إذا كان أكثر من 004 مليون هندي يعيشون في الهند بأقل من ثلاثة دولارات في اليوم، أليس من المشروع التساؤل، لماذا يبلغ سعر كيلو لحم البقر في تلك البلاد 8 دولارات أميركية، فيما يبلغ سعره في لبنان أقل من 4 دولارات؟فلا تبتسم وأنت تشتري كيلو اللحم الهندي المثلج من أحد محال السوبرماركت المعروفة بخمسة دولارات، ظناً منك أنك حققت إنجازاً، لأن الأمر غير منطقي.
ألا يحق لك أيها المستهلك اللبناني أن تتساءل: لماذا لا توجد جبنة "بيكون" في فرنسا؟

ألا يثير فضولك لكي تستخدم بعضاً من خلايا دماغك، حين تعلم أن أحداً في هولندا لم يسمع بماركة "زوان" الشهيرة على سفرتك؟!
ألا تتساءل عن تلك الرائحة الكريهة، وأنت تقف أمام براد الأسماك المثلجة، خصوصاً بعد أن تعلم أن كيلو "اللقّز" في تركيا يزيد سعره عن 18 دولاراً، بينما يصل إليك بـ12 ألف ليرة؟
ألا تدفعك كل هذه الحقائق إلى التساؤل... أم لا بد أن تنتظر وائل أبو فاعور كي تتفاجأ؟


■ ■ ■


منذ مدة نشرت إحدى شركات المبيدات الألمانية الشهيرة تقريراً شيقاً عن تطور عمل الشركة خلال السنوات الخمسين الأخيرة.
تضمن التقرير شرحاً مفصلاً عن قسم الأبحاث العلمية في الشركة، ويكشف في إحدى فقراته أن بعض الحشرات (تحديداً الصراصير) استطاعت خلال سنوات قليلة نوعاً ما، أن تطوّر مناعة تجاه السموم الكيماوية التي تحتويها المبيدات، فلم تعد تلك الأسلحة الفتاكة تؤثر فيها أو تؤدي إلى موتها.
دفع هذا الأمر القسم العلمي إلى تطوير أنواع جديدة من السموم. وبالفعل أدت النوعيات الجديدة غايتها، وأبيدت الحشرات مجدداً.
الخلاصة التي يخرج بها التقرير أن "الطبيعة" قادرة على التأقلم مع المتغيرات في محيطها بما يتوافق مع سعيها لتحقيق "استمرارية البقاء"، حتى عند "الأصناف الدونية" كالحشرات.


■ ■ ■


في لبنان، يبدو الوضع مشابهاً لما جرى في ألمانيا.
مع كل هذه الضجة التي أثريت حول موضوع الأمن الغذائي (وكأنه أمر يكتشف للمرة الأولى) لا بد من وقفة إجلال أمام حقيقة أنه على الرغم من كل تلك الفظائع الغذائية في حياة اللبناني، لا تزال نسب التسمم الغذائي في البلد أقل من تلك المسجلة في أميركا نفسها.
فعلاً قدرة رهيبة للبناني على تطوير التأقلم مع متغيرات المحيط، بما يضمن استمرارية البقاء.
فلا داعي لكل تلك التخوفات. لم تعد مبررة... استريحوا واستأنفوا حياتكم الطبيعية.