Uber... رفاهية مشوبة بالمخاطر؟

  • 0
  • ض
  • ض

ساهم التطور التكنولوجي الذي طال خدمات النقل، على غرار غالبية القطاعات الاقتصادية والخدماتية، في بروز خدمة الكترونية عصرية، جسّدتها شركة «أوبر العالمية» (Uber) التي تأسست عام 2009، لتحقق حلم المهووسين بوسائل الاتصال الحديثة. إذ أنها تتيح خدمات الـ «تاكسي» عبر الانترنت، وتعطي الراغبين فرصة التحكّم بتنقلاتهم عبر الهاتف، بدءاً من طلب التاكسي إلى التأكد من السائق ونوع السيارة، وانتهاء بتسديد قيمة التوصيلة. لكن، بالنسبة لشركات التاكسي في لبنان وسائقيها، أتت «أوبر» لتعمّق من جراح هذا القطاع الذي يعاني أساساً، في ظل التباس حول «مشروعية» عملها

لاقى هذا التطبيق انتشاراً سريعاً، وباتت الشركة موجودة في حوالى 500 مدينة حول العالم، وهي تحظى بدعم مستثمرين كبار يتقدمهم بنك «غولدمان ساكس» و»غوغل فنتشور»، وقُدِّرت أرباحها بـ 55 مليار دولار أميركي سنوياً.
مكننة المواصلات
في لبنان، استحدث مكتب للشركة العالمية قبل حوالى سنة، لتخرج بذلك وسائل النقل المشترك من الحيّز التقليدي. وتقوم فكرة الشركة على تحميل تطبيق «أوبر» على الهاتف، وإنشاء حساب فيه يتضمن معلومات شخصية عن المستخدم (الاسم، رقم الهاتف، البريد الالكتروني، الصورة، رقم بطاقة الائتمان...). ويمكن المشترك الاتصال بالسيارات المنتسبة الى الشبكة بمجرد كبسة زر على الهاتف النقال وادخال رقم البطاقة الائتمانية للمتصل. عندها تلتقط الإشارة السيارة الأقرب الى موقع الشخص. ويُظهر التطبيق لائحة بالسائقين المتعاملين مع «أوبر»، مع الوقت الذي تحتاجه السيارة للوصول إليه، اضافة الى اسم سائقها، والكلفة التقريبية للرحلة. يختار الراكب السيارة التي يريد الكترونياً، ويمكنه أن يتابع مسارها عبر هاتفه حتى وصولها إليه. أما الدفع فيكون من خلال اقتطاع المبلغ المراد من رصيده المصرفي. لكن، هل «أوبر» شركة تاكسي أم مكتب سمسرة؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية في حال حصول حادث معين: الشركة أم السائق؟
«مشروعية» مشكوك فيها؟

