أصدر قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر أمس قراراً قضى بـ»الترخيص بمتابعة الأعمال في مشروع جمع الفائض الشتوي في نبع الطاسة». القرار أطاح قراراً سابقاً لمزهر صدر في 28 أيلول الماضي، طلب فيه وقف الأشغال في المشروع بناءً على طلب مقدّم من الدائرة القانونية لجمعية «الشعب يريد إسقاط النظام». لكن القرار الجديد ربط استكمال المشروع الذي تنفذه «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي»، بالالتزام بتوصيات تقرير الخبير حسان صفا. وفي نسخة اطّلعت عليها «الأخبار»، يشترط صفا «تقييم الأثر البيئي لأن المشروع يندرج تحت عنوان مياه الشفة، ويقام على مجرى النهر الذي يعدّ بيئة حساسة». كما أوصى صفا بمراقبة الالتزام بدراسة الأثر البيئي خلال تنفيذ الأشغال بعد نيل موافقة وزارتَي البيئة والطاقة والمياه «خوفاً من أن تتضرّر الينابيع التي تشكل نبع الطاسة بفعل تدفق الأتربة والصخور في حال تدفق مياه الأمطار والفائض من الخزان، وخصوصاً أن المنطقة تعدّ متنفساً للأهالي للتنزّه وتستخدم مياه المجرى في ريّ المزروعات على ضفتَيه». لكن صفا أشار من معاينته الميدانية، إلى أن «الحوض الجاري بناؤه لا يمكن أن يتغذّى إلا من الفائض الشتوي حصراً بكمية قدرة تصريف لا تتجاوز 16 ألف متر مكعب يومياً بحسب قدرة خط التصريف المنفذ فقط داخل الحوض. أما مصادر المياه الأخرى، فإنها تصبّ واقعياً في النهر ولا يمكن تحويلها بحسب الواقع الهندسي الجاري تنفيذه إلى داخل الحوض الذي تقتصر تغذيته فقط من الفائض الشتوي، ويفرغ حكماً في غضون عشر دقائق فور توقف هذا الفائض نتيجة سعته التي لا تتجاوز 80 متراً مكعباً».لكن القرار القضائي بالإفراج عن الفائض الشتوي أمس لا يعني استئناف الأشغال اليوم. فالموقع لا يزال مقفلاً بانتظار بتّ وزارة البيئة الدراسات التي تؤكد التزام المشروع بعدم التسبّب بالضرر البيئي. وفي حديث إلى «الأخبار»، لفت المدير العام للمؤسسة وسيم ضاهر إلى أن «مياه الجنوبي ترسل، على مراحل، الدراسات إلى وزارة البيئة التي ما إن توافق على الأولى حتى نرسل دراسة المرحلة الثانية وفق ما تنصّ عليه أصول تقييم الأثر البيئي الواردة في المرسوم الرقم 8633 الصادر عام 2012». وفي هذا السياق، أرسلت المؤسسة في 24 أيار الماضي دراسة تصنيف المشروع. وفي 28 تموز الماضي، وافق وزير البيئة ناصر ياسين عليها وطلب من المؤسسة إعداد دراسة تحديد نطاق تقييم الأثر البيئي. الدراسة الثانية هي التي تعكف الوزارة على دراستها بعدما تسلمتها بداية تشرين الأول الجاري. «وما إن توافق الأخيرة عليها، حتى ترسل المؤسسة دراسة الأثر البيئي» قال ضاهر. وبهدف شرح مراحل المشروع وأهدافه، اجتمع ضاهر يوم الجمعة الماضي مع ياسين بحضور المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، ورئيس اتحاد بلديات إقليم التفاح بلال شحادة. ونقل ضاهر عن ياسين «سعيه للبتّ سريعاً بالدراسات لتسريع تنفيذ الأشغال قبل فصل الشتاء في حال ثبتت الإفادة منه للطبيعة والناس معاً».
الموقع لا يزال مقفلاً بانتظار بتّ وزارة البيئة دراسات الأثر البيئي


لكن ماذا عن المعترضين الذين انتصروا في الجولة الأولى وتمكنوا من توقيف الأشغال؟ في حديث إلى «الأخبار»، أبدت نائبة رئيسة جمعية «نداء الأرض» نجاة فرحات «تخوفها من تعرّض أصحاب القرار للضغوط بعدما تعرّض بعض الناشطين والمواطنين للضغوط والتهديدات لكي يقلعوا عن المشاركة في التحرّكات الرافضة للمشروع». فرحات التي كانت جمعيّتها من قادت حملات الاعتراض، أكدت أن التحركات لن تتوقف «لأن مطلبنا كان إبطال المشروع كلياً وليس الطلب من المؤسسة الالتزام بمعايير بيئية. فمن يضمن الرقابة على التنفيذ؟». قبل أسبوع، نظمت الجمعية وعدد من الناشطين وقفة احتجاجية أمام مقرّ منظمة اليونيسيف في لبنان، مموّلة المشروع. ومن المنتظر اليوم أن يجتمع وفد منهم بياسين، يرافقهم خبير بيئي قام بجولة ميدانية على الأشغال الجارية.
إشارة إلى أن مشروع جمع الفائض الشتوي من نبع الطاسة في سفح بلدة جرجوع (قضاء النبطية)، ينقسم إلى قسمين، بحسب شروحات «مياه لبنان الجنوبي»: الأول إعادة تأهيل منشآت المؤسسة الواقعة على النبع والمتضرّرة بفعل الزمن والقصف الإسرائيلي خلال عدوان تموز. والثاني إنشاء قناة مائية لأخذ كمية فائضة من مياه الأمطار بنسبة حوالي 6% (16 ألف متر مكعب من أصل 350 ألفاً) عبر فتحات الفائض وإعادة القسم المتبقي إلى مجرى نهر الزهراني.