القاهرة | على رغم أن الحكومة المصرية كانت تنوي الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، التي شُيّدت بأمر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قلب الصحراء عام 2016، منذ عام 2020، إلّا أن هذه الخطوة لم تتحقّق إلّا بشكل جزئي قبل نحو 3 أشهر لأسباب عدّة. وما أخّرها هو التباطؤ في معدّلات التنفيذ، وارتفاع التكلفة، والتأخّر في بناء مساكن الموظفين الذين يُفترض أن يعملوا من المقرّ الجديد للحكومة، بعدما تَقرّر إخلاء مقرّات الوزارات في وسط القاهرة لعرضها للبيع والاستثمار، في مقابل بناء أخرى أكبر وأحدث وأكثر فخامة في قلب الصحراء.في مقرّ العاصمة الإدارية، جرى إنشاء الحيّ الحكومي الذي يضمّ مبانيَ لمختلف الوزارات، بعضها كان عبارة عن طابق أو طابقَين قبل أن يصبح من عدّة طوابق على غرار وزارة شؤون مجلس النواب، أو مقرّ مجلس الوزراء الذي أصبح أكثر فخامة من ذلك الموجود في شارع القصر العيني حالياً. ويَجمع هذا الحيّ مختلف الوزارات، باستثناء الدفاع والداخلية، وقد أُوصلت إليه جميع الخدمات، مع البدء في عمليات تجهيز الفرش وتأثيث المكاتب، لتسريع عملية الانتقال التي بدأت في آذار الماضي. لكنّ المشكلة التي تواجه الحكومة الآن، لا تقتصر فقط على رفض عدد ليس بالقليل من الموظفين مغادرة أماكن إقامتهم والانتقال إلى جوار مقارّ أعمالهم، وإنما تشمل أيضاً نقص الخدمات وقصور جاهزية المكاتب.
ووفق دراسات قُدّمت إلى رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، فإن تكلفة العمل بالطاقة القصوى من المقرّات الجديدة للوزارات، ستكون أعلى بكثير من كلفة استمراره في المقرّات الحالية، أو تنفيذه عن بعد، وهو ما سيحمل الحكومة على إتاحة سياسة العمل من المنزل. ومن المنتَظر أن تتوسّع الحكومة في هذه السياسة مع بداية العام المقبل، بعدما بدأت تطبيقها تجريبياً على كلّ من وزارة الاتصالات والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، واللذين يواجه موظّفوهما مشكلات حقيقية في الانتقال إلى مقرّاتهما الجديدة من دون أبنائهم وعائلاتهم، في ظلّ صعوبات التنقّل، وعدم وجود مدارس جاهزة لاستقبال الطلاب.
تكلفة العمل من المقرّات الجديدة للوزارات ستكون أعلى بكثير من كلفة استمراره في المقرّات الحالية


وبات المشهد اليومي لانتقال الموظفين بسيّارات من قلب القاهرة إلى مقرّات العمل في العاصمة الإدارية، عبئاً يومياً على مخارج العاصمة ومداخلها، بسبب عدم استكمال مشروعات الطرق التي كان يُفترض إنهاؤها في الفترة الماضية، ومن بينها المونوريل، فضلاً عن مراهنة الحكومة على سكن الموظفين في المباني الجديدة المخصّصة لهم والتي لا تزال شبه خاوية. ومع تصاعد المخاوف من فشل نظام العمل عن بعد في عدّة قطاعات، في ظلّ الروتين المعتاد، والتعقيدات التي تستلزم الحضور شخصياً، فإن عملية التقييم المفترَضة لهذا النظام بعد 6 أشهر من تطبيقه ستكون هي الفيصل من وجهة نظر الحكومة، التي ستتّجه بالموظّفين المحدودين الذين جرى نقلهم ليكونوا معها في الساحل الشمالي خلال الصيف، حيث تدار أعمال الدولة المصرية من الحيّ الحكومي في مدينة العلمين الجديدة، والتي أنشئت بقرار من السيسي أيضاً.
وإذ بدأ العمل، بالفعل، بعدّة مشروعات في العاصمة الإدارية الجديدة، مِن مِثل فروع بعض الجامعات الدولية، وعدد من المحالّ التجارية التي افتُتحت لخدمة السكان، فإن ذلك لم يدرأ صعوبات التنقّل منها وإليها لإنهاء الأوراق اللازمة من المؤسّسات الحكومية. ومع هذا، فقد انتقل رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، من مسكنه في الشيخ زايد ليقيم بالقرب من العاصمة الإدارية في فيلا فارهة، بينما ينتظر معظم الموظفين تسلّم شققهم السكنية التي ستُخصم من رواتبهم أقساطها خلال الفترة المقبلة، على رغم أن كثيرين منهم سيعزفون عن الانتقال إلى شقق أُنفقت عليها مئات ملايين الدولارات.