عمل إيلي حنوش وفق هذه المعادلة، وأدرك أن تحقيق مشروعه يتوقف على المكان الذي سيختار إطلاقه فيه. عشرات الكيلومترات فقط الفاصلة ما بين بيروت والبقاع كانت كفيلة بتغيير واقعه والسماح له بتأسيس مصنع للحلويات والطحينة. يسكن الرجل في العاصمة، إلا أن ظروفه المادية المحدودة ما كانت لتسمح له بأن يطلق مصنعه بالقرب من مكان إقامته، حيث وفي أحسن الأحوال، وحتى لو خاطر، فإن الأرباح التي قد يجنيها لن تتناسب والنفقات التي سيتكبدها.
بناءً عليه وجد إيلي في منطقة البقاع ضالته، حيث الظروف أنسب للعمل وبما يتواءم وإمكانياته.


بدأ بإمكانيات بسيطة للغاية، متكلاً على نفسه وقدراته الفرديّة، فأسّس مصنعه وكان يتولى شخصياً قيادة سيارته لشراء البضاعة التي يحتاج إليها، ومن ثم توزيع حلوياته على التجار. طبيعة العمل فرضت عليه الاستعانة بعمال، إلا أنه تصرف وفق المثل القائل «على قد بساطك مد إجريك»، ولم يحاول أن يعمل بأكثر من طاقته وقدراته، فاكتفى بعدد بسيط من الموظفين، وهو ما خفف من مصاريفه التشغيلية.
اعتمد إيلي استراتيجية تقوم على الربح القليل والبيع بكثرة، حتى يفرض نفسه في السوق ويكتسب قاعدة وفيّة من الزبائن. فثقة الناس تصعب استعادتها متى فقدت، أما الربح فبالإمكان أن يزيد مع الوقت إذا ما كان الشغل مداراً بشكل سليم، والمنتجات المقدمة عالية الجودة. وفي هذا الإطار قرر أن يميّز منتجاته من خلال اختيار مكونات طبيعية في تصنيعها وتجنب المواد الاصطناعيّة.
عشرات الكيلومترات فقط الفاصلة ما بين بيروت والبقاع كانت كفيلة بتغيير واقعه


وعلى الرغم من الصعاب والمشقة إلا أن جهود إيلي أثمرت، وتطور عمله مع الوقت وتوسعت قاعدة زبائنه ونما الإقبال على منتجاته، فتوسع المصنع وزاد عدد الموظفين وبات يملك شبكة من الوكلاء تمتد على الخريطة اللبنانية كافة. وحالياً فإن طموحه يكمن في تكبير المصنع أكثر حتى يصبح قادراً على الإنتاج بشكل أكبر للتصدير إلى خارج لبنان.
العبرة من قصة إيلي أن الحلم يمكن أن يتحقق بالتدرج، ولا حاجة للأرباح أن تكون كبيرة في البداية، فالمهم الانطلاقة وتثبيت الركائز، إضافة إلى أنه ليس من الضروري أن يكون مكان العمل قريباً من مكان الإقامة، ففي النهاية لبنان بأكمله عبارة عن بيت صغير، ويكفي أن تجيد اختيار المكان الأنسب لك فيه!