من المفارقات في لبنان، أن الارتفاع في أسعار النفط قد تكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على اقتصادنا الوطني، قد تفوق السلبيات فيما لو تضافرت العوامل السياسية المؤاتية. إلا أن المسألة دقيقة، إذ أن ليس كل ارتفاع في سعر البرميل قد يكون مفيداً بالضرورة. يعد المعدّل الوسطي لسعر خام برنت خلال العام الجاري (64 دولاراً للبرميل) الأسوأ من حيث انعكاساته على الاقتصاد اللبناني، وآثاره السلبيّة ستستمر فيما لو واصل ارتفاعه إلى حدود 75 دولاراً، على ما يقول الخبير الاقتصادي والاستراتيجي في شؤون الاستثمار جهاد الحكيّم. المشكلة الفعليّة تكمن في أن هذا السعر ليس مرتفعاً بما فيه الكفاية ليستفيد منه لبنان.
أنقر على الإنفوغرافيك لتكبيره

يرى الحكيّم أن «سعر البرميل وصل عام 2008 إلى 147 دولاراً، وبقي فوق الـ 100 دولار حتى عام 2011، إلا أن قيمة التدفقات الماليّة التي دخلت لبنان طوال هذه المدة فاقت تكاليف الفاتورة النفطية. بالتالي فإن مساوئ المعدّل الوسطي لسعر البرميل في الوقت الراهن (وحتى 75 دولاراً)، تكمن في أنه غير مرتفع بشكل كافٍ للمساهمة في زيادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة وخاصة من قبل الدول النفطيّة، كما أنه غير مشجع على خلق فرص عمل إضافية في هذه الدول يمكن للبنانيين الاستفادة منها وهو ما ينعكس حكماً على حجم تحويلات المغتربين». وبحسب الحكيّم فإن «الانعكاسات الإيجابية تظهر في حال تخطى معدل سعر البرميل السنوي عتبة الـ 80 دولاراً».
فاقت التدفقات الماليّة التي دخلت لبنان بين عامي 2008 و2011 تكاليف الفاتورة النفطية


بالتالي فإن سعر البرميل الحالي لن يؤدي فقط إلى ارتفاع كلفة الفاتورة النفطية، لكنه سينعكس سلباً على ميزان المدفوعات ويؤدي إلى خروج دولارات إضافية من البلد، ما قد يزيد من الضغط على الليرة. طبعاً لا نفترض أن تخطي متوسط سعر البرميل السنوي حاجز الـ 80 دولاراً سيعني تلقائياً تدفقاً للدولارات إلى لبنان كما حصل في الأعوام الماضية وتحديداً قبل 2011، خصوصاً أن أثر الأسعار يتطلب في الإجمال 20 شهراً ليبدأ بالظهور، تضاف إليه العوامل السياسية التي تلعب دورها في هذا الإطار، وكذلك سيف العقوبات الأميركية المصلت فوق لبنان.