تختلف طرق معالجة الازمات المترتبة جراء الاحداث الطبيعية باختلاف الامكانيات المتاحة والمتوفرة في كل دولة. فالدول المتحضرة، مثل الولايات المتحدة الأميركية، تملك ما يمكنها من التعويض على المواطنين من خلال الهيئات الحكومية الخاصة بالكوارث الطبيعية، اضافة الى المخصصات التي يقررها رئيس البلاد والسلطات المعنية.
اما الدول الاوروبية، فالى جانب التدابير والمخصصات التي تصرفها لمساعدة المواطنين الذين اضرت بهم الحوادث الطبيعية، وبعد ان ايقنت ان الاضرار التي تسببها العواصف والاعاصير وما يرافقها من رياح وامطار غزيرة... تضر بالمزروعات، وقد تتلفها، الى جانب الحوادث الطبيعية الاخرى والمتعددة، اوجدت تأميناً خاصاً على المزروعات ضد كل انواع المخاطر الطبيعية التي من الممكن ان تهددها.
اضافة الى عقود تأمين تشمل المنازل والسيارات وكل ما يمكن ان تدمره العواصف والاعاصير. هدف هذه العقود الحد من خسائر المواطنين بسبب ما قد تسببه الطبيعة.
ولا بد من اتخاذ بعض تدابير الحيطة قبيل العاصفة او الاعصار الذي اصبح من السهل المعرفة بوصوله قبل ايام بفضل الانذار المبكر، والذي يعتبر عنصرا رئيسا للحد من سلبيات الكوارث، فيمنع وقوع الخسائر البشرية كما يقلل من الخسائر المادية. عندما تُرصد عاصفة قبل ايام، يتم تحذير المواطنين عبر وسائل الاعلام كما توضع التدابير الوقائية التي من الواجب اتباعها والقواعد التي تشمل التحضير للحدث الطبيعي قبل وقوعه. ولعل ابرز التدابير هي:
• تأهب الآليات (خاصة الآليات المستخدمة في عمليات الانقاذ).
• تحضير الملاجئ.
• الاخلاء قبل ايام اذا كانت العاصفة قوية.
• وضع رقم للطوارئ وتعميمه.
والى جانب هذه التدابير، يجب على المواطنين تأمين مؤن تكفيهم طوال فترة العاصفة اضافة الى وسائل التدفئة.

أميركا

ابرز الاعاصير التي ضربت الولايات المتحدة وكيف تم التعامل مع هذه الكوارث:
في العام 2003، ضرب اعصار "ايزابيل" ولاية كارولاينا الشمالية وخلف اضرارا جسيمة وخسائر فادحة، الامر الذي دفع بالحكومة الى تخصيص مبالغ من الميزانية الفيديرالية لازالة آثار الاعصار.
وفي عام 2004، ضرب اعصار "ايفان" المكسيك وولايات شرق الولايات المتحدة الاميركية. وتسبب بخسائر قدرت بـ 18 مليار دولار، هو بذلك احتل الترتيب السادس بين أكثر الأعاصير إحداثاً للخسائر المادية في الولايات المتحدة. ودفع بالسلطات اعلان حالة الطوارئ، كما الى تشكيل لجنة خاصة لاحصاء الخسائر التي تسبب بها لكي تعوّض على المواطنين.
الانذار المبكر أصبح يعتبر
عنصرا رئيسا للحد من سلبيات الكوارث فيمنع وقوع الخسائر البشرية

وفي عام 2005، توفي حوالي 1830 شخصاً جراء اعصار "كاترينا" في ولاية فلوريدا والذي وصف بأنه واحد من اعنف الاعاصير التي شهدتها الولايات المتحدة، فأعلن الرئيس الاميركي حالة الطوارئ كما واعتبر الولاية منكوبة. وخلّف الاعصار خسائر تتخطى 108 مليارات دولار ودماراً شبه شامل، اضافة الى اجلاء حوالي مليون شخص من منازلهم. آنذاك خصص الرئيس الاميركي مبلغ 105 مليارات دولار لاعادة اعمار ما دمّره الاعصار. وبما ان الملايين خسروا وظائفهم ومرتباتهم امتنعت الحكومة عن جمع الضرائب، وخصصت مبالغ للمتضررين بمثابة تعويض بدلا من مرتباتهم. وقامت الحكومة بايجاد 600 الف فرصة عمل للذين خسروا وظائفهم.
وسنة 2011، ضرب اعصار "ايرين" مدينة نيويورك، وكانت السلطات قد انشأت حوالي 90 ملجأ في كافة ارجاء المدينة تتسع لمئة الف شخص، وقامت باخلاء مليوني شخص من منازلهم. ووزعت وزارة الدفاع حمولة 200 سيارة تحوي مواد الامدادات اللوجستية على المناطق المتضررة كما حشدت 100 الف جندي للتدخل عند الضرورة. وبعد انتهاء الاعصار خصّصت السلطات مبالغ لمساعدة الضحايا.
في العام 2012، ترك اعصار "ساندي" اكثر من 5 ملايين شخص في الظلام اضافة الى خسائر مادية قدرت بالمليارات. وخصّصت السلطات مبالغ للتعويض على المتضررين وايجاد مأوى للذين خسروا منازلهم.

أوروبا

اما في اوروبا، فالامر سيان، اذ تقوم الدول بالتعويض على المتضررين جراء الاعاصير والعواصف القوية. في العام 2013، على سبيل المثال، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حالة طوارئ ووضع كل امكانات الدولة للتعامل مع الآثار المترتبة جراء العاصفة الثلجية التي ضربت البلاد واودت بحياة العشرات بسبب شدة الصقيع. كما اعلن رئيس الوزراء وضع كل الوزارات الخدماتية في خدمة امن وحركة المواطنين. وبعد انتهاء العاصفة خصصت المؤسسات الحكومية مبالغ للتعويض على المواطنين ومواجهة تبعات العاصفة.
وبسبب اعصار قوي ضرب عدداً من دول اوروبا الغربية عام 2013، خاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا وهولندا، لقي ما لا يقل عن 13 شخصاً مصرعهم، ما اضطر هذه البلدان لاعلان حالة الطوارئ. وسرعان ما قامت شركات التامين بتعويض الخسائر اضافة الى قيام الحكومات بتخصيص مبالغ خاصة لمساعدة المتضررين.
كذلك الامر بالنسبة لاعصار "غونزالو" الذي ضرب 3 دول اوروبية هي المانيا والنمسا وسويسرا حيث تم اجلاء مئات الآلاف من منازلهم.
كل هذه التجارب عن كيفية احتواء الدول المتقدمة للكوارث الطبيعية والتعويض على المواطنين المتضررين، تدفع اي شخص من خارج هذه الدول للتساؤل عن مصيره ومصير املاكه في مواجهة الطبيعة وما قد تسببه من كوارث، فأين نحن في لبنان من كل ما تقدم؟