يخوض العالم منذ نهاية عام 2019 معركة ضد جائحة «كورونا» التي تركت أثرها على مختلف الصعد. اليوم، تدور تساؤلات حول تأثير هذا الفيروس على الرياضيين. فقد ودّعت الرياضة عدداً من روّادها البارعين الذين خسروا معركتهم ضد الفيروس. فكيف يؤثّر «كورونا» على صحة الرياضيين؟ وما دور المنشطات في هذا الإطار؟
تأثير كورونا على الرياضيين
يوضح الاختصاصي في الأمراض الصدرية الدكتور عصام ناجي، أن «أعراض فيروس كورونا تتشابه لدى الرياضيين تماماً كما غير الرياضيين، إلا أن الفرق يظهر من خلال حدة الأعراض ومدى تفاقمها». «فيروس كورونا عند دخوله الجسم يصيب بداية الجهاز التنفسي بالكامل، ويترك أثره الواضح على الرئتين، فيضعف وظيفتهما، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى تليّفهما، وبالتالي يسبّب ضيقاً في التنفس». وفي حال ضعفت وظيفة الرئتين «يمكن لأعضاء أخرى في الجسم أن تتأثّر، مثل الدماغ والقلب، نتيجة نقص الأوكسجين».

ونتيجة هذه الأضرار على الجسم «يصعب على الرياضي ممارسة نشاطه البدني المعتاد». لكنه في المقابل «في غالب الأحيان، يتمتّع الرياضي بمناعة قوية نتيجة اتباعه نمط حياة صحي، سواء من حيث نوع الأطعمة التي يتناولها أو النشاط البدني المستمر».

إلا أن الرياضيين الذين يتناولون المنشطات (كالستيرويد والمنشطات الأندروجينية) أو منتجات تكبير العضلات (منشطات كمال الأجسام)، يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وهذا ما يعرّضهم لخطر تفاقم أعراض الفيروس ومضاعفاته على الجسم، وفق ما يلفت إليه ناجي.

بدوره، يلفت الاختصاصي في الطب العام الدكتور رونالد شليطا، إلى أن «الخطر الأكبر للفيروس يظهر بعد التعافي منه، إذ تستمر أعراضه وتزداد مضاعفاته لدى الرياضيين الذين يتناولون المنشطات، فيعانون من ضيق في التنفس لمدة شهرين أو 3 أشهر».

الرياضيون الأكثر تأثّراً
«الدراسات اليوم كشفت عن أن من يمارسون رياضة كمال الأجسام هم الأكثر عرضة لمضاعفات هذا الفيروس، كونهم الأكثر تناولاً للمنشطات ومنتجات تكبير العضلات. وهذا ما يعرّضهم لضعف في الجهاز المناعي، وبالتالي يزداد الخطر المحدق بهم»، وفق ناجي.



متى يستعيد الرياضي نشاطه البدني؟
ينصح شليطا أن يتفادى الرياضيون بشكل عام استعادة نشاطهم الرياضي قبل مرور أسبوع كامل على الأقل من دون ملاحظة أي أعراض مرتبطة بعدوى «كورونا».

أمّا ناجي، فيوصي الرياضيين الذين أصيبوا بالفيروس بالتريّث قبل استعادة نشاطهم الرياضي ليمنحوا أعضاء أجسامهم الوقت الكافي للتعافي بالكامل من أثار الفيروس، أي حوالى 21 يوماً بعد التعافي من العدوى. ويضيف: «الرياضي يحتاج إلى الراحة التامة خلال فترة الإصابة، أمّا بعد التعافي، فعليه أن يعود تدريجياً إلى نشاطه البدني». ويشرح أن «استعادة نمط الحياة المعتاد للرياضي يمرّ بخمس مراحل، حيث يبدأ بالمشي البطيء، ثم ينتقل إلى سرعة أكبر، وبعدها الركض، وصولاً إلى ممارسة رياضته المحددة بشكل تدريجي».

