يعد الذكاء الاصطناعي أحد أكثر التقنيات التي ستخلق ثورة في القطاع المصرفي وتعيد تشكيله بشكل جذري. وعلى الرغم من أن المصارف من حول العالم بدأت باعتماد هذه القنيات في بعض المجالات وأبرزها الروبوتات، إلا أن ما أنجز حتى الآن لا يزال يعتبر جزءاً يسيراً جداً من الإمكانيات الهائلة التي باستطاعة الذكاء الاصطناعي توفيرها.

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على استخدام بعض التقنيات وتوظيف عدد من الروبوتات في الفروع لخدمة العملاء، فهذه الإجراءات ليست هدفاً بحد ذاتها بقدر ما هي جزء من استراتيجية شاملة يفترض على أي مصرف رسمها واتباعها وتتضمن نظرة المصرف إلى مستقبل بيئة العمل والتحديد الدقيق لمهام الموظفين المستقبلية ومساحة التعاون بينهم وبين الآلة.
تتناول العديد من الدراسات والأبحاث قضية الذكاء الاصطناعي لناحية تأثيرها على اليد العاملة البشرية، والوظائف التي من المحتمل أن تفقد في الأعوام المقبلة بحكم الاتكال المتزايد على الآلة، إلا أن نظرة دقيقة إلى الموضوع تبيّن أن الفائدة الأكبر ستنتج عن التعاون والتكامل بين الطرفين وليس من خلال إلغاء أحدهما للآخر وأيهما أكثر منفعة وفائدة.

أسئلة جوهرية
ابتكر الأطباء تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي تسمح بتحديد خلايا سرطان الثدي، وقد حققت التقنية نتائج باهرة إذ بلغت نسبة دقتها 92%، لكنها بقيت أدنى من نسبة الدقة الناتجة عن الفحوصات التي يجريها الأطباء بشكل حسي ومباشر والتي بلغت معدلاتها 96%. أما المفاجأة الكبرى فكانت حين تم التعاون والدمج بين الطاقة البشرية والذكاء الاصطناعي حيث بلغت معدلات الدقة 99.5%. وكما في المجال الطبي كذلك في القطاع المصرفي حيث سيسمح الدمج بين الطاقتين في مساعدة المصارف على كسب الكثير من الوقت، وتوفير المال وحل العديد من العقد وتطوير منتجات جديدة...
استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي قد يؤدي إلى طلب إضافي على التوظيف


لكن وقبل البحث في النتائج الممكن تحقيقها من المفترض على المصارف أن تطرح على نفسها بعض الأسئلة المحورية حول نظرتها إلى الذكاء الاصطناعي ومدى جاهزيتها لدمج هذه التقنية في هيكليتها الوظيفية والمجالات التي يجب أن تناط بها. ومن هذه الأسئلة:
هل لدى المصرف تصور واضح وشامل لكيفية تنظيم العمل فيه بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ وأي من الأنشطة المصرفية سيكون آلياً بالمطلق وأيها سيشتمل على تعاون وتكامل بين الآلي والبشري؟
هل لدى المصرف فكرة عن المؤهلات العلميّة والفكرية المفترض توافرها في الموظفين مستقبلاً للتعامل مع هذه التقنيات وهل يتم تدريب الموظفين وتحضيرهم لمثل نقلة كهذه؟
هل المصرف مدرك للمخاطر التي قد تنتج عن الذكاء الاصطناعي أو أن التركيز ينصب فقط على الفوائد والإيجابيات؟

بيئة عمل جديدة
على عكس ما يشاع فإن الاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي لن ينتج عنه بالضرورة انخفاض في أعداد الموظفين، لا بل قد يؤدي إلى طلب إضافي على التوظيف، حيث أن هذه التقنيات ستفرض إعادة تصور لبيئة العمل والبحث عن اختصاصيين في هذا المجال. فبعض الوظائف لن تختفي بالضرورة لكنها ستشهد إعادة هيكلة من جديد.
وفي هذا السياق، تبيّن دراسة حديثة صادرة عن شركة Accenture بعنوان «إدراك القيمة الكاملة للذكاء الاصطناعي» تضمنت استبياناً شمل 100 رئيس تنفيذي لكبار المصارف من حول العالم إضافة إلى 1300 موظف في القطاع المصرفي، أن 62% من كبار المدراء المصرفيين أشاروا إلى أن نسبة الوظائف والمهام التي ستتطلب تعاوناً بين الموظفين والذكاء الاصطناعي سترتفع خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ووفقاً للدراسة فإن أبرز المهام والوظائف التي من المحتمل أن تصبح مؤتمتة في القطاع المصرفي، أمين الصندوق (97%)، مسؤول القروض (98%). أما الوظائف الجديدة التي سيكون هنالك حاجة لها في المستقبل فمنها: مهندسو آلات الذكاء الاصطناعي، خبراء متخصصون في دراسة الخوارزميات والداتا، مراقبو الغش والاحتيال.



بين عامي 2018 و 2022 إن البنوك التي ستستثمر في الذكاء الاصطناعي وفي التعاون بين البشر والآلات بإمكانها تعزيز إيراداتها بنسبة 34%
77% من المصارف حول العالم تخطط لاستخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة الكثير من المهام خلال السنوات الخمس القادمة
إنفاق المصارف على الذكاء الاصطناعي ارتفع بنسبة 59% بين عامي 2016 و2017 ووصل إلى 12 مليار دولار، مع توقعات أن يصل إلى حوالى 58 مليار دولار عام 2021
37% من موظفي المصارف حول العالم يشعرون بأن الذكاء الاصطناعي سيهدد وظائفهم في المستقبل
1 من 4 موظفين في القطاع المصرفي على استعداد للعمل مع التكنولوجيا الذكية
62% من مدراء المصارف حول العالم اعتبروا أن المهام التي تتطلب موظفين قادرين على التعامل مع الذكاء الاصطناعي في المستقبل ستشهد ارتفاعاً خلال السنوات الثلاث المقبلة