هناك علامات استفهام حول من يتحمل المسؤولية في حال حصول حوادث
يعتبر رئيس نقابة أصحاب شركات ومؤسسات التاكسي في لبنان شارل بو حرب أن «أوبر» عبارة عن «مكتب سمسرة لا شركة تقدم خدمات نقل. وتكمن المشكلة الفعلية في اقتناصها زبائن شركات التاكسي بطريقة غير شرعية». والمشكلة، بالنسبة الى بو حرب، لا تقتصر على شركات التاكسي. فالمستخدمون «في خطر» أيضاً، إذ أنهم «لا يستطيعون مراقبة حجم الاقتطاع المالي من حساباتهم، كما أنهم غير مخولين محاسبة الشركة في حال حدوث خطأ لأنهم لا يملكون أي وسيلة للتواصل معها، سوى البريد الالكتروني». ويوضح أن «أوبر» «لا تستوفي الشروط المطلوبة لمزاولة العمل في لبنان. فأصحابها ليسوا لبنانيين ومنشئها غير لبناني ولا تدفع ضرائب للدولة اللبنانية. علماً أن القانون يلزم كل شركات النقل أن تكون مسجلة وفق الأصول في وزارة الأشغال والنقل، وحائزة رخصة لمزاولة المهنة على الأراضي اللبنانية». ونظراً الى «ما لها من تأثير سلبي على عمل السائقين التقليديين»، تقدمت النقابة بدعوى جزائية ضد «أوبر» لـ «وقف عملها في لبنان في أسرع وقت ممكن». مديرة التسويق في «أوبر بيروت» اليانا ابو ملحم، من جهتها، تؤكّد «أن عمل الشركة شرعي تماماً، وهي تملك رخصة لتقديم خدمات تكنولوجية ورقمية لشركات النقل المرخصة. والى ذلك، يستفيد السائقون من خدمات الشركة ومن تطبيقها الذي يوفر لهم فرص عمل». وتضيف أن «تفاعل الناس وإقبالهم على المشاركة في الخدمة يزداد يوماً بعد آخر، خصوصاً أن الشركة، بدل أن تلجأ إلى شراء آلاف السيارات واللوحات العمومية، تتعامل مع سائقين لبنانيين يملكون سيارات بلوحات ودفاتر سوق عمومية، ما يعود بالمنفعة على السائق اللبناني. وتحصل الشركة على نحو 20% من التعرفة، في حين يحوّل المبلغ المتبقي إلى الحساب المصرفي للسائق. أما بالنسبة الى المستهلك، فإن التعرفة أرخص من سيارة الأجرة عادةً».
الخصوصية والسلامة موضع شك
تعرّف «أوبر» عن نفسها بأنها شركة تقدم «رحلة موثوقة». غير أن كثيرين يرون أن النظام الإلكتروني الذي تستخدمه يسمح لها بالحصول على معلومات كثيرة عن هوية الأشخاص الذين يستخدمونها وخصوصياتهم. كما أن هناك علامات استفهام حول من يتحمل المسؤولية في حال حصول حوادث تمس بسلامة الركاب. فبعد حوادث اغتصاب تعرضت لها فتيات من زبائن الشركة، اعتبرت الأخيرة انها غير مسؤولة عن أي حادث باعتبارها تؤدي دور الوسيط بين السائق والراكب. ودفع ذلك بعض الولايات الأميركية الى ارغام الشركة على تزويدها بقاعدة معلوماتية كاملة بأسماء الركاب ونقطة انطلاق ونقطة وصول كل منهم شرطاً للسماح لها بالعمل على أراضيها، فيما منعت دول أخرى الشبكة الإلكترونية لسيارات النقل من العمل على أراضيها، كفرنسا والهند وهولندا وولايات أميركية عدة. جمعيات السائقين في ولاية بنسلفانيا الأميركية شبّهت «أوبر» بمافيا تهريب الكحول في ثلاثينيات القرن الماضي، وتقدمت بدعوى أمام المحكمة الاتحادية لإصدار حكم قضائي ضد الشركة باعتبارها تزاول نقل الركاب عبر الشبكة الإلكترونية من دون ان يكون لديها ترخيص بالعمل في مجال النقل على الأراضي الأميركية. وفي البرازيل، أحالت وزارة النقل شركة «اوبر» على القضاء لمزاولتها نقل الركاب من دون ترخيص وبطريقة غير شرعية. كذلك أحالت سلطات بورتلاند في ولاية اوريغون الأميركية الشركة على القضاء بالتهمة عينها وطلبت وقفها عن العمل في المدينة. مكننة المواصلات وتسهيل حياة المستخدمين من ضروريات عالم اليوم الذي يتجه نحو المزيد من تبسيط الخدمات في كل القطاعات. لكن الرفاهية والحداثة يجب أن تتكاملا مع الخصوصية والسلامة والأمان. فهل يبت القضاء اللبناني في مشروعية عمل «أوبر» على الاراضي اللبنانية؟ الكرة في ملعب القضاء الآن...

  • لاقى تطبيق UBER انتشاراً سريعاً، وباتت الشركة موجودة في حوالى 500 مدينة حول العالم

    لاقى تطبيق UBER انتشاراً سريعاً، وباتت الشركة موجودة في حوالى 500 مدينة حول العالم

0 تعليق

التعليقات