«جنيف 2» بأجواء «إيجابية»... و«أنصار الله» تعترض على المسوّدة

  • 0
  • ض
  • ض

بعد إذعان السعودية لحتمية الحلّ السياسي إثر هزائمها العسكرية المتكررة في اليمن، لاح أمس أملٌ في وقف العدوان، مع بدء سريان وقف إطلاق النار المؤقت وانطلاق المحادثات في سويسرا، رغم محاولات الرياض إعادة اليمن إلى وصاية «المبادرة الخليجية» عبر مسوّدة المحادثات

انطلقت محادثات «جنيف 2» الخاصة بالأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة في سويسرا، يوم أمس، وسط أجواء إيجابية نسبياً، غير أنها تبقى محفوفة بخطر الفشل، لا سيما بعد الكشف عن مسوّدة المحادثات التي تبيّن أنها تستند إلى القرار الدولي رقم 2216 وإلى المبادرة الخليجية. بعد تسعة أشهر من العدوان السعودي المتواصل على اليمن وشعبه، خضعت السعودية أخيراً لحتمية الحلّ السياسي، خصوصاً بعد الخسائر العسكرية الكبيرة التي منيت بها في الميدان، وبعد عجزها الطويل عن تحقيق مكاسب تذكر. ورغم التفاؤل الحذر بإمكانية التوجه نحو حلٍّ شامل يوقف العدوان ويضع العملية السياسية على السكة، ظهرت عقبة أساسية يوم أمس على طريق المفاوضات، متمثلة في المسودة التي لم تستوعب معظم ملاحظات «أنصار الله» عليها. حركة «أنصار الله» سجلت اعتراضها على المسودة، حيث إنها عدّت الاستناد إلى القرار الدولي، الذي نص على الانسحاب من المدن، والمبادرة الخليجية، عودة إلى المربع الأول، بل ومنح السعودية في المحادثات ما لم تنتزعه في الميدان، وهو إعادة وصايتها على اليمن وشعبه عبر هذه المبادرة التي انتهت صلاحيتها منذ مدة طويلة.

