب بإلغاء صريح للقرار رقم 1 مع جميع القرارات المتصلة به، وإعلان حال طوارئ بيئية لنقل النفايات المتراكمة في الشوارع فوراً إلى مواقع على مستوى القضاء تفرز فيها النفايات وتعالج قبل موسم الشتاء، التشغيل الفوري لكل معامل الفرز، وترميم المقالع والكسارات لاستقبال العوادم الناتجة عن عمليّة الفرز والمعالجة وضمان عدم الإضرار بالمياه الجوفيّة، الاعتماد على تخفيف انتاج النفايات واعادة الاستعمال والفرز من المصدر والتدوير، مع المسارعة في إقرار مشروع القانون المتعلق بالادارة المتكاملة للنفايات الصلبة.
ردا على هذا البيان، أصدرت لجنة الخبراء، نيابة عن مجلس الوزراء، بيانا اوضحت فيه أن قرار مجلس الوزراء، الذي حمل الرقم 1 بتاريخ 9 أيلول 2015 ستليه سلسلة من القرارات، التي يفترض أن تستكمل التنفيذ العملي لجميع البنود التي نصت عليها الخطة. كما أن الوزارات المعنية تعد رزمة من القرارات والمراسيم التي ستوزع أموال البلديات، وتكفل انطلاق عجلة التدريب والتأهيل والاتفاق على المناطق الخدماتية ودفاتر الشروط، تمهيدا لبدء أعمال التلزيم والتنفيذ، إضافة إلى الإجراءات الضريبية والجمركية، لضمان تخفيف النفايات، وإعادة تصدير النفايات غير القابلة للتدوير، التي يعول عليها للبرهان العملي على أن المرحلة الانتقالية لن تتحول إلى مرحلة دائمة.
ولفت البيان إلى أن اعتبار بيان الحراك الشعبي، أن الواقع الحالي للنفايات يستدعي إعلان حالة طوارئ بيئية، لنقل النفايات المتراكمة في الشوارع فورا، إلى مواقع على مستوى القضاء، تفرز فيها النفايات وتعالج قبل موسم الشتاء «هو اقتراح منقوص، فمن جهة يعرف البيئيون جيدا، أن موقع المعالجة في الكورال، هو موقع غير مؤهل، إلا لمعالجة 300 من أصل 3000 طن، وبطريقة سيئة، ما استدعى اقتراح إغلاقه تمهيدا لتأهيله وتطويره، وأنه ليس هناك أي مركز معالجة آخر، على مستوى محافظتي بيروت وجبل لبنان، وأنه فيما لو جرت الاستفادة القصوى من جميع مراكز المعالجة في بقية المحافظات، فإن ما لا يقل عن 60% من نفايات بيروت وجبل لبنان، ستبقى دون معالجة إلى حين بناء مراكز جديدة، وبدء العمل فيها، وهو أمر يحتاج إلى 18 شهرا، أي ما يعادل المرحلة الانتقالية، التي اقترحتها الخطة.