«القاعدة» و«داعش» ينهبان عدن: هجرة المشاريع والأعمال من العاصمة الاقتصادية

  • 0
  • ض
  • ض

منذ شهر تموز الماضي، تحولت عدن إلى ساحة مشرّعة أمام عمليات السطو والنهب مع سيطرة مسلحي «داعش» و«القاعدة» على أجزاء واسعة من المحافظة، الأمر الذي عرّض العاصمة الاقتصادية لليمن لتدمير شبه شامل للأعمال والمشاريع ولهجرة الاستثمارات

احتلت محافظة عدن طيلة السنوات الماضية المرتبة الأولى في خريطة الاستثمارات المحلية والأجنبية، نتيجة تمتّعها بسمات استثمارية فريدة ومغرية لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية. إلا أن العام الحالي لم يسجّل أي مشروع استثماري جديد في المدينة، إلى جانب توقف العشرات من المشاريع الاستثمارية المسجلة في فرع «الهيئة العامة للاستثمار» في المحافظة في مختلف القطاعات، نتيجة الأوضاع الأمنية. المئات من المستثمرين أوقفوا نشاطهم التجاري والاستثماري بعد تعرضهم لمضايقات وانتهاكات جسيمة من قبل تنظيمي «داعش» و«القاعدة» اللذين يفرضان نفوذهما على مدينة عدن منذ أشهر. التعرّض للتجار الشماليين تحت مبررات متعددة، تعرضت العشرات من المحال التجارية التابعة لمستثمرين ينحدرون من المحافظات الشمالية للاقتحام من قبل «القاعدة» و«داعش»، وذلك عقب انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» في شهر آب الماضي. وتباينت الحجج ما بين البحث عن أسلحة والانتماء إلى حركة «أنصار الله» أو التعاون مع الجيش و«اللجان الشعبية». ومع الإعلان عن عودة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي إلى عدن مع عدد من وزراء الحكومة المستقيلة، تصاعدت تلك الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء المحافظات الشمالية من عمال وصغار مستثمرين. وتحولت تلك الانتهاكات من فردية إلى جماعية تقف وراءها السلطات الأمنية المعينة من هادي. الأسبوع الماضي، شنّت الميليشيات الموالية للسلطات في عدن حملة اعتقالات جماعية طالت 400 مواطن يعملون في منشآت صغيرة ينتمون إلى الشمال، ووجهت لهم اتهامات متباينة، منها أن عدداً كبيراً منهم مجرد خلايا نائمة لحزب «المؤتمر الشعبي العام» و«أنصار الله». وطالبت تلك الميليشيات بنقل المحتجزين إلى إثيوبيا للتدريب في معسكرات تموّلها الإمارات وإعادتهم إلى جبهات القتال في تعز ومأرب، وهو ما قوبل باستياء شعبي واسع النطاق.