أشار وفد «أنصار الله» إلى واقع سيطرة «القاعدة» و«داعش» في اليمن
وعلمت «الأخبار» أن جدول أعمال المفاوضات الداخلية قد قُسّم الى قسمين. الأول ينصّ على الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة، وهو ما تضمنه القرار الدولي. والثاني تطرق إلى صيغة الحكم التي من الممكن الاتفاق حولها في كيفية تسيير أمور الدولة لمرحلة انتقالية تجري فيها كتابة الدستور وانتخابات برلمانية ورئاسية. وبالنسبة إلى الانسحاب من المدن، فمن المتوقع أن تكون مقاربة هذه النقطة شكلية، لأن الذي يسيطر على المدن هو الجيش اليمني. ويطرح هنا السؤال الآتي: من هي الجهة التي من الممكن أن تتسلم المدن من الجيش، في حين ترزح المدن الرئيسية في الجنوب تحت سيطرة «القاعدة» و«داعش»؟ وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن القوى العسكرية المحسوبة على «الشرعية» كانت قد سلمت أهم مدن الجنوب لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» من دون طلقة رصاص واحدة، سواء في حضرموت أو في الأسبوعين الأخيرين في أبين. في المقابل، إن أقصى ما يمكن أن يقدمه وفد صنعاء هو عودة الجيش إلى ثكناته ومعسكراته على أطراف المدن والمحافظات، وهذا إجراء طبيعي، لأن الجيش في الحالات العادية يكون تموضعه في المعسكرات والثكنات. ويمكن تنفيذ هذا الاجراء بعد زوال التهديدات الداخلية والخارجية، أي إن انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» من المدن بحاجة الى تكريس خطوات بناء الثقة بين الاطراف، قبل أن تحل محله قوى الأمن. أما في ما يتعلق ببند تسلّم السلاح الثقيل، فتقاتل حالياً حركة «أنصار الله» مع الجيش جنباً إلى جنب. ولكن عندما يتوقف العدوان وتنتهي التهديدات، تعود المسؤولية في الدفاع عن الحدود والسيادة إلى مهمات الجيش الذي من حقه تسلّم الأسلحة الثقيلة من جميع الاطراف. وبعد الجلسة الافتتاحية في ماغلينغن، إحدى ضواحي مدينة بيين (بالقرب من العاصمة بيرن)، تبدأ اليوم الجلسات الماراتونية بين طرفي الصراع، وفد «أنصار الله» والمؤتمر الشعبي العام»، ووفد الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، للتوصل إلى حلٍّ سياسي، بالتزامن مع وقف إطلاق النار الهشّ الذي بدأ سريانه ظهر أمس. الجلسة الافتتاحية من المؤتمر شهدت أجواءً إيجابية عبّرت عنها مواقف الأطراف المرحّبة بوقف إطلاق النار، وهي لم تشهد أي صدامات أو احتكاكات سلبية بين الطرفين، بحسب مصدر سياسي مطلع على مجريات المؤتمر. ولكن المصدر أفاد «الأخبار» (علي جاحز) بأن المسودة التي سُلّمت إلى الطرفين في جلسة الافتتاح تضمنت نقاطاً لم تكن محل قبول «أنصار الله»، مثل استناد المشاورات إلى القرار الدولي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر «الحوار الوطني»، موضحاً أن هناك تفسيراً خاصاً لدى «القوى الوطنية» («أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام») لقرار مجلس الأمن سيجري الانطلاق على ضوئه. وترى «القوى الوطنية»، وفقاً للمصدر، أن تجاهل اتفاق «السلم والشراكة» (الذي وقّع بين القوى السياسية اليمنية في أيلول 2014) والتشكيك فيه، يعني القدح في شرعية الحكومة لكونها ولدت من رحم اتفاق «السلم والشراكة»، إضافةً إلى كون إسقاط اتفاق «السلم والشراكة» يعني إسقاط ثلاثة قرارات لمجلس الأمن بينها القرار 2216 الذي يعطف في بنوده على القرارات السابقة، من بينها اتفاق «السلم والشراكة». ويؤكد المصدر أن «القوى الوطنية» (الممثلة في الوفدين في سويسرا)، «تشدد على مراعاة الواقع والموضوعية عند الحديث عن تنفيذ القرار 2216، وهو ما يعني قابلية البنود للتنفيذ على أرض الواقع»، موضحاً أن مراعاة إمكانية التنفيذ لا تعني عدم الالتزام بالقرار الدولي، خصوصاً إذا كان تنفيذ هذا القرار ضرباً من المستحيل. وينصّ القرار الدولي الذي صدر غداة بدء العدوان على اليمن على انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» التابعة لـ«أنصار الله» من المدن اليمنية كافة، في وقتٍ تغيب فيه أي سلطة أخرى فعالة على الارض، في ظلّ انتشار «القاعدة» و«داعش» اليوم في مناطق واسعة من اليمن. وكانت الجلسة الافتتاحية قد تضمنت صباح أمس كلمات للوفدين وللمبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الذي رأى أن وقف إطلاق النار في اليمن يمكن أن يكون «إشارة لنهاية العنف العسكري في اليمن والانتقال إلى تقدم قائم على المفاوضات». وحذر المبعوث الدولي من استمرار «الكارثة» والانعكاسات التي تترتب على ذلك في حال فشل المباحثات، قائلاً إن "رفض أحد الاطراف للحل سيزيد من أزمته وعزلته داخل البلاد». وفيما لم تتخطَّ كلمة وفد هادي، برئاسة وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، الكلام العام عن وقف الحرب ورفع الحصار وإطلاق سراح المعتقلين، تطرّق وفد «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» برئاسة رئيس المكتب السياسي في «أنصار الله»، محمد عبد السلام، إلى سيطرة «القاعدة» و«داعش» على أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية بعد تسعة أشهر من بدء العدوان، مجدداً الدعوة إلى تشكيل لجنة خاصة في المرحلة المقبلة للإشراف على الوضع الميداني في ظل انتشار التنظيمات الارهابية، وهو الامر الذي كانت الرياض قد طالبت باستبعاده في السابق.

  • قسّم جدول أعمال المفاوضات الى قسمين: الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة وصيغة الحكم مستقبلاً

    قسّم جدول أعمال المفاوضات الى قسمين: الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة وصيغة الحكم مستقبلاً (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات