لا طعم ولا رائحة للّقاءات السياسية حول سوريا

  • 0
  • ض
  • ض

قد ينعقد مؤتمر نيويورك حول سوريا، وقد لا ينعقد. وقد ينعقد شكلاً بلا مضمون، أو حتى نصف انعقاد، إلا أنّه لن يكون محطة في مسار الحل السياسي. ليس لأنه قاصر عن فعل ذلك وحسب، بل لأن التسوية والحل غير متاحين، والظروف القائمة لا تسمح في هذه المرحلة، وربما أيضاً في المراحل المقبلة، بحل سياسي. هذه المرة تمثّل الرياض قبلة التحليلات، حيث «يتفبرك» وفد المعارضة السورية المزمع أن يتحاور مع وفد الدولة السورية، ومن ثم التأسيس للحل السياسي المنشود. إلا أن الواقع يشير إلى أنّ الرياض تعمل على تشكيل الوفد السعودي الى طاولة الحوار ممن يحملون الجنسية السورية. وفد يتشكل من وكلائها وإرهابييها ومنتحلي الصفة وغيرهم، ما يدفع وفد المحور الآخر وحلفاءه الى استصعاب تقبّله وتعذّر جلوسه في مقابلهم، على طاولة الحوار. مع ذلك، وقبل ذلك، لا ضرورة ولا جدوى للقاءات في فيينا أو في نيويورك أو في غيرهما. الطرفان المعنيان في الحرب السورية لا يسعيان الى تسوية تبرر جلوسهما الى طاولة الحوار، بل الى انتصار مغلف باسم الحل السياسي، وكأن الميدان قال كلمته النهائية، ولم يبقَ إلا ترجمة النتائج الميدانية الى حل سياسي.

الرياض تعمل على تشكيل الوفد السعودي ممن يحملون الجنسية السورية
من جهة أميركا وحلفائها، وتحديداً السعودية وتركيا، تطرح في اللقاءات السابقة والمرشحة للانعقاد في نيويورك قريباً، حل سياسي مبني على واقع ما قبل الوجود العسكري الروسي في سوريا، مع تجميل الطرح شكلاً، الامر الذي يعني أن الميدان لم يصل الى الحد الذي يجبر هذا المحور على الجلوس إلى الطاولة، للتوصل الى تسوية. في الوقت نفسه، فإن المحور السوري ــ الايراني وحليفه الروسي، يطرح حلاً سياسياً مبنياً على ما يمكن أن يصل اليه الميدان والنتائج المأمولة، وهي ممكنة، للعمليات القتالية في الاراضي السورية، وهو الامر غير المقبول لدى المحور الآخر، ما دام يراهن على إمكان عرقلة الانتصار الميداني لهذا المحور، وإن نظرياً. من هنا، أريد للقاءات في فيينا وفي نيويورك، وربما لاحقاً في غيرهما، أن تكون تكملة للفعل الميداني ومساعدة له، لا ترجمة لنتائجه سياسياً، أي خدمة السياسة للميدان وليس النقيض، ما يعني أن لا طعم ولا رائحة لهذه اللقاءات إلا في كونها إطاراً لتظهير المواقف، وإن كانت الاطراف ما زالت مصرّة على طروحاتها السياسية، أو أن هناك زحزحة حولها، وهو ما لا يبدو ممكناً أو قائماً، في الظروف الحالية للقتال الميداني ونتائجه. وبما أن الحرب لا تخاض في أرض المتحاربين، وعلى الاقل في أرض الجهات التي تتموضع حالياً في خندق الدفاع (أميركا والسعودية وتركيا)، وتحديداً بعد التدخل العسكري الروسي ميدانياً، فإن هذه الجهات ستستنفد كل ما لديها نظرياً، وصولاً الى المراهنة على عامل الوقت، لعرقلة الانتصار الميداني للمحور المقابل، قبل أن تنصاع وتقبل قسراً بالحل السياسي الذي لن يكون في نهاية المطاف، بشروطها. يعني ذلك أن نهاية الحرب في سوريا، وضمن الظروف والامكانات الموجودة حالياً لدى الاطراف كلها، ستكون على قاعدة منتصر نهائي ومهزوم نهائي، بلا حل سياسي بمعنى تسوية، بل حل سياسي بمعنى ترجمة انتصار ميداني الى انتصار سياسي. والى حين تحقق ذلك، يمكن «التسلية» باللقاءات، في فيينا وفي نيويورك، وفي غيرهما.

0 تعليق

التعليقات