في المؤتمر الصحافي أمس، كشف رئيس لجنة الاتصالات النيابية، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، عن قصة الخطوط الخلوية الثلاثة التي لطالما ردد مسؤول رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن فرع المعلومات كشف تعامل حامليها مع الاستخبارات الإسرائيلية. قال فضل الله إن القصة بدأت عام 2009، عندما عُقد اجتماع ضم رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، ليسأل فيه الأول الثاني عمّا إذا كان العميد المتقاعد من الأمن العام، أديب العلم، يعمل بصفة عميل مزدوج لحساب جهاز أمن المقاومة. بناءً على سؤال الحسن، نفى صفا ذلك، مؤكداًَ أن العلم هو أحد الذين يشتبه جهاز أمن المقاومة في تعاملهم مع الاستخبارات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الشبهات ذاتها تدور حول زوجته ح. ص. بالفعل، أوقف فرع المعلومات العلم وزوجته، ليبدأ معهما عمله في مجال مكافحة التجسس. وفي الجلسة ذاتها بين الحسن وصفا، زود الأول الثاني بمعطيات عن ثلاثة خطوط هاتف خلوي قال إن كوادر من المقاومة يستخدمونها، وأن فرع المعلومات يشتبه في تعامل هؤلاء مع الاستخبارات الإسرائيلية، بناءًَ على حركة اتصالاتهم الهاتفية. وتضمنت معلومات الحسن معطيات عن أن الخطوط الهاتفية الثلاثة هي خطوط أمنية يستخدمها هؤلاء الكوادر إلى جانب أرقام هواتفهم المعروفة.
وهذه المعطيات كررها مسؤولون من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وسياسيون من قوى الرابع عشر من آذار، مستخدمين إياها دليلاً على القدرة الإسرائيلية على اختراق الجسم التنظيمي لحزب الله.
وبحسب فضل الله، فإن جهاز أمن المقاومة أولى هذه المعطيات أهمية قصوى، وأجرى تحقيقات معمقة بشأنها، وخاصة لناحية العثور على الهواتف الأمنية التي أظهرت البيانات أن كوادر المقاومة يستخدمونها. ووصلت التحقيقات إلى طريق مسدود، إذ لم يُعثَر على هذه الهواتف. وبناءً على ذلك، أجري تحقيق تقني نفذه محققون من استخبارات الجيش وجهاز أمن المقاومة، بالتعاون مع فنيين من وزارة الاتصالات والهيئة المنظمة للاتصالات. وبحسب المعلومات المتوافرة عن القضية، تبين أن هاتف أحد الكوادر الثلاثة يحوي في داخله نظام تشغيل يتضمن رقم هاتف مستنسخاً عن رقم هاتف خلوي كان العلم قد اشتراه وأرسله إلى مشغّليه.
وما لم يذكره فضل الله أمس، هو ما أكدته مصادر في قطاع الاتصالات عن أن المحققين والتقنيين العاملين معهم أجروا عدة تجارب على الهاتف المشتبه فيه. وأجريت إحدى التجارب داخل شركة «ألفا»، ومن داخل غرفة التحكم بالتحديد. وتبين أن تشغيل الهاتف المشتبه فيه يؤدي إلى تشغيل خطين خلويين مختلفين، أحدهما الخط الذي يستخدمه حامل الهاتف، والآخر هو الذي كان أديب العلم قد سلمه للإسرائيليين. إضافة إلى ذلك، تضيف المصادر نفسها، يُظهر تشغيل الهاتف المشتبه فيه وجود هاتفين اثنين: الهاتف نفسه، وهاتف آخر يحمل رقماً تسلسلياً مختلفاً. وهذه البيانات تَظهر في غرفة التحكم وفي سجلات الشركة، رغم أن الهاتف المشتبه فيه لا يحوي سوى شريحة واحدة (SIM)، كما هي الحال في الغالبية العظمى من الهواتف المستخدمة في لبنان.
أمام هذا الواقع، أجرى التقنيون مزيداً من التحقيقات، فتبين لهم وجود نظام تشغيل داخل الهاتف، زرعه الإسرائيليون عن بُعد، يسمح لهم بالتحكم بالهاتف كما لو أنه هاتفان وشريحتان مختلفتان. ويستخدم الإسرائيليون هذه التقنية لتحديد مكان الشخص المستهدف، والتنصت على ما يتحدّث به عندما لا يجري أي اتصالات، إذ يتصل الإسرائيليون بالهاتف المستنسخ، من دون أن يعرف حامل الهاتف أن اتصالاً قد ورد إليه. وبذلك، يتحول الهاتف إلى جهاز تنصت.
كذلك، تمكن هذه التقنية الإسرائيليين، من بعث آلاف «الرسائل الصامتة» إلى الهاتف، وهي كناية عن نصوص تصل إلى حافظة الرسائل. وهذه الرسائل تتضمن أحياناً برامج تدفع الهاتف إلى البعث برسائل، من دون أن يشعر مستخدم الهاتف بما يجري في هاتفه.
يُذكر أن الأمين العام لحزب الله كان قد أكد في أحد مؤتمراته الصحافية الأخيرة أن ما حُكي عن قضية اختراق إسرائيل لحزب الله بثلاثة من كوادره جرى التحقق منه، «حرصاً على أمن المقاومة بالدرجة الأولى»، مؤكداً أن جهاز أمن المقاومة تثبت من عدم صحة ما يُشاع. ووعد نصر الله بالكشف عن تفاصيل القضية، إلا أن حزب الله لم يعرض هذه القضية حتى يوم أمس.