على الرغم من اشتراط الدولة اللبنانية على الشركات التي ستنقب عن النفط أن تكون 80% من العمالة التي ستستخدمها من اللبنانيين، إلا أن إسهامها في هذا المجال يقتصر حتى الآن على التمني، دون أي خطط ملموسة أو عمليّة.في هذا السياق، يشير الرئيس التنفيذي لشركة «يوروتك» فادي جواد، المتخصصة بمجال التدريب والمعتمدة من قبل عدد من كبريات شركات النفط العالمية، إلى أن «لبنان يفتقر إلى الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة القادرة على الانخراط الفوري في سوق العمل النفطي بحكم عدم وجود صناعة نفطية تاريخياً فيه، حتى إن العاملين في مصفاتي طرابلس والزهراني يُعَدّون غير مؤهلين بسبب التقدم التكنولوجي الهائل الذي عرفه القطاع منذ توقف المصفاتين عن العمل منذ فترة طويلة».

الدولة مقصّرة
بحسب جواد، إن «المعنيين، سواء في القطاع العام أو الخاص، يركزون على مجالات أخرى غير الموارد البشرية في قطاع النفط والغاز التي قد يعتقدون أنها أهمّ أو تدرّ أرباحاً أكبر»، لافتاً إلى عامل سلبي يكمن في «عدم لحظ الحكومة في ميزانية عام 2018 التي أقرت أي مبلغ لتأهيل الكادر البشري اللبناني وتدريبه، ليكون جاهزاً لدخول القطاع فور انطلاق العمل». وفي ما يتعلق بإسهام الشركات الثلاث التي تأهلت، توتال وايني ونوفاتيك في تدريب الكادر البشري، يوضح أن «المبلغ المرصود المتفق عليه في التعاقد لا يتجاوز المليون دولار، وهو غير كافٍ، وبالتالي يجب إعادة النظر فيه».
لم تلحظ موازنة 2018 أية مبالغ لتدريب وتأهيل كادر بشري لبناني في قطاع النفط والغاز


في ظل هذا الواقع أعلن جواد إطلاقه مبادرة «لبننة قطاع النفط والغاز بناءً على تجارب الدول الخليجية في "السعودة" و"التكويت"، حيث أسهمنا في خطط وطنية مختلفة لإحلال وتوطين الوظائف في القطاع النفطي»، كاشفاً عن «سعي الشركة إلى توسيع نشاطاتها في لبنان من خلال إنشاء معهد تدريب بترولي يعنى بتدريب وتأمين الخبرات اللازمة للشباب في لبنان ولجميع الراغبين في العمل في قطاع النفط والغاز، وهي لذلك تقدمت بطلب ترخيص من وزارة التربية اللبنانية في شهر شباط الماضي، ولا تزال تنتظر الموافقة».
وعن الإضافة التي يمكن شركة «يوروتك» أن تقدمها لقطاع النفط والغاز في لبنان، يبيّن جواد أن للشركة تاريخاً طويلاً في تأهيل وتدريب العاملين في مجال النفط والغاز في العالم العربي، حيث «دربت خلال 20 سنة ما يزيد على 70 ألف موظف بترولي في الكويت والسعودية وقطر والسودان وعمان والبحرين، وذلك عبر ورش عمل ودورات تدريبية داخل مراكز الشركات أو عبر إلحاقهم بدورات خارجية للاطلاع على الخبرات العالمية كل في مجاله».

الأولوية للوظائف الفنيّة
يرى جواد أن قطاع النفط والغاز في لبنان «قادر على توليد 25 ألف فرصة عمل مباشرة في الفترة الأولى، وهو رقم قابل للارتفاع بناءً على حجم الاكتشافات، هذا إذا استثنينا فرص العمل التي يمكن أن تنشأ في حال تطوير صناعات بتروكيماوية لاحقاً، التي يمكنها أيضاً أن تخلق آلاف الوظائف».
وفي ما يختص بالمؤهلات العلميّة المطلوبة، يشدد جواد على ضرورة إيلاء التعليم المهني الأهمية اللازمة وعدم الاستخفاف به والنظر إليه نظرة دونية، وذلك لأن «العدد الضخم من موظفي القطاع سيكونون من الفنيين، لذا من الواجب على اللبنانيين التوجه من الآن إلى الاختصاصات الفنية المرتبطة بهذه الصناعة التي تؤمن رواتب عالية جداً تفوق حتى الرواتب التي قد يتقاضاها المهندسون البتروليون، إذ إن راتب المشغّل على سبيل المثال يصل إلى 450 دولاراً في الساعة».



أبرز الوظائف والصناعات المرافقة
تختلف المدة الزمنية اللازمة لإعداد كوادر وطنية قادرة على الانخراط في سوق العمل النفطي، لكنها بالإجمال تمتد من 3 أشهر حتى 3 سنوات، وذلك تبعاً لنوع الاختصاصات والوظائف المطلوبة. بعض الوظائف لا تحتاج إلى خبرات علميّة، وهي في الأساس متوافرة في السوق اللبنانية، ولكنها تحتاج إلى تأهيل بسيط لكي تصبح جاهزة للتعامل مع متطلبات القطاع الجديد. أما البعض الآخر، فيحتاج إلى فترات أطول من التدريب والتجهيز بحكم افتقار لبنان إلى خبراء متخصصين في بعض المجالات، نظراً لعدم وجود صناعة نفطية فيه.
من الوظائف التي سيخلقها وينمّيها قطاع النفط والغاز والتي سيكون الإقبال عليها كبيراً من قبل الشركات: المشغلين، الحفارين، اختصاصي التلحيم، الجيولوجيين، عمال الصيانة، العاملين في مجالي الصحة والسلامة، مراقبي العمليات، تقنيي خزانات، بالإضافة إلى وظائف في مجالات الاكتشاف والإنتاج، التخزين والتوزيع، وحماية المنشآت البترولية.
من جهة أخرى، وفي حال تطوير صناعات بتروكيماوية في فترة لاحقة في لبنان، من المفترض أن تؤمن هذه الصناعات الآلاف من الوظائف، وتُسهم في تنشيط قطاعات إنتاجية عدة وازدهارها ونموها، من أبرزها قطاعات العطورات والأصباغ والمواد البلاستيكية والمنظفات وغيرها...

* [email protected]