بعيداً عن الأضواء، مرّ اجتماع نيويورك لمجموعة الدعم الدولية حول سوريا. الكل يريد حلّاً سياسياً يخرج منه فائزاً، لكن فوز السعودية لا يمكن أن يستوي مع فوز إيران، مثلاً. الخلافات بقيت عميقة حول مسائل عدة، لكن في النهاية نجحت الرافعة الأميركية ــ الروسية في إيصال «التوافقات» إلى مجلس الأمن الدولي، ليوافق أمس بالإجماع على مشروع قرار يدعم خريطة طريق دولية لعملية السلام في سوريا.
القرار الأممي بتّ ما جرى التوافق عليه في لقاء «فيينا 2» الأخير، من دون ذكر «لائحة الأردن» للتنظيمات الارهابية التي بقيت محطّ خلاف. وينص القرار على أنّ الشعب السوري هو من يقرّر مستقبل سوريا، ويطالب بوقف أيّ هجمات ضد المدنيين بشكل فوري، ويدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات برعاية أممية. ويدعو القرار الأمم المتحدة إلى رعاية حوار بين ممثلي الحكومة السورية وفصائل المعارضة، بداية كانون الثاني المقبل.
ويشدّد القرار على المحافظة على سيادة الجمهورية السورية، ويحذر من أن الوضع الإنساني سيواصل التدهور ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي. كذلك يشدد على ضرورة حماية الأقليات المختلفة التي يتكوّن منها المجتمع السوري. ويرى أن الحل لا بد أن يكون سياسياً سورياً، بناءً على بيان جنيف الأول. وهنا أضيف طلب الروس زيادة مرجعيات فيينا واحد واثنين. ويربط القرار بين وقف النار والعملية السياسية، بناءً على بيان جنيف ٢٠١٢، وعلى ضرورة سير المشروعين بالتوازي.
حكومة خلال
6 أشهر وانتخابات
بعد 18 شهراً
بالتزامن مع وقف إطلاق النار

كذلك يدعو الأمين العام ومبعوثه ستيفان دي ميستورا والدول ذات النفوذ على الأطراف إلى ممارسة الضغوط من أجل تسريع كل الجهود الرامية إلى وقف النار.
ويطلب القرار تشكيل فريق مراقبة وتحقق ووضع آلية رفع تقارير خلال شهر واحد من تبنّي القرار. ويطلب من مجلس الأمن تقديم الدعم من خلال الخبرات والمساهمات العينية من أجل مساندة الآلية.
كذلك يطلب من الدول منع تنقل الإرهابيين من تنظيمات كداعش وجبهة النصرة والأفراد والمجموعات الذين يرتبطون بها، وذلك من أجل إزالة الملاذ الآمن الذي تتمتع به تلك التنظيمات الإرهابية في سوريا.
جاء التصويت بعد اجتماع ممثلي 17 دولة وثلاث منظمات (هي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية) لمناقشة ثلاث قضايا رئيسية في نيويورك تتناول: قائمة وفد المعارضة المفاوض، والتنظيمات التي ينبغي تصنيفها جماعات إرهابية، إضافة إلى البحث في آلية لمراقبة وقف إطلاق النار.
ولم ينتظر أحد أن يصدر بيان عن الاجتماع، ولم تنقل الكلمات الأولى علناً كما درجت العادة. بدأت جلساته متأخرة لمدة ساعة، بسبب مشاورات عقدها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظير الأميركي جون كيري، وأخرى بين كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف. وسارت المباحثات في قاعة الاجتماع ببطء شديد. الخلافات واسعة، لا سيما حيال تمثيل المعارضة السورية، وتصنيف المجموعات بين إرهابية وغير إرهابية، ومستقبل الرئيس السوري بعد المرحلة الانتقالية. رفضت إيران وروسيا قائمة التنظيمات الإرهابية التي قدمها الأردن، لكونها لا تضم «حركة أحرار الشام الاسلامية» التي تعتبرها السعودية معتدلة، ورفضتا البحث في مستقبل الرئيس بشار الأسد كونه مسألة تخصّ الشعب. إيران قالت على لسان وزير خارجيتها إن كل جهة مسلحة تقاتل النظام تعدّ إرهابية.
وفي كلمته بعد التصويت، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن «القرار يثبت دور مجلس الأمن كجهة مشرفة على تنفيذ اتفاقات فيينا بشأن التسوية السورية بمساعدة المجموعة الدولية لدعم سوريا». وشدّد على أنّ قرار مجلس الأمن ينص على أن «الشعب السوري وحده يمكن أن يقرر مستقبله، بما في ذلك مصير الرئيس بشار الأسد، كما أنه أكد حرص المجتمع الدولي على سيادة سوريا وضرورة أن تبقى دولة موحدة علمانية متعددة الأديان والقوميات».
وذكر الوزير الروسي أن «لا مكان للإرهابيين على طاولة المفاوضات، شأنهم شأن أولئك الذين يدعون إلى حل النزاع في سوريا بالقوة العسكرية». كذلك لفت إلى أن من شأن تنفيذ القرار أن يفتح الطريق أمام توحيد جهود الدول في مكافحة الإرهاب، مشدداً على أن مكافحته يجب أن تكون متواصلة وألا تخضع لاعتبارات آنية، وأنه لا يجوز التمييز بين إرهابيين «جيدين» و«سيئين».
بدوره، رحّب وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالقرار، معتبراً أنه يرسل «رسالة واضحة الى كل المعنيين بأنه حان الوقت لوقف القتل في سوريا». وإذ أكد كيري أنه ليست لديه «أية أوهام» بشأن صعوبة تنفيذ هذه الخطة الطموحة، أشاد بهذا «القدر غير المسبوق من الوحدة» بين الدول الكبرى بشأن ضرورة إيجاد حل للأزمة في سوريا.
ولفت إلى أنّه «لا يمكن فرض تسوية على السوريين من الخارج، ونحن لا نسعى لذلك»، مؤكداً أنّه «لا يمكن أن نسمح لداعش بالسيطرة على سوريا».