"تراجع لافت"، كلمتان يختصر بهما العاملون في قطاع المأكولات والصناعات الغذائية الواقع الراهن للقطاع. بعدما كانت سوق المأكولات الوحيدة بين سائر القطاعات الإنتاجية والصناعية التي تمكنت من المحافظة ـ ولو نسبياً ـ على نموّ ثابت في خلال السنوات الأخيرة، سواء على صعيد حجم الأعمال أو حجم الصادرات، ها هو قطاع المنتجات الغذائية اليوم يدق ناقوس الخطر، وفق ما أكد عدد من الخبراء والعاملين في المجال.تُجمع غالبية الشركات العاملة في هذا القطاع على تراجع استثماراتها ومبيعاتها بسبب مصاريف الإنتاج المرتفعة والمنافسة الشديدة في الأسواق المحلية والخارجية على السواء والتي انعكست سلباً بنحو كبير على نسب الأرباح التي يحققها القطاع. فالصادرات تراجعت في خلال الفترة الماضية بسبب توقف الشحن البري نهائياً، وخاصة إلى سوقي السعودية والأردن، ما دفع المصدّرين إلى اعتماد الشحن البحري رغم كلفته المرتفعة.
استقبل المعرض 385 شركة محلية واقليمية

هذا الواقع المستجدّ لم يحل عائقاً أمام معرض Horeca الذي بات الحدث السنوي الأكبر في مجال الضيافة والأغذية في لبنان، فافتتحت النسخة 23 منه أبوابها لتستقبل 385 شركة محلية وإقليمية عاملة في القطاع. كذلك شهد المعرض 15 حدثاً مختلفاً في مجال الطهو، إلى جانب 87 مسابقة وورش عمل مباشرة. كذلك تميز المعرض بمشاركة بعض الطهاة المتخصصين المحليين والدوليين والعالميين الأكثر شهرة في فرنسا وإيطاليا وتركيا ومصر.
رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، محمد شقير، "يؤكد أن تنظيم معرض Horeca هذا العام، رغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، دليل على أن القطاع الخاص هو وجه لبنان الإيجابي..."، مضيفاً: "إن العمل جارٍ لكي نوسع أسواق تصدير منتجاتنا. فالصادرات اللبنانية تراجعت بنسبة 18% منذ بضعة أشهر حتى اليوم، وهناك تخوف من ازدياد هذه النسبة بسبب توتر العلاقات بين لبنان ودول الخليج التي تستقبل 70% من مجمل صادراتنا في مجال الصناعات الغذائية و95% على صعيد المنتجات الزراعية".
من جهته يشير نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي، إلى أنه "على الرغم من الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، أُقيم معرض Horeca الذي من المتوقع أن يستقطب أكثر من 15 ألف زائر. من هنا يمكن القول إن وضع قطاع المطاعم في لبنان لا يزال مقبولاً رغم التراجع الذي سجلته النقابة".
ويشرح قائلاً "إن القدرة الشرائية في قطاع المطاعم والفنادق وفي قطاع الصناعات الغذائية باتت محدودة، فما بين عامي 2010 و2015 سجل القطاع تراجعاً يلامس 50%، أي إن مبيعات Horeca التي كانت تصل إلى نحو 10 مليارات دولار في عام 2010، انخفضت إلى 5,5 مليارات دولار في عام 2015، وقد تنخفض أكثر في خلال العام الجاري إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه".
هذا العام، سجل Horeca زيادة لافتة في نسبة المشاركة، حيث ارتفع عدد العارضين من 350 شركة في العام الماضي إلى 385 شركة أسهمت في تكريم ثقافة الطهو والنكهات والخلطات اللبنانية المنتشرة في جميع أنحاء العالم. لكن هل يكون ذلك كافياً لتغيير مصير قطاع الصناعة الغذائية الذي دخل مرحلة ركود محتّم؟