يتعرّض التجار والمستثمرون الشماليون لمضايقات من قبل «داعش» و«القاعدة»
«القاعدة» يتحكم في تموين السفن بعد فشل السلطات المحلية المعيّنة من قبل هادي في استعادة منشأة تموين البواخر في مصافي عدن في مديرية التواهي من عناصر تنظيم «القاعدة» الذين يتحكمون فيها منذ منتصف شهر تشرين الأول، طلب مدير إدارة عدن لتموين البواخر، أواخر الأسبوع الماضي، إعفاءه من مهماته في إدارة المنشأة لانعدام الأمن فيها واستمرار «القاعدة» في السيطرة عليها وتوقيف العاملين فيها، وقيامه بعملية نهب منتظمة. مصادر محلية في عدن أفادت «الأخبار» بأن عناصر من التنظيم بقيادة «أمير القاعدة» في التواهي، أنيس العولقي، يتحكمون في تمويل البواخر والسفن القادمة من عدن، ومنها سفن وبواخر «التحالف». السطو على البنوك في ظل غياب أجهزة الدولة في عدن وتصاعد نفوذ وسيطرة «داعش» و«القاعدة» في المدينة خلال الأشهر الماضية، تعرض عدد من البنوك والمصارف والمتاجر لأعمال سطو مسلح من قبل مسلحين مجهولين. في الثلث الأخير من شهر تشرين الثاني الماضي، أقدم عناصر يعتقد بانتمائهم إلى «القاعدة» على اقتحام فرع بنك «اليمن الدولي» في مدينة المنصورة في وضح النهار، واستولوا بقوة السلاح على 50 مليون ريال يمني من خزنة البنك، في عملية هي الثانية على البنك نفسه في أقل من شهرين. ومنذ انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» من عدن في شهر آب الماضي، تعرضت البنوك والمصارف العامة لموجة سطو منظمة من قبل الميليشيات. ولم تكتفِ تلك الميليشيات بالسطو على أموال البنوك، بل استولت على فرع البنك «اليمني للإنشاء والتعمير» واستراحة بنك «التسليف الزراعي» في مدينة الشيخ عثمان وحولتهما إلى مقرّين تابعين لها. وكردّ فعل على تصاعد أعمال السطو ضد البنوك والمصارف، هدّدت جمعية البنوك اليمنية بإغلاق كل فروع البنوك في محافظة عدن، ما لم تتوقف تلك الأعمال وتتخذ إجراءات أمنية تضمن استمرار نشاط البنوك في المحافظة وحماية أموال المودعين والمساهمين والقطاع المصرفي بصورة عامة. المنطقة الحرة تحت سيطرة الميليشيات وفي ظل الانفلات الأمني وتسيّد الميليشيات المسلحة، خصوصاً «داعش» و«القاعدة»، باتت المصالح الحكومية والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي عرضة للسيطرة من قبل تلك الجماعات التي تطالب بمبالغ مالية باهظة مقابل تسليمها للسلطات. ووفق مصادر محلية لـ«الأخبار»، فاوضت إحدى تلك الجماعات القوات الإماراتية التي قدمت إلى عدن على دفع مليون درهم إماراتي مقابل الخروج من إحدى المنشآت الحكومية التي تسيطر عليها. كذلك، أغلق مسلحون متشددون جمرك المنطقة الحرة في مدينة عدن وفتحوه بعد مقايضتهم وتسليمهم ما يعادل 40 ألف دولار من إيرادات الجمارك. وأكد القيادي في «الحراك الجنوبي»، حسين زيد بن يحيى، أن «عدن تتعرض لتدمير ممنهج من قبل دول الاستكبار التي تعمل منذ سنوات على إفراغ المدينة من دورها المحوري كمنطقة حرة وتجارية في المنطقة». واتهم بن يحيى، في تصريح إلى «الأخبار»، دولة الإمارات بتسليم عدن للفوضى والميليشيات «حتى لا يكون لها أي تأثير على موانئ دبي»، مشدداً على أن ما تتعرض له العاصمة الاقتصادية للبلاد من تدمير لبيئة الاستثمار يعتبر «خطوة استباقية من دول العدوان لإجهاض مشاريع استراتيجية عملاقة قد تعيد الدور التجاري والإقليمي للمدينة، وهو ما يتعارض مع مصالح دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات». وحول ما يتعرض له المستثمرون الشماليون في عدن من انتهاكات، قال القيادي في «الحراك الجنوبي» إن «تلك الأعمال خارجة عن أدبيات الحراك ولا تمثله»، مشيراً إلى أن «الحراك الجنوبي لم تكن قضيته مع الشماليين بل مع نظام سابق أطاحته ثورة الـ21 من أيلول». إلى ذلك، ساهم الكثير من الممارسات، في ظل انفلات الأوضاع الأمنية، في تدمير بيئة الأعمال في العاصمة الاقتصادية للبلاد التي تعيش أسوأ أوضاعها الاقتصادية والتجارية، إذ إن الحركة التجارية في تراجع مستمر، والحركة السياحية توقفت كلياً، وحتى حركة النقل بين عدن والمدن الشمالية الأخرى كادت تتوقف. كذلك، تراجعت الحركة الملاحية في ميناء عدن الدولي بسبب عزوف التجار عن إرسال بضائعهم إلى الميناء واستبداله بميناء الحديدة، خشية عدم وصولها بسبب أعمال النهب.

  • تعرّض عدد من البنوك والمصارف والمتاجر لأعمال سطو مسلح من قبل مسلحين مجهولين

    تعرّض عدد من البنوك والمصارف والمتاجر لأعمال سطو مسلح من قبل مسلحين مجهولين (الأناضول)

0 تعليق

التعليقات