شهدت حركة الاسواق اللبنانية خلال معظم أشهر عام 2014 تراجعاً ملحوظاً جراء الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني على كافة الصعد، بدءاً من الظروف الامنية والسياسية الهشة ووصولا الى الازمات الاجتماعية التي يعاني منها البلد. ولكن مع اقتراب موسم عيدي الميلاد ورأس السنة، برزت حركة تجارية وسياحية لافتة تمثلت بقدوم عدد من المغتربين اللبنانيين الى بلدهم الام لقضاء عطلة الاعياد مع ذويهم. وقد ادى هذا التطور الى انتعاش في حركة السوق الراكدة اصلاً.
واستطاع المغتربون اضفاء شيء من الحياة على هذا القطاع على الرغم من غياب السواح العرب والاجانب في مثل هكذا مناسبات. والى ذلك، شكّل وجود اللاجئين السوريين بأعداد ضخمة في لبنان عاملاً مؤثراً على الاقتصاد اللبناني، سلبياً في اكثر من مكان، وايجابياً في اماكن اخرى من حيث ارتفاع نسبة الاستهلاك محليا.
انتعاش نسبي
ورغم الانتعاش النسبي للاسواق، لم تكن النتائج على قدر الآمال المرجوة. فبقيت الحركة العامة خجولة، وفي الوقت الذي نشط قطاع المواد الغذائية الى حد ما، تراجعت حركة المؤسسات التجارية الاخرى وشهدت الاسواق الكبرى في بيروت والمناطق اقبالا وصف بالخجول جداً على شراء الثياب والمنتجات الاخرى.
في هذا الاطار، يشير رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الى ان قطاعات المأكولات والهدايا والالعاب والالكترونيات الترفيهية شهدت تحركا واسعا خلال هذه الفترة، فيما اجمع اصحاب المصالح والمؤسسات على ان القطاع التجاري يتجه من سيئ الى اسوأ.

التجار

وبالمقارنة مع السنة الماضية، شهدت القطاعات الاقتصادية كافة تراجعاً ملحوظاً على صعيد الاعمال. ويقول شماس ان نسبة التراجع كمجموع عام وصلت الى ما بين 8 و9%، مشيراً الى ان اول 20 يوماً من الشهر الجاري شهدت تباطؤا ملحوظاً، وكانت أقل من سنة 2013.
شهدت المراكز التجارية الكبرى
في بيروت والمناطق تراجعاً نسبياً في الحركة منذ بداية الشهر

الا ان حركة الأسبوع الأخير من العام كانت جيدة، إذ افادت تقارير عن حركة مختلف القطاعات ان الاسواق تحركت قبل الاعياد بفترة وجيزة. وفي هذا المجال، يؤكد شماس ان هذا النشاط غير كافٍ للتعويض عن خسائر الاشهر السابقة.
وفي نسبة تقديرية اولية، رأى شمّاس انه في النصف الأول من كانون الأول كانت الحركة بنسبة -10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفي اخر اسبوع وصلت الى ما بين 0 و5%.
وقال كل من رئيس جمعية تجار الحمرا زهير عيتاني ورئيس جمعية تجار الزلقا – عمارة شلهوب فيليب السمراني ان الحركة التجارية في الاسواق تراجعت خلال هذه السنة ووصفاها بالخجولة رغم انها نشطت خلال يومين او ثلاثة، لكنها لم تكن على قدر الامال.

المراكز التجارية

وشهدت المراكز التجارية الكبرى في بيروت والمناطق تراجعاً نسبياً في الحركة منذ بداية الشهر بسبب عوامل عدة ابرزها غياب السياح الاجانب.
وفي هذا الاطار يقول مدير العمليات في مجمع "سيتي مول" سيمون خوري ان هناك استقراراً بالمقارنة مع السنة الماضية، مشددا ان المول لم يشهد اي حركة جديدة بسبب غياب السياح العرب او الاجانب. واضاف "سمعنا ان الطائرات القادمة الى لبنان مليئة بالمغتربين ولكن لم يظهر على الارض اي شيء من ذلك".
اما قطاع المأكولات فشهد استقراراُ بالنسبة للسنة الماضية، وهو القطاع الذي يعتبر من أنشط القطاعات الحيوية خلال هذه الفترة من العام، "حيث انه وفي ظل الغلاء الذي يشهده قطاع المطاعم وفي ظل عدم قدرة اللبناني على دفع الفواتير الباهظة، يلجأ الى قطاع المأكولات ويشتري الشاركوتري والمأكولات على انواعها ليحضرها في منزله" كما قال مدير التسويق في "لوشاركوتييه" رياض خير الله.
وفيما أشار الى أنه لا نسب رسمية صادرة بعد حول حركة السوق بعد، أكد ان الحركة في السوبرماركت خلال هذا الشهر افضل بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
ومن ناحية اخرى، قال صاحب "سوبرماركت فهد" فرن الشباك الدكتور وسام فهد ان هناك جمودا كبيرا وركودا اقتصاديا، وان المردود على الاستثمار منخفض، معتبراً ان سنة 2013 كانت افضل من السنة الحالية في فترة الاعياد اذ ان هناك تراجعا في حجم سلّة المشتريات بالرغم من انه لا يوجد تراجع في كمية الزبائن التي تدخل يوميا الى السوبرماركت.
وحاولت "الاخبار" الاتصال بعدد من المسؤولين في بعض المولات مثل “ABC” و"لو مول" وببعض السوبرماركت مثل "سبينيس" و"TSC" لاستبيان حقيقة حركة الاسواق فيها الا انها لم تلق جواباً من تلك المؤسسات.
أما قطاع المطاعم، فيشير نقيبه طوني الرامي إلى ان نسبة التراجع في الحركة وصلت الى 25% مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، لافتا الى عاملين اساسيين اثرا في اضعاف بداية هذا الشهر هما القدرة الشرائية الضعيفة للمواطنين والمزاج المفقود لديهم للذهاب الى المطاعم في هذه الفترة. واضاف انه اعتباراً من 20 كانون الاول، بدأت الحركة تتفاعل على صعيد السياحة الداخلية حيث ان اللبناني بدأ يخرج ويدفع، ولكن بقدرة شرائية محدودة. واشار الى ان المطاعم والملاهي الليلية حضرت برامج خاصة بليلة رأس السنة آملا ان تكون الحركة خلالها جيدة.