لا ذكر للبنان في ترتيب الدول الأكثر سعادة في العالم. الأمر طبيعي حكما. من أصل 151 دولة شملها الاستطلاع الذي يجريه مؤشر Happy Planet Index (HPI) للرفاهية المستدامة، والذي صدر منذ أيام، حلّت كوستاريكا في المرتبة الأولى، تلتها فيتنام، فكولومبيا، ثم بيليز، فالسلفادور، فجامايكا، ثم باناما، فنيكاراغوا، فنزويلا وغواتيمالا (في المراتب العشر الأول).

تفوقت دول لم يسمع كثيرون حتى بأسمائها على دول العالم الصناعي المتقدم. كيف ذلك؟

■ ■ ■


ليس المال مؤشرا على سعادة البشر. ليس التقدم الصناعي دليلا على وجود الفرح. ليس الرخاء أساسا للابتسام. وليست التكنولوجيا سببا للعافية أو الراحة، ليست الموارد الطبيعية مقدمة للرفاه الإنساني....
هذا ما بينته دراسات واستطلاعات رأي أجرتها كبريات المؤسسات والجهات المعنية حول العالم.
لا يبدو أن هناك فارقا كبيرا بين كوستاريكا ولبنان من حيث المقّدرات الاقتصادية في كلا البلدين. قد يتفوق لبنان في نواح عدة.
فلماذا تحتل كوستاريكا رأس التصنيف ويغيب لبنان حتى عن آخره؟
ليست القضية الأمن والأمان كما قد يظن البعض، وإلا لما كانت كولومبيا قد ضمن صف الأوائل.
إنه الرضى بما سيكون حتى لو لم يكن قد كان بعد. إنه الأمل، أساس العملية المبدئية لأي تفاعل اقتصادي في المجتمعات البشرية.
الأمل الذي يبدو غائبا عن منطقتنا العربية برمتها، فحتى الإمارات العربية المتحدة بأطول مبنى وأغلى فندق وأضخم مول...لم تحتل إلا المرتبة الـ130 من أصل 151 بلدا.

■ ■ ■


"فخ منطقة الراحة" هو إحدى التسميات التي أطلقها أحد الباحثين الاقتصاديين حين ُيرضى عدد من الأشخاص عن مواقفهم لفترات طويلة، ويشعرون بارتياح كبير في مواقعهم التي يحتلونها، ويصبحون بالتالي يعارضون القيام بأي تغيير، حتى لو كان للأفضل.
أنها "إحدى العقبات الذهنية" التي لا بد من التغلب عليها لتحقيق أي هدف أو طموح أو إنجاز أي عمل. فالأشخاصُ الذين يَعْلَقون في هذه المنطقة، وخاصة إذا كانت متحدة مع العجز المكتسب بالتعلم، يجدون المُضِي قُدُمًا في غاية الصعوبة.
لا يشكو القطاع الخاص اللبناني من اختلاف الأهداف مع الدولة فحسب، بل تتزايد شكواه اليوم مع ما بقي من شكل دولة من عدم وجود أهداف وراء أي عمل تقوم به هذه "البقية".
إنه التوتر السياسي والأمني الذي أفرز "فخ منطقة راحة اقتصادية" لا يبدو ان البلد قادر على تخطيها بالموجود، فاقتضى التغيير.