ما الفرق بين المنشطات ومكمّلات البروتين؟
مع ارتفاع خطر الفيروس على صحة الرياضيين الذين يتناولون المنشطات، ينبّه شليطا إلى الفرق بين المنشطات ومنتجات تكبير العضلات وبين مكمّلات البروتين. ويشير إلى أن «مكمّلات البروتين لا تشكّل خطراً على الصحة، إنما يجب تناولها باعتدال لتفادي زيادة نسبة البروتين في الجسم مقارنة بالكمية التي يحتاجها»، موضحاً أنها «شبيهة بالبروتين الذي يمكن الحصول عليه من خلال الطعام».
أمّا في ما خصّ المنشطات ومنتجات تكبير العضلات، فهي «عبارة عن حقن يتلقاها الرياضي، وعند حقن السترويد في الجسم يعمل على إضعاف الجهاز المناعي، ويؤثر على الجهاز الهرموني في الجسم، ما يعرّض الرياضي للكثير من المخاطر الصحية، على خلاف مكمّلات البروتين».

المنشّطات وأدوية المصاب
يحتاج مريض «كورونا» إلى تناول أدوية معيّنة خلال فترة الإصابة، فكيف يمكن أن تؤثّر المنشطات على هذه الأدوية؟ يوضح شليطا أن مريض «كورونا» غالباً ما يتناول الفيتامينات التي تعمل على تحفيز جهاز المناعة لديه لمقاومة الفيروس، وبعض المضادات الحيوية التي تساعد على التخفيف من الالتهابات والأعراض الحادة. وهذه الأدوية لا تتأثّر بالمنشطات بشكل مباشر، ولكن ضعف المناعة لدى الرياضيين الذين يتناولون هذه المواد، يُضعف بدوره تأثير الأدوية وتفاعلها مع الجسم.

وفي هذه الحالة ما من أدوية محددة يمكن للرياضيين تناولها، إنما يتم وصف بعض الأدوية المضادة للمنشطات (Anti Androgen) المسؤولة عن تخفيف أثر هذه المنتجات الرياضية، لتوفر لاحقاً مناعة أقوى في محاربة الفيروس.
وعلى صعيد المنتجات الحارقة للدهون (Fat Burner) التي يلجأ إليها الرياضيون وغير الرياضيين، فيطمئن شليطا أن لا تأثير مباشراً لهذه المنتجات على مريض «كورونا»، إنما، كما المنشطات ومنتجات تكبير العضلات، تؤثّر على المناعة وتضعفها. كما أنها تؤدي إلى أعراض جانبية عديدة، أبرزها مشاكل في الكبد، وارتفاع ضغط الدم، وتسارع في نبضات القلب وغيرها.



اللقاح للرياضيين... مفيد وفعّال
في ظل انطلاق حملات التلقيح حول العالم، يعتبر ناجي أن «اللقاح يبقى الحل الأمثل لمواجهة هذه الجائحة، وعلى مر العصور شكّلت اللقاحات العنصر الأقوى لمواجهة الأوبئة». ويشدد على «أهمية التلقيح بالنسبة إلى الرياضيين الذين يتناولون المنشطات أو من يمارسون الرياضات الجماعية، بهدف تعزيز مناعتهم والتخفيف من أثر الفيروس على جسمهم في حال التقاطه».
لكن شليطا يقسّم الرياضيين إلى فئتين من حيث فعالية اللقاح على الجسم، وينبّه إلى أن «الرياضيين الذين يعتمدون على مكمّلات البروتين سيحظون بفعالية لقاح مماثلة لتلك التي يحصل عليها الأشخاص غير الرياضيين». أمّا في ما خصّ الرياضيين الذين يتناولون المنشطات ومنتجات تكبير العضلات «فتضعف فعالية اللقاح لديهم على خلاف الأشخاص الآخرين، نتيجة ضعف مناعتهم، فينتج جسمهم نسبة أقل من الأجسام المضادة لمحاربة فيروس كورونا».

الحماية الضرورية للرياضيين
بالإضافة إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية المتبعة للحد من انتشار فيروس «كورونا»، وارتداء الكمامة باستمرار، ينصح ناجي الرياضيين بالابتعاد عن كل المنتجات التي تؤثر على جهاز مناعتهم، والاعتماد فقط على نمط الحياة الصحي.

ويوصي شليطا، بدوره، الرياضيين الراغبين في تعزيز الحماية لأجسامهم بالابتعاد عن كل ما يتم تصنيعه واعتماد المنتجات الطبيعية للحصول على النسبة الضرورية من الفيتامينات والبروتينات والمعادن للجسم. ويحذّر من أن كل ما هو مصنّع يؤثّر، عند دخوله إلى الجسم، على وظائفه بشكل عام، وعلى الجهاز المناعي بشكل خاص.